إحالة "إنكريبت" إلى النيابة العامة: حرمت الخزينة 23 مليار ليرة يومياً

أحالت النيابة العامة لدى ديوان المحاسبة برئاسة القاضي فوزي خميس، أمس، رئيس مجلس إدارة شركة «إنكريبت» هشام عيتاني، و«كل من يظهره التحقيق فاعلاً أو شريكاً» إلى النيابة العامة التمييزية، لملاحقتهم جزائياً عما «ارتكبته الشركة بحق» مصلحة «النافعة»، كون «إنكريبت» هي الشركة المشغّلة المسؤولة عن البرامج الإلكترونية لهيئة إدارة السير، وتأمين دفاتر المركبات ودفاتر السوق واللوحات الآمنة واللاصقات الإلكترونية.وأوصت، النيابة العامة للديوان بأن تتخذ هيئة إدارة السير ووزارة الداخلية كلّ التدابير المناسبة بحق الشركة «الناكلة عن تنفيذ التزاماتها التعاقدية، وتطبيق الجزاءات المنصوص عنها في دفتر الشروط، ومصادرة الكفالة المالية عند اللزوم، وغيرها من الإجراءات التي تضمن تحصيل قيمة العطل والضرر اللاحقيْن بالنافعة، والمبالغ التي حُرمت منها خزينة الدولة طيلة الفترة التي تعطّل فيها سير المرفق العام (النافعة) بفعل الشركة».

ويأتي قرار الديوان، تتمّة لمسار بدأ حين طلب وزير الداخلية بسام المولوي منه إبداء رأيه في دفتر شروط «إنكريبت» التي التزمت على أساسه بتشغيل «النافعة»، وما إذا كان النزاع المالي القائم بين الشركة والمصلحة، على أموال مستحقّة للأولى بقيمة 60 مليار ليرة، تطلب تقاضيها بالدولار الفريش، يمكن حلّه عن طريق إخضاعها لقرار مجلس الوزراء الرقم (13) الذي أرسى معادلات جديدة بعد انهيار الليرة لاحتساب مستحقّات المتعهّدين والمشغّلين للمرافق العامة الذين كانت عقودهم مع الدولة مُبرمة بالدولار.

وعلّلت النيابة خطوة الادّعاء على «إنكريبت»، بمخالفتها للمواد 770 و341 و733 و429 و430 و380 من قانون العقوبات، وارتكابها «عن قصد جرم التخريب، وتعطيل سير المرفق العام، والتوقّف الجرمي عن متابعة تنفيذ أعمالها بقصد الضغط على الإدارة والتمرّد عليها واستيفاء الحق تحكّماً». والركون إلى تلك المواد جاء نتيجة ما ثبت لدى الديوان من مخالفات في أداء «إنكريبت» خلال فترة النزاع مع «النافعة»، إذ أقدمت على «إطفاء الخوادم في هيئة إدارة السير، لمدة ستة أشهر، استحال خلالها إنجاز أي معاملة، أو الولوج إلى النظام الإلكتروني. ولم تمتثل لإنذارات إدارة النافعة، فاستمرت بالتعطيل الذي حرم الخزينة من مداخيل تصل إلى 23 مليار ليرة يومياً»، كما «امتنعت عن تطبيق القرار الرقم 13 بخلاف ما أوصى به الديوان في رأيه الاستشاري».

في المقابل، تقول مصادر معنيّة إن النيابة العامة التمييزية سبق أن أجرت تحقيقاتها بهذا الملف، ومضمونها يفيد بأنه تم تنفيذ معاملات بالمئات خلال فترة الادّعاء التي يشار فيها إلى «إطفاء الخوادم». كما تنكر الشركة أن تكون قد خالفت تنفيذ العقد الذي يفرض عليها أن تقدّم المنتج النهائي لهيئة إدارة السير وفق آلية محدّدة ترتبط بورود طلبات عمل من الهيئة محدّدة الكميات، «وهو الأمر الذي لم يحصل، إذ تلقّت الشركة طلبات لا تُحدّد فيها الكميات بما يخالف مضمون العقد».

