يستخدمها الروس "حصنا" وقاعدة هجوم.. مخاوف من كارثة بسبب أكبر محطة نووية أوروبية

يتصاعد القلق بشأن المخاطر التي تحيط بأكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، والتي دخلت دائرة الصراع الجاري في أوكرانيا، منذ احتلال القوات الروسية لها.

 

وتتمثل المخاوف الحالية بشأن محطة زابوريجيا في أن القوات الروسية باتت تستخدمها "حصنا" و"درعا" في شن هجمات ضد القوات الأوكرانية، ما ينذر بحدوث تسربات إشعاعية تهدد المنطقة والعالم، وفق ما جاء في تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.

 

ويشير التقرير إلى مدينة نيكوبول، الواقعة في منطقة دنيبروبيترفسك في جنوب البلاد، التي تبعد 80 كيلومترا فقط من جنوب غرب زابوريجيا.

 

وسبق أن اتهم رئيس الشركة الحكومية الأوكرانية المشغلة لمحطات الطاقة النووية، الجيش الروسي بنشر قاذفات صواريخ في موقع المحطة لإطلاق النار خصوصا على منطقتي نيكوبول ودنيبرو.

 

وسقطت أكبر محطة نووية في أوكرانيا بأيدي الروس، مطلع مارس، بعد بدء الغزو في 24 فبراير الماضي. وخشية حدوث كارثة تهدد حياتهم، يفر السكان يفرون من نيكوبول بشكل متواصل.

 

"عقبة" أمام الجيش الأوكراني

وتقول نيويورك تايمز إنه بينما يستعد الجيش الأوكراني لهجوم مضاد كبير على القوات الروسية، فإنه يواجه "عقبة جديدة ومثيرة للقلق"، وهي هذه المحطة التي حولها الجيش الروسي إلى حصن.

 

وتقع نيكوبول على الضفة الغربية لنهر دنيبرو. وعلى الضفة المقابلة توجد محطة الطاقة التي يستخدما الروس لشن هجمات.

 

وقال مسؤولون عسكريون، ومدنيون، أوكرانيون إن الروس يطلقون النار مستخدمين المحطة "غطاء"، منذ منتصف يوليو، على نيكوبول وأهداف أخرى.

 

وفي المقابل، لا يستطيع الأوكرانيون الرد باستخدام أنظمة الصواريخ المتقدمة "هيمارس" التي قدمتها الولايات المتحدة، والتي أثبتت فعاليتها ضد المدفعية الروسية في أماكن أخرى، خشية ضرب المفاعلات أو النفايات عالية الإشعاع المخزنة.

 

وقال أولكسندر سايوك، رئيس بلدية نيكوبول: "إنهم يختبئون هناك حتى لا يتعرضوا لضربات. وإلا لماذا يتواجدون في محطة الكهرباء؟ استخدام مثل هذا الشيء كدرع أمر في غاية الخطورة".

 

وتؤدي الهجمات من المحطة النووية إلى تعقيد خطط أوكرانيا في الجنوب، الذي أصبح نقطة محورية للحرب مع تباطؤ التقدم الروسي في الشرق.

 

ومنذ أكثر من شهرين تعمل أوكرانيا على شن هجوم مضاد على الضفة الغربية لنهر دنيبرو، بهدف تحرير مدينة خيرسون. وباستخدام نظام "هيمارس"، تسعى أوكرانيا إلى إضعاف المواقع الروسية وقطع خطوط الإمداد.

 

ودمرت الهجمات الصاروخية هذا الشهر طريقا وجسورا للسكك الحديدية تستخدمها القوات الروسية لإعادة الإمداد على الضفة الغربية بالقرب من خيرسون.

 

لكن المحطة النووية باتت تشكل "مأزقا" بعد أن بدأت القوات الروسية، قبل ثلاثة أسابيع فقط، في استخدامها لشن ضربات بالمدفعية، عندما ظهر نظام "هيمارس" في ساحة المعركة، وفق المسؤولين الأوكرانيين.

 

وباستخدام المحطة "درعا" للوقاية من نيران المدفعية الأوكرانية، بات الروس يشكلون تهديدا للقوات الأوكرانية التي تتقدم نحو سد نوفا كاخوفكا على نهر دنيبرو، أحد نقاط العبور المتبقية لإعادة الإمداد.

 

والخيارات الانتقامية للجيش الأوكراني في نيكوبول "محدودة"، وفق التقرير، وأحد الأساليب التي استخدمها هو تنفيذ ضربات دقيقة تتجنب قدر الإمكان خطر إتلاف المفاعلات، مثل الهجوم بمسيرة الذي شنه وألحق أضرارا بأهداف روسية على بعد أمار قليلة فقط من أحد المفاعلات.

 

وقبل أيام، تصاعد عمود من الدخان الأسود على بعد أميال قليلة جنوب المفاعلات، قال الجيش الأوكراني إنه نتيجة استهداف مستودع ذخيرة روسي.

 

وتقول نيويورك تايمز إن تجدد القتال بالقرب من المحطة "يجدد المخاوف من إطلاق إشعاع في بلد به مواقع نووية حساسة وخطيرة، مثل موقع مفاعل تشيرنوبيل، الذي احتلته روسيا في مارس لكنها تخلت عنه بعد ذلك".

 

ونقلت الصحيفة تصريحات مسؤولين تؤكد أن استهداف أحد المفاعلات قد يخاطر بحدوث انصهار أو انفجار قد ينشر الإشعاع في الرياح داخل أوكرانيا وخارجها، مثلما حدث في تشيرنوبيل في عام 1986، أسوأ كارثة نووية في العالم.

 

ويحذر التقرير أيضا من الإرهاق والضغط، الذي يعاني منه موظفو غرفة التحكم في المفاعل، ويقول إن الجنود الروس استجوبوا الموظفون وعذبوهم للاشتباه في قيامهم بالتخريب أو إبلاغ الجيش الأوكراني بالأنشطة  النووية.

 

والموقع النووي في "مأزق تنظيمي نووي" أيضا، إذ سيطر الجيش الروسي على المنشأة، لكن المهندسين الأوكرانيين يديرونه.

 

وهناك مخاوف بين السكان من حدوث كارثة نوية في المنطقة. ويقول رئيس البلدية ، سايوك، إنه لا يمكن فعل الكثير لحماية السكان.

 

وتأتي الضربات الروسية على المنازل على ما يبدو بشكل عشوائي في المنطقة النائية بالمدينة، وتحدث حفرا في الحدائق، وتتسبب في إشعال الحرائق وتفجير النوافذ.

 

ويقول التقرير إن المحطة النووية "تمثل تحديا فريدا لم تضطر أوكرانيا للتعامل معه سابقا في الحرب".

 

وقال الكولونيل سيرهي شاتالوف، الذي يقود كتيبة مشاة أوكرانية تتقدم نحو سد نوفا كاخوفكا، إن المدفعية الروسية هدأت بعد أسابيع قليلة من الغارات الأوكرانية باستخدام "هيمارس" باستثناء الوحدات الروسية في محطة الطاقة النووية،

 

وعن استخدام الروس للمفاعلات "غطاء"، قال: "لا تبحثوا عن العدالة في الحرب، خاصة إذا كنتم تحاربون الروس".