الانتهاك الأخطر منذ 2006 وإسرائيل تتوعّد

كتبت صحيفة النهار تقول:

في ما شكل التصعيد الأخطر والاوسع منذ الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006 ، وبما يشكل تاليا الانتهاك الأخطر للقرار1701 ، والتحدي الأشد خطورة لسلطة الدولة اللبنانية والجيش اللبناني ولقوات اليونيفيل، وفي استباحة تضع لبنان في فوهة خطر انفجار مواجهة عسكرية مع إسرائيل على وقع التوتر الشديد المتصاعد بعد اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى في القدس الذي اثار ترددات غاضبة عالمية، وبالتزامن مع وجود رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” اسماعيل هنية في بيروت التي وصلها اول من امس، حصل التطور البالغ الخطورة بعد ظهر امس باطلاق صليات بعشرات الصواريخ من سهل القليلة على الجليل الغربي في إسرائيل متسببا بوضع يهدد لبنان برد انتقامي إسرائيلي بما قد يستدرج مواجهة واسعة. ومع اتهام الجيش الإسرائيلي لحركة حماس بهذا التصعيد لم تبق الأنظار محصورة بما كان يسمى غالبا بالصواريخ اللقيطة التي تطلقها فصائل فلسطينية “غير منضبطة” ومتفلتة في منطقة الجنوب، اذ يصعب تصور اطلاق ما قدرته وسائل اعلام إسرائيلية بنحو مئة صاروخ في اقل من عشر دقائق بما يعني امتلاك الجهة القاصفة قدرات صاروخية “مرموقة” وكبيرة على يد فصائل صغيرة ومن دون تغطية ضمنية ومقصودة من القوة الميدانية الأبرز في المنطقة أي “حزب الله”. وقادت هذه التقديرات تاليا الى الافتراض ان ثمة عملا عسكريا منسقا ربما جاء بقرار إقليمي أيضا وراء هذا التطور بدليل وجود الزيارة المتزامنة مع هذا التطور لاسماعيل هنية في بيروت. ولكن هل يعني ذلك ان إسرائيل سترد بما يفجر حربا ؟ وهل “حزب الله” انخرط مسبقا في الاستعدادات لهذا الخطر؟ وأين كانت “الدولة” اللبنانية من كل هذه الاخطار فيما ثبت تكرارا انها كانت الزوج المخدوع من مجريات هذا التدهور المفاجئ ؟

 سباق مع التدهور

السباق المحموم بين الاحتواء والتصعيد برز بقوة اذ استبق الإعلام الإسرائيلي الاجتماع الأمني الطارئ لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع رئاسة اركان الجيش الإسرائيلي لدرس الرد على القصف الصاروخي من لبنان الذي عقد مساء، كما اجتماع الحكومة الأمنية، بكشفه ان إسرائيل اوعزت لسفرائها بإخطار الدول العاملين فيها بأنها ستردّ على القصف من لبنان . كما ان وسائل اعلام اسرائيلية قالت ان رد الجيش الإسرائيلي على الهجمات الصاروخية من المتوقع أن يكون في لبنان وغزة في شكل متزامن فيما أفادت القناة 14 الإسرائيلية ان نتنياهو وكبار المسؤولين في الدفاع والأجهزة الأمنية قرروا طبيعة الرد وموقعه. ونقل عن الجيش الإسرائيلي ان “التقويم الأمني الأولي هو ان هجوما في غزة ولبنان سينفذ الليلة (امس) من دون الانزلاق الى حرب “. وفي تصريح له بعد الاجتماع ليلا هدد نتنياهو “بضرب اعدائنا الذين سيدفعون ثمن اعتداءاتهم “ولكنه دعا أيضا الى “تهدئة التوترات” وقال “سنعمل بحزم ضد المتطرفين والخلافات الداخلية لن تمنعنا من مواجهة اعدائنا على كل الجبهات”. ولفتت هيئة البث الإسرائيلية الى ان نتنياهو لم يوجه الاتهام لاحد في كلمته وهذا امر لافت.

وفي الجانب الرسمي اللبناني، سارع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى الاجتماع بوزير الخارجية عبدالله بوحبيب وإصدار بيان وفيه الى انه “بناء على المشاورات والاتصالات السياسة المحلية والدولية التي تم إجراؤها صدر عن وزارة الخارجية والمغتربين البيان التالي: يؤكد لبنان مجددا على كامل احترامه والتزامه بقرار مجلس الأمن الدولي ١٧٠١، وحرص لبنان على الهدوء والاستقرار في جنوب لبنان ويدعو المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف التصعيد. يبدي لبنان إستعداده للتعاون مع قوات حفظ السلام في جنوب لبنان واتخاذ الاجراءات المناسبة لعودة الهدوء والاستقرار ويحذر من نوايا اسرائيل التصعيدية التي تهدد السلم والامن الاقليميين والدوليين”.

واتخذت ردود الفعل الدولية على التصعيد دلالات مقلقة اذ اعتبرت الخارجية الأميركية في معرض ادانتها لاطلاق الصواريخ من لبنان على إسرائيل ان للاخيرة “الحق في الدفاع عن نفسها” كما ان البيت الأبيض اعتبر ان “من يستخدم أراضي لبنان قاعدة اطلاق للصواريخ على إسرائيل يعرض الشعب اللبناني للخطر”.

ونقل المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك تنديدها بإطلاق الصواريخ من لبنان وحضّها الأطراف جميعهم على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس.

واكد دوجاريك أنّ “قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان لا تزال على اتصال بالسلطات على جانبي الخط الأزرق”، مضيفاً: “نحضّ الأطراف على الاتصال بقوات حفظ السلام لدينا وتجنّب أيّ عمل أحاديّ من شأنه أن يزيد من تصعيد الموقف”.