يورانيوم منضّب وغازات سامة؟: الجيش لا يملك إمكانيات التحليل

لا يمكن تأكيد أو نفي استخدام إسرائيل اليورانيوم المنضّب في العديد من الغارات على ضاحية بيروت الجنوبية. حجم الدمار وقدرة القنابل والصواريخ على اختراق طبقات المباني السفلية تشير إلى أن الأسلحة المستخدمة فتاكة، وتلك التي يستخدم فيها اليورانيوم المنضب لديها قدرات عالية بإذابة المواد الصلبة والصفائح المدرعة التي تستخدم في التحصينات.

كلمة يورانيوم دفعت المسؤولين إلى التحرك، لكن رائحة الغازات السامة التي تنبعث بعد كل قصف، وحالات الاختناق وسيلان الدموع لم تدفع أي جهة للتحقيق فيها لمعرفة نوعية هذه الأسلحة التي تستخدمها إسرائيل.

نتيجة سلبية لبعض العينات
بعد التداول في وسائل الإعلام اللبناني عن استخدام إسرائيل اليورانيوم المنضّب شعر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالحرج فكلف الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية للكشف على المواقع. لكن اكتشاف نوعية الأسلحة تتم عادة بعد توقف العمليات العسكرية والقصف. ويؤكد مدير الهيئة الدكتور بلال نصولي لـ"المدن" أن الكشف على نوعية الأسلحة عملية معقدة ولا تتم من خلال أخذ عينات من التربة أو مكان القصف كيفما اتفق. بل يحتاج الأمر إلى الوصول إلى الطبقات السفلية حيث انفجر الصاروخ، وذلك بعد رفع الركام، وتجريف الموقع.

ويلفت نصولي إلى أن الهيئة تدرس عينات أخذت من سبعة مواقع، وهناك مواقع أخرى ستؤخذ منها عينات في الضاحية الجنوبية، ويفترض أن تعلن النتيجة النهائية في مؤتمر صحافي. ويؤكد أن عينات من أربعة مواقع من أصل سبع عينات صدرت نتيجتها وهي خالية من اليورانيوم المنضب، من ضمنها الغارة التي أدت إلى مقتل أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله. أما نتيجة باقي العينات فما زالت قيد الفحص. وإلى حد الساعة هناك نحو 15 موقعاً استخدمت فيها أسلحة مصنفة مشبوهة، وستؤخذ عينات من المواقع المتبقية، بعد التمكن من الكشف عليها تباعاً.
ويؤكد نصولي أنه يقوم بإبلاغ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بنتيجة كل عينة. ولن يتم الإعلان عن النتيجة النهائية قبل صدور نتيجة كل العينات. وبغضون عشرة أيام تكون نتائج جميع العينات التي أخذت من المواقع قد صدرت، ويصار إلى عرضها بمؤتمر صحافي.

صعوبة الكشف في بعض المواقع
ووفق نصولي، الجيش اللبناني يحدد المواقع ثم يتحرك المركز لأخذ العينات. بمعنى آخر، لا تؤخذ العينات إلا بعد تحديد الجيش للمواقع الواجب التأكد من نوعية الأسلحة المستخدمة، وفقاً لتقديراته العسكرية.
ويشرح نصولي أن الطريقة الفضلى للكشف والتأكد من نوعية الأسلحة ومدى استخدام اليورانيوم هي الوصول إلى مكان انفجار الصاروخ تحت الأرض. فعلى سبيل المثال لم تتمكن الهيئة من أخذ عينات من المبنى الذي تدمر في محلة الطيونة. فقد تم تصوير المبنى من مختلف الزوايا من المواطنين ومن صحافيين نظراً لأنه كان في وضح النهار. ونوعية الضربة كانت ملفتة. لكن هناك صعوبة في أخذ عينات من المبنى في الوقت الحالي.

الجيش بلا إمكانيات
إلى دراسة عينات من مواقع محددة طالها القصف الإسرائيلي لمعرفة نوعية المواد المستخدمة في الأسلحة، تجري الهيئة فحوصاً على نوعية المواد المتفجرة التي استخدمت في تفجير أجهزة الاتصالات والبايجر، قبل بدء إسرائيل عدوانها الموسع على لبنان منذ أكثر من شهر. وإذ يلفت نصولي إلى أن طبيعة المواد والتفجير مشبوهة وغريبة، رفض الكشف عن أي أمر متعلق بها، مؤكداً أن نتيجة الفحص تسلم للجيش اللبناني، وهو يتصرف بها إذا كان سيعلن عنها أم لا، لأنها مسألة أمنية وعسكرية.
وحول الشكاوى من الروائح الكريهة التي تنتشر بعد الغارات على الضاحية الجنوبية (مختلفة عن روائح البارود) وانبعاث غازات مسيّلة للدموع وتنشقها يسبب ضيق نفس وسعال، أكد نصولي أنه لم يسمع حتى تاريخه من أي معني عن إجراء تحاليل لتلك الغازات التي تنتشر نتيجة الانفجارات. ويفترض بهذا الشأن الاعتماد على خبرة الجيش اللبناني.
لكن مصادر عسكرية أكدت لـ"المدن" أن "الجيش لم يقم بأي تحاليل لأي شيء لأن ليس لديه الإمكانيات للقيام بذلك".