وزارة المال تراسل الجهات المُقرِضة.. وتطلب الدعم الدولي

 أرخت الحرب الإسرائيلية بثقلها على الاقتصاد اللبناني الرازح أصلاً تحت تداعيات انهيار مالي ونقدي تاريخي، فأنهكت مقوّماته ونخرت إمداداته... الأمر الذي دفع بالقطاع الخاص كعادته إلى شدّ أحزمة الصمود وجبه التحديات على أشدّها... أما الدولة فلجأت إلى خيار الاستنجاد بالدعم الدولي على وقع تراجع إيرادات الخزينة العامة إلى أقل من النصف تقريباً، وبات ثقل التمويل يتركّز على الإيرادات الجمركية وحدها دون سواها.

مصادر وزارة المال تؤكد لـ"المركزية" هذه الوقائع، وتُشير إلى "انخفاض واردات الخزينة العامة منذ بداية الحرب الإسرائيلية على لبنان ولا تزال في منحى تراجعي حتى اليوم"، عازية ذلك إلى "إقفال الدوائر العامة في المناطق المستهدَفة من جهة، والنزوح الكثيف من تلك المناطق من جهةٍ أخرى، حيث باتت أولوية المواطنين تأمين مسكَن والحدّ الأدنى من مقوّمات العيش، وليس تسديد المتوجبات المفروضة عليهم من الرسوم والضرائب! لذلك بات من الطبيعي أن تتراجع إيرادات الدولة".

وتكشف المصادر عن "إجراءات اتخذتها وزارة المال قبل نحو عام من احتدام الحرب، وهذه الإجراءات حققت وفراً ملحوظاً للخزينة العامة استخدمته لتسديد التزاماتها من المستحقات المتوجّبة عليها، من رواتب ومعاشات القطاع العام إلى الأموال المرصودة لميزانيات الوزارات في الموازنة العامة...إلخ، لكنها سرعان ما حوّلت بوصلة صرف هذا الوفر باتجاه أولوية دعم خطة الإغاثة والشؤون المعيشية والصحيّة.

وتُضيف: أما في حال طال أمد الحرب واستمرّت الإيرادات في التراجع، عندها من الطبيعي أن تطلب وزارة المال من الدول المانحة رفدها بالمساعدة في تغطية تمويل الأنشطة الإغاثية والصحيّة التي تقوم بها الوزارة.

..."هذا الخيار لا بدّ منه إذا ما ساءت الأوضاع الأمنية أكثر وامتدت لفترة أطول، وبالتالي نَفَدَ الوِفر المُحَقّق" تقول مصادر وزارة المال.

مراسة الجهات المانحة

وعن مراسلة وزير المال الجهات المُقرضة لإرجاء استحقاق الدين المتوجّب على الدولة اللبنانية، تُجيب المصادر: منذ استعار الحرب الإسرائيلية على لبنان وبدء النزيف الاقتصادي الذي كانت وزارة المال متخوّفة منه ومتحسِّبة له، عمد الوزير يوسف الخليل إلى مراسلة الجهات والدول المُقرِضة كي تأخذ في الاعتبار الظروف الصعبة والأوضاع الدقيقة التي يمرّ بها لبنان، وبالتالي استيعاب أي تأخير قد يصدر عن لبنان في تسديد مستحقاته لها، من دون أن  ترتّب عليه فوائد عالية في هذه الحالة...

وتكشف المصادر في السياق، أن "الردود بدأت ترِد إلى الوزارة، وأبرزها من "الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي" مقرّه الكويت والذي أبدى في كتاب الرّد، كل الاستعداد والتجاوب مع كتاب وزارة المال وأكد تفهّمه للظروف التي يمرّ بها لبنان، مُعلناً كامل دعمه لمساعدته على الصمود". 

حتى اللحظة لا تزال وزارة المال تنتظر ردود الدول والجهات المانحة الأخرى، وهي متفائلة في أنها ستكون "إيجابية".