السعودية تدخل على خط تصويب مسار التأليف...تقليم مخالب "الثنائي" هل يفك أسر الحكومة؟

بعدما مهّد التقاطع الأميركي – السعودي الطريق إلى قصر بعبدا، وقلّم مخالب التعطيل في الاستشارات النيابية الملزمة في عملية التكليف، يواصل التقاطع هذا دفعه الإيجابي لتصويب المسار والمصير في عملية تأليف الحكومة لإخراجها من دوامة التعطيل وتجنيبها ألغام ثنائي "أمل – حزب الله" المفخخة، لتستوفي الشروط المطلوبة عربياً ودولياً، وتشكل العمود الفقري المكمّل لانطلاقة العهد الجديد، واستعادة هيبة الدولة وسيادتها وتطبيق القرارات الدولية وإطلاق عجلة الإصلاح.

لهذه الغاية، يحط الموفد السعودي الأمير يزيد بن محمد بن فهد الفرحان في بيروت اليوم أو غداً للدفع في اتجاه تصويب مسار التأليف العالق بين مساعي الرئيس المكلف نواف سلام تطبيق المعايير التي حددها، وبين من يرفضها متمسكاً بحقيبة المال وفرض قوة الأمر الواقع التي باتت لاغية بعد كل المتغيرات الاستراتيجية.

محاولة "الثنائي" الحفاظ على نفوذه وقضم ما أمكن من حقائب، وليّ ذراع الرئيس سلام، يصطدم بتوجه أميركي ترجمه مستشار الرئيس الأميركي  للشؤون العربية وشؤون الشرق الأوسط، مسعد بولس، أكد من خلاله، عدم إعادة تعيين من كان له دور في المنظومة السابقة من أجل استكمال مسيرة النهوض واستعادة ثقة المجتمع الدولي. وأمل أن ينعكس ما حدث في رئاسة الجمهورية والحكومة، على التشكيلة الحكومية، بحيث تعكس الإصلاح المطلوب".

الموقف الأميركي يتماهى مع اتجاه "اللجنة الخماسية" بكامل أعضائها، بأن التغيير الذي أفضى إلى وصول الرئيس جوزاف عون والرئيس المكلف نواف سلام يجب أن يسري على تأليف الحكومة، بحيث لا يحصل فرملة للزخم الحاصل.

مصادر مطلعة على تشكيل الحكومة لاحظت ازدواجية في معايير التأليف، من خلال تساهل الرئيس المكلف مع فريق أمعن في استجرار الويلات وتعطيل المؤسسات ومحاولته إحداث فتنة طائفية، على حساب المعارضة السيادية التي ساهمت في تكليفه وقدمت التسهيلات اللازمة لتذليل العقبات مراعاة لانطلاقة العهد الجديد.

إذاً، وحدة المعايير في تشكيل الحكومة أمر أساسي لا يجب التفريط به. إذ لا يمكن للرئيس المكلّف أن ينسق مع فريق سياسي واحد من دون التنسيق مع الآخرين.

وتسأل مصادر معنية هل ما يجوز على "الثنائي الشيعي"، لا يمكن اعتماده مع القوى الأخرى؟ وإذا كان لا بد من تفضيل فريق على آخر، فعلى الرئيس المكلف أن يميّز بين من وقف إلى جانبه منذ اللحظة الأولى في مسار التكليف.

تضيف المصادر، إذا كانت معايير الإصلاح هي عنوان الحكومة الجديدة، فعلى الرئيس المكلّف أن يفضّل الفريق السياسي الذي لم يكن سبباً أساسياً من أسباب الفساد السياسي والإداري والمالي في لبنان. فإذا كانت معايير الإصلاح والسيادة هي عنوان مستقبل لبنان، فلا بد من رفض التنسيق مع من كان في صلب الانهيار والفشل في الحكم والذي يحتل "الثنائي الشيعي" رأس قائمة ذاك الانهيار والفشل في الحكم اللبناني.

وفيما يروج "الثنائي" وأوساط عين التينة تحديداً إلى قبول أميركي بتسمية ياسين جابر لحقيبة المالية، وهو أمر غير صحيح ودقيق، تلفت مصادر مقربة من "الثنائي" إلى عدم قبوله بأي تسوية على حساب حقائبه الخمس التي يصر عليها ومن ضمنها وزارة المالية، خصوصاً بعد الخسارة التي مني بها رئاسياً وحكومياً.

مصادر مواكبة لعملية التأليف كشفت لـ نداء الوطن "أن الرئيس سلام الذي وافق ضمنياً على تسمية ياسين جابر لحقيبة المالية، جوبه طلبه تسمية وزير شيعي، برفض "الثنائي" الذي يصر على احتكار الحقائب الوزارية الخمس.

