المصدر: المدن
السبت 19 نيسان 2025 01:17:30
وصل عضوا الكونغرس الأميركي، الجمهوريان كوري ميلز (عن ولاية فلوريدا)، ومارلين ستاتزمان (عن ولاية إنديانا)، صباح اليوم الجمعة، إلى العاصمة السورية دمشق، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ الإطاحة بنظام المخلوع بشار الأسد.
وتحمل هذه الخطوة السياسية مؤشرات مبكرة على تغيّر المزاج داخل بعض أوساط الحزب الجمهوري تجاه مستقبل العلاقة مع سوريا.
ونُظّمت الزيارة بدعوة وتمويل من "منظمة التحالف السوري الأميركي من أجل السلام والازدهار" (SAAPP)، ولا تحمل صفة رسمية من الحكومة الأميركية، لكنها جرت بترتيب مباشر مع جهات في الإدارة الأميركية التي طلبت لاحقاً من الوفد تقديم إحاطة مفصّلة بعد عودته لتقييم الوضع الميداني وإمكانية تخفيف العقوبات تدريجياً.
زيارة مستقلة تحمل رسالة سياسية
وأوضح جورج اصطيفو، العضو في "التحالف السوري الأميركي من أجل السلام والازدهار" والمرافق للوفد الزائر، في تصريح لـ"المدن"، أن الزيارة تمثّل محاولة لفتح قناة تواصل مع الحكومة السورية الجديدة، وتندرج ضمن مقاربة جديدة تعتمدها المجموعة.
وقال اصطيفو إن "المجموعة التي نظّمت هذه الزيارة هي نفسها التي عملت طويلاً على دعم قانون قيصر بهدف محاسبة نظام الأسد على الجرائم التي ارتكبها. لكن بعد سقوط النظام في كانون الأول 2024، أعدنا تنظيم جهودنا، وأصبح هدفنا اليوم هو رفع العقوبات تدريجياً، بدءاً من قانون قيصر، ثم العقوبات الأخرى التي تعود بجذورها إلى العام 1979".
وأكد أن المجموعة تعمل على رفع العقوبات بشكل تدريجي وتسعى إلى توسيع الاستثناءات التي منحتها واشنطن لمناطق الإدارة الذاتية شمال شرق سوريا، لتشمل مناطق أوسع من البلاد، بالإضافة إلى إعادة تفعيل الاستثناءات الإنسانية المؤقتة التي فُعلت عقب زلزال فبراير/شباط 2023.
وأضاف: "نحن نتحرك في ظل غياب أي نقاش أميركي جدي حول رفع كامل للعقوبات، لذا نركّز حالياً على التخفيف التدريجي والمنهجي للعقوبات، مع إعطاء الأولوية لقانون قيصر لما له من أثر مباشر على الحياة الاقتصادية والمعيشية للسوريين".
وأشار إلى أن التحالف أجرى خلال الأشهر الماضية لقاءات مع مسؤولين في الكونغرس، ووزارة الخارجية، والبيت الأبيض، ومجلس الشيوخ، وتمكن من إقناع النائبين كوري ميلز ومارلين ستاتزمان بزيارة دمشق على مسؤوليتهما الشخصية، بعد رفض الحكومة الأميركية السماح بأي زيارة رسمية لوفود من الكونغرس.
لقاء مع الرئيس أحمد الشرع
وعقد الوفد الأميركي اجتماعاً مع الرئيس السوري أحمد الشرع، في أول لقاء رسمي بين وفد من الكونغرس والإدارة السورية الجديدة، بمشاركة وزير الخارجية أسعد الشيباني.
وضم الاجتماع الأول النائب كوري ميلز، والدكتور طارق نعيمو، وعليا نطفجي، وعبد الحميد العاقل، والدكتورة ريم البزم، فيما سيلتقي باقي أعضاء الوفد غداً مع الرئيس الشرع.
وتناول اللقاء ملفات تتعلق بمصير العقوبات الأميركية، وآليات إعادة الإعمار، والدبلوماسية الإقليمية، وسط تأكيد دمشق على رغبتها في علاقات متوازنة مع واشنطن من دون وصاية أو تدخل خارجي.
ميلز: دعونا نجعل سوريا عظيمة مجدداً
وقال النائب كوري ميلز، وهو عضو في لجنتي الشؤون الخارجية والدفاع في الكونغرس، في تسجيل مصور من الطائرة: "يشرفنا أن نكون هنا. نتطلع إلى سوريا حرة وديمقراطية تبني علاقات اقتصادية وتجارية مع الولايات المتحدة. وكما نعمل على جعل أميركا عظيمة مجدداً، دعونا نجعل سوريا عظيمة مجدداً أيضاً".
جولة ميدانية: دمار جوبر وصيدنايا في الذاكرة
وزار الوفد حي جوبر في ريف دمشق، أحد أكثر المناطق تضرراً خلال الحرب، حيث عبّر أعضاء الوفد عن ذهولهم من حجم الدمار، واصفين المشهد بأنه "فظيع" و"يفوق التصور".
ويتضمن البرنامج زيارة مرتقبة إلى سجن صيدنايا، الذي ارتبط بفظائع حقوقية ارتكبها نظام الأسد، حيث يُتوقع أن يطلع الوفد على واقع المعتقلات السابقة وأثرها على مستقبل المصالحة الوطنية.
البطريرك أفرام الثاني يرفض الحماية
وزار الوفد كنيسة السريان الأرثوذكس في باب توما بدمشق، حيث التقى البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني، في حضور المطران مار يوسف بالي، في لقاء حمل بعداً لاهوتياً وسياسياً واضحاً.
وفي كلمة ألقاها أمام الوفد، قال البطريرك أفرام الثاني، إن "الشعب السوري بجميع أطيافه يريد رفع العقوبات ورؤية بلده يزدهر. نحن لا نحتاج إلى حماية خارجية كمسيحيين. نعيش معاً كسوريين أولاً، ومسيحيين ثانياً، ونريد احترام كل السوريين واحترام ثقافتهم". وأضاف: "نرفض كلياً التصريحات التي أطلقها نائب الرئيس الأميركي دانس عن حماية المسيحيين. هذه الرؤية لا تمثلنا ولا تعكس واقعنا".