أندريه أبو معشر: بعدان إستراتيجيان ترتكز عليهما إسرائيل في هجماتها الأخيرة

في قراءة عسكرية جيوسياسية شاملة، عزا العميد الركن الطيار المتقاعد أندريه ابو معشر رئيس الهيئة التنفيذية لمركز الولاء للوطن للبحوث والدراسات في حديث إلى «الأنباء»، أسباب الهجمات الإسرائيلية اليومية الأخيرة على ««حزب الله»، إلى تمسك إسرائيل ببعدين أساسيين تعتبرهما استراتيجيين في سياق مشروعها التوسعي في لبنان والمنطقة.

وحدد أبو معشر البعدين بالآتي:

«البعد الترهيبي، ويقضي باغتصاب الفكر المقاوم لدى «حزب الله»: وبيئته الحاضنة. وتحاول إسرائيل من خلاله ترسيخ الخوف والهلع في أذهانهم من شر مستطير سيطول لا محال قادتهم وقراهم ومنازلهم وحقولهم الزراعية، في حال تجرأوا على مقاومتها أو حتى رميها ولو بحجر.

البعد الجيوسياسي، ويقضي بتأهيل الأرض وتهيئة الأجواء تمهيدا لتحقيق هدفها الرئيس، الا وهو انشاء منطقة عازلة تضمن استحالة التوغل في شمال الكيان الإسرائيلي. وهذا ما أكد عليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في كلامه عن وجوب معالجة تقارب الحدود بين إسرائيل من جهة، وكل من لبنان وسورية من جهة ثانية».

وأضاف أبو معشر: «لا يوجد حتى الساعة أي رادع سياسي كان أو عسكري أو أخلاقي، قادر على فرملة المشاريع والمخططات الإسرائيلية في لبنان والمنطقة، خصوصا في ظل الدعم الأميركي الكامل وغير المشروط للكيان الصهيوني، بالتوازي مع مقاربة الاتحاد الأوروبي للغطرسة الإسرائيلية بخفة وتساهل، الأمر الذي جعل المنطقة متروكة لمصيرها في مواجهة المشاريع الإسرائيلية».

وردا على سؤال، قال ابو معشر: «صرحت حكومة الكيان الإسرائيلي قبيل بدء العمليات العسكرية البرية في جنوب لبنان، بانها لا تعارض انتاج حل ديبلوماسي يقضي بإخراج حزب الله من منطقة جنوب الليطاني وتطبيق القرار الأممي 1701. الا انها بدلا من ان تتعاطى بإيجابية مع خروج مقاتلي الحزب من المنطقة المذكورة وانتشار الجيش اللبناني فيها، بادرت إلى تطبيق اتفاق وقف طلاق النار بقدراتها العسكرية في سياق تنفيذها للبعدين المذكورين أعلاه، علما ان العهد الجديد في لبنان رئاسة وحكومة أكدا في كل من خطاب القسم والبيان الوزاري على حصرية السلاح بيد الدولة وبسط الجيش اللبناني نفوذه على كامل الأراضي اللبنانية».

وتابع: «ما يزيد الأمور تعقيدا، هو ان حزب الله غير مقتنع بتطبيق القرار الدولي 1701 واتفاقية وقف إطلاق النار خارج منطقة جنوب لبنان، في وقت يطالب فيه خصومه السياسيين تطبيقه ونزع السلاح جنوب وشمال الليطاني ولو اقتضى ذلك بالقوة، مع الإشارة إلى ان رئاسة الجمهورية تقف حكما بين الجهتين المذكورتين، وفي يدها آلية حل سلمي مثالي قوامه استراتيجية الأمن الوطني التي تنبثق عنها الاستراتيجية الدفاعية. الا ان الأميركي أبدى مؤخرا ولو بطريقة غير مباشرة، امتعاضه من هذا الحل انطلاقا من رغبته بأن يبادر الجيش اللبناني إلى تنفيذ عملية نزع السلاح بعيدا من أي نقاش أو حوار لبناني داخلي في هذا المقام».

وعن استشرافه لما قد تنتهي اليه الهجمات الإسرائيلية الراهنة على «حزب الله»، خصوصا ان بعضا من القيادات السياسية للأخير أعلنت مرارا وتكرارا وعلى قاعدة «للصبر حدود»، ان المقاومة لن تبقى متفرجة على الانتهاكات الإسرائيلية.

وختم ابو معشر: «لا يمكن لحزب الله ان يذهب إلى مواجهات عسكرية جديدة منفردا وبمعزل عن غطاء ايراني واضح، فما بالك وإيران اليوم قد تخلت عن أذرعتها في اليمن والعراق، في محاولة منها لإبداء حسن النية على طاولة مفاوضاتها مع الأميركي (في مسقط)، ناهيك عن انه ما عاد باستطاعة الحزب حماية بيئته الحاضنة من التهجير مجددا، سيما وأنها لم تتعاف بعد من الضربات الموجعة التي تلقتها خلال حرب الإسناد. أضف إلى ذلك ان حزب الله مقتنع بأنه آن الأوان لإيجاد حل لسلاحه، لكن بشرط انسحاب اسرائيل من الجنوب والتزامها بتطبيق القرار 1701 وسائر القرارات والاتفاقيات ذات الصلة».