وفي ما خص "القوات اللبنانية" تضيف المصادر، لن تكون "أم الصبي" في عملية التأليف، إذا استمر نهج لا سابقة له، وهو أن الرئيس المكلف يعرض أسماء ويطرح حقائب وزارية من بنات أفكاره على طريقة "أنتم لا تختارون أنا أختار عنكم".

أما بالنسبة إلى قنوات التواصل بين سلام ونواب "تكتل الاعتدال الوطني" وبقية نواب الشمال السنّة، فكشفت المصادر أن سلام رفض إعطاءهم أي حقيبة، كما لم يوافق على الأسماء التي يطرحونها، واكتفى بوعدهم تسهيل إجراءات إعادة العمل بمطار القليعات.

وفي ما خصّ وزارة الأشغال، قرر سلام أن تكون من حصة الحزب التقدمي الاشتراكي، وفق نظرية يعتبر من خلالها أنه لا يجوز نقل هذه الحقيبة مباشرة من وزير تابع لـ "حزب الله" إلى وزير محسوب على "القوات اللبنانية".

"التيار الوطني الحر" بدوره ممتعض من موافقة الرئيس سلام على منح المالية لـ "حركة أمل" وعدم إعطائه والطاشناق حقه التمثيلي عدداً وبنوعية الحقائب تختم المصادر.

وفي هذا السياق لفت بيان صادر عن "التيار" أعلن من خلاله تقديم التسهيلات الممكنة واللازمة لتشكيل الحكومة، وأصر على أن تُعتمد المبادئ نفسها في التشكيل بالنسبة إلى جميع القوى السياسية والنيابية.

في المقابل وعلى خط تذليل العقبات التي تعترض عملية التأليف، بدأت تظهر بعض الأسماء، فقد علمت "نداء الوطن" أن الأجواء الإيجابية خيمت على قصر بعبدا بعد تسليم "الثنائي الشيعي" الأسماء للرئيس المكلف، تضمنت اسم ياسين جابر لوزارة المال، ودكتور من آل رحال لوزارة الصحة، وتمارا الزين للبيئة، وحقيبة رابعة لم يحسم أمرها، وحقيبة شيعية خامسة يحاول سلام الحصول عليها مقابل منح "الثنائي" حقيبة سنية.

وفي وقت يتجه سلام لتسمية دكتورة من آل كرامي لوزارة التربية، لا علاقة لها بالنائب فيصل كرامي، يقترح اسم طارق متري لنيابة رئاسة الحكومة، وبول سالم للخارجية في حال ذهبت إلى أرثوذكسي، وستتم تسمية وزارة العدل بالاتفاق بين عون وسلام وترجح مصادر تسمية ماروني قد يكون المحامي ربيع الشاعر إذا ما طرأ أي تغيير.

وفي انتظار ما سيترتب على زيارة الموفد السعودي من نتائج، تتقاطر الوفود الدبلوماسية إلى لبنان لمواكبة انطلاقة العهد والدفع في اتجاه تأليف الحكومة. وفي هذا السياق يصل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي حاملاً رسالة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الرئيس جوزاف عون.

في الانتقال إلى الوضع الميداني جنوباً، المعطيات لا تبشر بالخير في ظل استمرار الخروقات المتبادلة من الجانبين الإسرائيلي واللبناني لاتفاق وقف إطلاق النار. فقد أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض مسيّرة لجمع المعلومات أطلقها "حزب الله" من جنوب لبنان.

في المقابل، نفذ الجيش الاسرائيلي عملية تفجير في بلدة طلوسة قضاء مرجعيون. وسجل انفجار صاروخ اعتراضي فوق برج الملوك في مرجعيون. وأصيب مواطنان بجروح طفيفة جراء قيام محلقة إسرائيلية بإلقاء قنبلة بالقرب من دراجتهما النارية عند أطراف بلدة طلوسة لجهة مركبا.

وفي هذا السياق تساءلت مصادر عبر "نداء الوطن" كيف ومن أين تم إطلاق المسيرة؟ أضافت المصادر "ستشكل هذه الحادثة معطى جديداً قد يقلب الطاولة، يثبت أن "الحزب" لم ولن يتخلى عن سلاحه" في شمالي وجنوبي الليطاني. كما أنه يستخدم بيئته الحاضنة بحكم التكليف الشرعي وقوداً لمواجهة الإسرائيلي، ودفعه إلى دخول بلدات ما زال دخولها محظوراً عليه. وهنا لا بد من تحميل المسؤولية إلى حكومة تصريف الأعمال التي يجب أن تكون أكثر تشدداً في إجراءات العودة إلى الجنوب من خلال الجيش اللبناني وحده. وختمت المصادر معربة عن خشيتها من تجدد الحرب والتهديد باستهداف الضاحية الجنوبية.