المصدر: النهار
الجمعة 18 تموز 2025 06:47:03
بدا في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة أن أولوية أمنية طارئة أضيفت إلى الأولويات المطروحة لبنانياً، وتمثّلت في الإجراءات الفورية المطلوبة لمنع تمدّد تداعيات "فتنة" السويداء السورية إلى مناطق لبنانية وتحريك حساسيات طائفية دقيقة.
ولم يكن أدلّ على المخاوف التي ساورت الجهات اللبنانية الرسمية من التقارير التي تبلّغتها هذه الجهات مساء الأربعاء الفائت عن تحرّكات أهلية في بعض المناطق ذات الغالبية الدرزية والسنية، بما استدعى استنفارات أمنية فورية لمنع أي احتكاكات قد تتخذ الطابع الطائفي، علماً أن عمليات قطع طرق حصلت وشهدت تعرضاً لبعض المدنيين والعسكريين، ولكن سرعان ما جرى تطويقها ومعالجتها قبل تفاقم تفاعلاتها. كما لوحظ أن الكثير من البلديات، وكان أبرزها وأكبرها بلدية عاليه، اتخذت إجراءات بمنع تجوّل السوريين بين ساعات المساء والصباح. وأكدت المعلومات أن الإجراءات الأمنية الاحترازية اتخذت طابعاً متشدداً في الساعات الأخيرة للحؤول دون أي تمدّد لتداعيات التطورات الجارية في سوريا إلى لبنان.
وكان رئيس الحكومة نواف سلام أصدر في وقت متقدم مساء الأربعاء "دعوة إلى اللبنانيين لتفادي الفتنة وتقديم المصلحة الوطنية على أي اعتبارات أخرى، في ظل ما شهدته بعض المناطق من توترات ذات طابع مذهبي". وأجرى سلام اتصالاً أمس بالرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وشدّدا على "صيانة وحدة سوريا وتفاهم جميع أبنائها تحت مظلة الدولة السورية، بالإضافة إلى أهمية التحلّي بالتعقل والحكمة في لبنان وتفادي ردود الأفعال التي من الممكن أن تخلق توترات داخلية بين أبناء الوطن الواحد". وأثنى سلام على "الجهود التي قام بها جنبلاط وسائر الفاعليات في مختلف المناطق لتفادي اي إشكالات داخلية تهدّد استقرار وطننا ومسار استعادته لسلطة الدولة التي تبقى المرجعية لجميع اللبنانيين".
وزار رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب تيمور جنبلاط على رأس وفد، قائد الجيش العماد رودولف هيكل، وضم الوفد النواب: مروان حماده، أكرم شهيب، هادي أبو الحسن، وائل أبو فاعور، وفيصل الصايغ، وأمين السر العام في التقدمي ظافر ناصر. وحيّا النائب جنبلاط "الجيش قيادة، ضباطاً وأفراداً على التضحيات التي يبذلونها في سبيل المحافظة على الأمن"، مجدداً استنكاره "أي تطاول على عناصر الجيش خلال تأديتها مهامها في حفظ الأمن". وأكد جنبلاط استعداد "التقدمي ومسؤوليه المحليين لمواكبة الجيش في مهامه لتثبيت الأمن والاستقرار في المناطق التي ينتشر فيها".
غير أن التطورات الأخيرة لم تحجب تطوراً بارزاً تمثّل في معلومات لـ"النهار" عن متابعة اجتماع جدة اللبناني- السوري برعاية سعودية الذي كان عقد بمشاركة وزيري دفاع البلدين في اذار الماضي. وعلمت "النهار" أن اجتماعاً أمنياً ثلاثياً جديداً عقد على مستوى عالٍ في الرياض ضمن متابعة تطورات تنفيذ الاتفاق السابق بين لبنان وسوريا الذي لم تنفذ كل بنوده. وكان الاجتماع مطولاً وناجحاً وفق المعلومات، وناقش بعمق هواجس الطرفين والاتفاق على معالجتها وتسريع العمل في بنود الاتفاق.
ووسط هذه الأجواء وغداة تصويت مجلس النواب على ثقة متجددة بالحكومة، أصدر مجلس الوزراء في جلسته أمس في قصر بعبدا دفعة جديدة من التعيينات، فعيّن رئيسي وأعضاء الهيئتين الناظمتين للطيران المدني والقنب الهندي. وأفيد أن الرئيس سلام أوضح للمعترضين أن إرسال الأسماء قبل 48 ساعة صعب، تجنباً لتسريبها. وقد عيّن مجلس الوزراء الهيئة الناظمة للقنب الهندي برئاسة داني فاضل، كما عيّن محمد عبد العزيز عزيز رئيساً للهيئة الناظمة للطيران المدني.
في سياق آخر، ومع اقتراب حلول موعد الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب المقبل وما يثار حول احتمال إصدار المحقق العدلي طارق بيطار القرار الاتهامي في القضية، اتّخذ رفض القاضي غسان عويدات تبلّغ موعد جلسة استجوابه أمام القاضي بيطار في الـ21 من الشهر الحالي بناء لطلب النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي جمال الحجار، وقعاً سلبياً، إذ صرّح عويدات بأنه لن يوقّع على ورقة التبليغ كونه لا يعترف بصلاحية وسلطة المحقق العدلي وسلّم جوابه على ورقة مكتوبة بخط يده موقعة منه. وخاطب عويدات المحقق العدلي قائلاً: "أنت غير ذي صفة وغير ذي صلاحية وغير ذي أهلية، فأنت ممنوع بحكم القانون عن القيام بأي عمل أو إجراء، فلا شرعية لك ولن نعطيك إياها". كما خاطب النائب العام التمييزي بقوله: "ارتضيتم تنفيذ هكذا قرارات مجبولة بالخطأ الجسيم مغلوطة ومخالفة للقانون، قرارت ساحبة وسالبة لصلاحياتكم، فإنني أطلب اليكم تصحيح المسار".
وتزامن ذلك مع تشديد رئيس الجمهورية جوزف عون خلال استقباله أمس وفداً من أهالي شهداء المرفأ على أن "المسؤولية تقع على عاتقنا جميعًا للعمل على تحقيق العدالة"، وقال: "إن التزامي واضح: كشف الحقيقة كاملة من دون استثناء، ومحاسبة كل من تسبّب في هذه الكارثة، وهذا هو السبيل لانتشال بلدنا من ظلام الفساد والإهمال". وأضاف: "من الآن وصاعداً، القضاء سيأخذ مجراه، والمذنب سيحاكم والبريء ستتم تبرئته".