من جهة أخرى، تواجه هيئة إدارة السير «عقبة جديدة» تؤخّر المباشرة في امتحانات القيادة. ووفق معلومات «الأخبار»، أنه في الوقت الذي انتهت فيه الهيئة من تشكيل لجان فحص اختبارات القيادة المؤلّفة من عسكريين متقاعدين، وإخضاع الأعضاء لدورةٍ تدريبية في معهدٍ تابع لقوى الأمن الداخلي تمهيداً لبدء إجراء الامتحانات، تقدّم رئيس نقابة مدارس السوق حسين غندور بشكوى أمام مجلس شورى الدولة، مطالباً بجعل مدارس السوق ممراً إلزامياً لكل من يريد الحصول على رخصة سوق. وبالفعل حكم شورى الدولة بعدم جواز قبول هيئة إدارة السير طلب إجراء امتحان قيادة، من دون حيازة صاحب الطلب شهادة تفيد بأنّه خضع لدورة سوق في أحد مكاتب التعليم. واستند في ذلك إلى قانون السوق الذي ينصّ في أحد بنوده على هذا الشرط الذي لم يُطبّق سابقاً. واعتبرت مصادر معنية في «النافعة»، أن «المشكلة ليست في تطبيق القانون، إنّما في ما قد يشكّله ذلك من فتح بابٍ جديد لاستغلال الناس، وسط فوضى المكاتب، بين تلك الشرعية وغير الشرعية، واحتمالات الغش كبيع الإفادات والتسعير العشوائي لها».

شبهات حول تأخير تلزيم «الميكانيك»
في 30 تشرين الأول الماضي، كان مفترضاً أن تُفضّ عروض مناقصة تلزيم وتشغيل مراكز المعاينة الميكانيكية، إلا أنّ المدير العام لهيئة إدارة السير بالتكليف، محافظ بيروت القاضي مروان عبود، أصدر قراراً بإرجاء جلسة التلزيم إلى موعدٍ يُحدّد لاحقاً فور إدخال التعديلات اللازمة وإزالة الغموض من دفتر الشروط، «تفادياً لتعرّض عملية التلزيم للطعن». وسحب دفتر الشروط من على موقع هيئة الشراء العام، بعد أن طلبت أربع شركات توضيحات حوله، ما يعني أن ثمّة 4 عارضين على الأقل سحبوا الدفتر.
خمسة أسابيع انقضت على تعليق فضّ العروض، وبمعزلٍ عن الرأي القانوني لرئيس هيئة الشراء العام، جان العلية، لجهة «إمكانية إدخال التعديلات على دفتر الشروط، بالتزامن مع تمديد مهلة تقديم العروض، عوضاً عن سحب الدفتر من أصله»، فإن هناك ما يثير الريبة في الملف، خصوصاً أنّ واحدة من الشركات الأربع المهتمة بالمناقصة، قدّمت عرضاً لهيئة إدارة السير يقضي بتشغيل مراكز المعاينة لثلاثة أشهرٍ مجانية. ووفق المصادر فإن ذلك يخوّلها ذلك معرفة كيفية عمل المراكز، ونوع المشاكل المتوقّع مواجهتها، وتقدير كلفة التشغيل. وكلها معلومات تعطيها أفضلية على سواها من الشركات في عرضٍ يساعدها على الفوز بالمناقصة.

محاولة الالتفاف هذه باءت بالفشل، بعدما رفضت هيئة إدارة السير الطلب، منعاً «للإخلال بمبدأ المساواة بين العارضين، أو تفسير تأجيل المناقصة على أنه خدمة لهذه الشركة»، وسط توقّعات المعنيين بأن «تجري المناقصة مطلع العام المقبل بعد الانتهاء من تعديل دفتر الشروط».