المصدر: رويترز
الجمعة 13 كانون الاول 2024 10:27:11
لم تكد تمر ساعات قليلة بعد سقوط بشار الأسد حتى بدأ بعض الساسة الألمان في الحديث عن أن الوقت قد حان كي يفكر مليون سوري يعيشون في ألمانيا، وصل الكثير منهم كلاجئين في 2015، في العودة إلى ديارهم.
لكن كثيرا من هؤلاء السوريين أسسوا حياة في ألمانيا وليس لديهم أي نية للعودة. وبدأت أصوات أرباب الأعمال والنقابات واتحادات الصناعات تعلو مذكّرة بمدى الحاجة إليهم في الاقتصاد الألماني الذي يواجه نقصا حادا في العمالة.
وقال أولريش تيمبس المدير العام لشركة للدهانات والورنيش "إخبار أشخاص يعملون بأن عليهم العودة إلى سوريا أمر غير مفهوم بالنسبة لي على الإطلاق".
وقال تيمبس لوكالة "رويترز" متحدثا عن 12 سوريا ضمن القوة العاملة لديه وتضم 530 شخصا على مستوى البلاد "لقد أخذنا على عاتقنا مهمة تدريبهم وتحويلهم إلى عمال مهرة".
ومن بين هؤلاء محمد رضا توتنجي، الذي جاء إلى ألمانيا في تشرين الثاني 2015 كلاجئ سوري. ويعيش الآن في مدينة هانوفر في الشمال مع زوجته، التي انضمت إليه لاحقا عبر برنامج للم شمل الأسر، وأطفالهما الثلاثة.
وأضاف رضا توتنجي الذي كان قد أنهى للتو دراسته الثانوية عندما غادر سوريا "لقد اندمجت هنا في ألمانيا وأكملت تدريبي هنا. وأرى مستقبلي هنا".
وكان قرار المستشارة السابقة أنغيلا ميركل في عام 2015 باستقبال أكثر من مليون طالب لجوء معظمهم من سوريا مثيرا للجدل في حينه في ألمانيا، ورأى البعض أنه ساهم في صعود نجم حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف.
ومنذ ذلك الحين، استقبلت ألمانيا أيضا أكثر من 1.2 مليون لاجئ من أوكرانيا، في وقت من المتوقع أن ينكمش فيه اقتصادها عام 2024 للعام الثاني على التوالي ليكون الأسوأ أداء بين دول مجموعة السبع.
وتمثل الهجرة الآن ثاني أكبر المخاوف إلحاحا بالنسبة للألمان قبل الانتخابات الاتحادية في شباط (فبراير) 2025، بعد الاقتصاد.
وفي محاولة للحد من جاذبية اليمين المتطرف، اقترح بعض الساسة الألمان دفع تكاليف رحلات عودة السوريين إلى وطنهم. وفي الوقت نفسه، جرى تعليق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين.
وقال فريدرش ميرتس الذي قد يصبح المستشار الألماني القادم إن سقوط الأسد قد يكون فرصة لعودة السوريين، لكن من السابق لأوانه اتخاذ أي قرار.
ورغم أن هناك نحو 500 ألف شخص لا يعملون، من بينهم أمهات وأطفال، فقد ساعد السوريون في تخفيف الضغوط العمالية التي، وفقا لغرفة التجارة والصناعة الألمانية، جعلت نصف الشركات تواجه صعوبة لشغل الوظائف الشاغرة.
ويعمل نحو 43 ألف سوري في قطاع التصنيع الذي كان يشكل منذ فترة طويلة محركا رئيسيا للنمو حتى التباطؤ الأخير. ومن بين هؤلاء صلاح صادق مطور البرامج لدى شركة كونتننتال لتوريد السيارات والمعدات الصناعية.
وقال صادق الذي حصلت زوجته على الدكتوراه في ألمانيا إن أطفاله سيضطرون إلى تغيير اللغة والنظام التعليمي إذا عادوا.
ولم يستبعد العودة إلى مدينته دمشق مطلقا، لكنه أضاف "نحتاج إلى خمس سنوات على الأقل للحصول على مزيد من الوضوح بشأن الوضع في سوريا".
وتظهر بيانات معهد أبحاث التوظيف، وهي مؤسسة بحثية، أنه كلما طالت فترة تواجد الشخص في ألمانيا زادت احتمالية حصوله على وظيفة، ليصل معدل التوظيف إلى أكثر من 60 بالمئة لأولئك الذين مر على بقائهم أكثر من ست سنوات.
كما أنهم يصبحون أقل رغبة في المغادرة، ويصبح الدور الذي يلعبونه في الاقتصاد المحلي والمجتمع أكثر وضوحا.
وقالت سوزي موبيك مفوضة الاندماج بولاية ساكسونيا أنهالت في شمال شرق ألمانيا "لا ينبغي أن نخاطر بالنجاحات التي تحققت في الاندماج. فالشركات والعيادات ومرافق الرعاية تعتمد على العمال السوريين".
ويعمل في المستشفيات الألمانية نحو عشرة آلاف سوري، مما يجعلهم أكبر مجموعة من الأطباء الأجانب في ألمانيا، بحسب الجمعية السورية للأطباء والصيادلة في ألمانيا.
وقال جيرالد جاس رئيس اتحاد المستشفيات الألمانية "إذا غادرت أعداد كبيرة من البلاد، فلن تنهار خدمات الرعاية الصحية، ولكن ستكون هناك فجوات ملحوظة".
وفي إحدى المجموعات على موقع فايسبوك للأطباء السوريين في ألمانيا، أظهر استطلاع سريع للرأي أُجري يوم سقوط الأسد أن 74 بالمئة من 1200 مشارك قالوا إنهم يفكرون في عودة دائمة. وأظهر استطلاع أُجري بعد ثلاثة أيام أن 65 بالمئة من 1159 مشاركا قالوا إن العودة ستتوقف على الظروف في البلاد.
وعندما سمعت ساندي عيسى، وهي طبيبة نسائية تبلغ من العمر 36 عاما وتعمل في إحدى عيادات برلين، بسقوط الأسد تمنت لو أنها قادرة على الاحتفال في مدينتها حمص.
وختمت: "نريد أن نكون في بلدنا، لكن فيما يتعلق بالتفكير في العودة بشكل دائم... أعتقد أنه من السابق لأوانه للغاية".