يمشي ثم ينفجر.. مشاهد رعب وفوضى بعد هجمات البيجر

وصف شهود عيان تفاصيل ما حدث أمامهم في شوارع مختلفة بلبنان، جراء تفجيرات طالت أجهزة الاتصال "البيجر" التي ينتشر استخدامها بين عناصر حزب الله، حيث كانت "الدماء على الطرق والناس على الأرض"، في مشاهد اعتبرت امرأة أنها كانت أشبه بـ"يوم القيامة" بسبب الفوضى والرعب.

وقتل 12 شخصًا على الأقل وأصيب ما يقرب من 3 آلاف، عندما انفجرت الأجهزة التي يستخدمها عناصر حزب الله بشكل متزامن.

ونُصبت خيام لاستقبال المتبرعين بالدم في الضاحية الجنوبية لبيروت. وأظهرت مقاطع فيديو جرحى ممددين في الشارع وسط ازدحام مروري، وانفجار في أحد الأسواق، وجرحى على الأرض في أحد المستشفيات.

بدأت انفجارات أجهزة البيجر في حوالي الساعة 3:30 بالتوقيت المحلي (1330 بتوقيت غرينتش) في الضاحية الجنوبية لبيروت وسهل البقاع، وهما من معاقل حزب الله، وفق رويترز.

واستمرت موجة الانفجارات نحو ساعة، وقال شهود من الوكالة وسكان بالضاحية الجنوبية، إنهم استمروا في سماع الانفجارات حتى الساعة 4:30 بالتوقيت المحلي.

وقال شاهد عيان لم يرغب في الكشف عن هويته لأسباب أمنية، لشبكة "سي إن إن" الأميركية: "فوجئنا بكثير من الناس.. الدماء كانت على الطرق والناس ينقلون إلى المستشفيات في سيارات الإسعاف، ولم نكن نعرف ما يحدث".

وأشار إلى أنه ذهب إلى المستشفى لزيارة صديق كان يحمل أحد الأجهزة التي انفجرت، الثلاثاء، مضيفا: "الجهاز لم يكن  يمتلكه المنتمون لحزب الله فقط، بل كان في أيدي الجميع. كان هناك أشخاص يعملون في مجال الأمن يستخدمونه، وأصيبوا أيضًا".

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد أفادت نقلا عن مسؤولين أميركيين وآخرين لم تسمهم، قولهم إن أجهزة النداء اللاسلكية التي انفجرت "صنعتها شركة غولد أبولو التايوانية وفخختها إسرائيل قبل أن تصل إلى لبنان".

وحمل حزب الله إسرائيل مسؤولية التفجيرات، إلا أن الأخيرة لم تعقب حتى الآن.

"يمشي ثم ينفجر"
بعد أن أكدت أنها ليست المنتجة للأجهزة التي انفجرت في لبنان، كشفت شركة "غولد أبوللو" التايوانية، الأربعاء، أنه "تم إنتاجها وبيعها بواسطة شركة باك (BAC)" ومقرها في عاصمة المجر بودابست.

وقال موسى المقيم في الضاحية الجنوبية لبيروت لوكالة فرانس برس، طالبا عدم كشف هويته بالكامل: "طوال حياتي لم أر شخصا يمشي في الشارع.. ثم ينفجر".

وتابع: "زوجتي وأنا كنا في طريقنا للطبيب (...) فجأة رأيت أشخاصا ممدّدين أرضا أمامي".

أما نادر (38 عاما) وهو أحد سكان بيروت، فقد كان في وسط المدينة مع صديق في حوالي الساعة الرابعة مساء (بالتوقيت المحلي)، الثلاثاء، حيث سمع صوت انفجار بجوار سيارة قريبة.

وقال في تصريحات نقلتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية: "اقتربنا ورأينا رجلا في الثلاثينيات من عمره حوله عدد كبير من الأشخاص، وكان ينزف على مقعد السائق".

أوضح نادر أن المصاب كان يعاني من أجل الحديث، وملأت الدماء رأسه والجانب الأيسر من جسده.

وحول تفاصيل ما حدث حينها، قال: "اعتقدت في البداية أن شخصا أطلق النار على السائق، قبل أن أسمع المزيد من الضوضاء والانفجارات في المنطقة، وأدركت حينها أن هناك أمرا ما".

"مثل يوم القيامة"
ووصفت إحدى سكان مدينة صور، إيمان (41)، الوضع في لبنان بشكل عام بعد التفجيرات بأنه مثل "يوم القيامة"، قائلة: "أصيب الناس بالجنون، وهناك دعوات في كل أنحاء البلاد للتبرع بالدم".

وأوضحت في حديثها لهآرتس: "كان الناس يحملون الأجهزة (التي انفجرت) بالقرب من خصرهم، وآخرون يحملونها في أيديهم أو بالقرب من وجوههم، وحينما انفجرت أصيبت تلك الأجزاء من الجسم. وتقول المستشفيات إن هناك إصابات خطيرة".

وتأتي الانفجارات بعد أسابيع من الجهود الدبلوماسية الأميركية لمنع رد إيراني كبير على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، أثناء زيارته لطهران. وقد حملت طهران مسؤولية الاغتيال لإسرائيل وتوعدتها بدفع الثمن.

من جانبه، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، الثلاثاء، أن الولايات المتحدة "لم تكن على علم مسبق، ولم يكن لها أي دور" في الانفجارات المتزامنة.

وقال ميلر للصحفيين إن "ما نقوم به في هذه المرحلة هو جمع المعلومات"، رافضا التعليق على الشكوك الواسعة النطاق في أن اسرائيل "تقف وراء التفجيرات"، وخصوصا أنها تتبادل إطلاق النار بانتظام مع حزب الله المدعوم من إيران منذ بدء الحرب في غزة.

ويقوم وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الأربعاء، بزيارة خاطفة إلى العاصمة المصرية القاهرة، يبحث خلالها الجهود الرامية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية.

وهذه الزيارة العاشرة لبلينكن إلى المنطقة منذ بدأت الحرب بين إسرائيل وحماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) قبل نحو عام. ولن تشمل الزيارة إسرائيل أو أية دولة أخرى، وفق فرانس برس.

ويأمل الوسطاء في إبرام اتفاق هدنة بين الجانبين في غزة، يؤدي إلى وقف التصعيد بين إسرائيل وحزب الله، الذي يقول إن هجماته على إسرائيل تأتي "دعمل لغزة".