المصدر: المدن
الكاتب: وليد حسين
الثلاثاء 2 أيلول 2025 15:10:10
ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بإعلان كلية العلوم لائحة الطلاب المقبولين لدراسة الماستر البحثي في اختصاص Microwave بعد أن تبين أنَّ جميعهم ينتمون إلى طائفة واحدة، هي الطائفة الشيعية، وعددهم عشرة طلاب. وهال المعلقين على الإعلان أن تفتح جامعة وطنية ماستر يضم طلاباً كلهم من طائفة واحدة، من دون نجاح أي طالب من طوائف أخرى. كأن هؤلاء المعلقين قد استفاقوا حديثاً على واقع الجامعة الوطنية، التي ترسَّخ فيها العرف الطائفي والتقسم الطائفي عبر الفروع والتفريع الذي يراعي التوزيع الطائفي. فكل كلية، وفي الواقع، باتت بمنزلة كليات بعدد الطوائف الأساسية في لبنان، ومرسَّخةً عبر الفروع المتعددة من الجنوب مروراً ببيروت وجبل لبنان والبقاع وصولاً إلى الشمال. ولكل فرع من هذه الفروع لونه الطائفي وحتى الحزبي، وفق الغلبة الطائفية المناطقية، وهذا ما فتح الباب واسعاً ليس فقط لفرض طلاب من لون طائفي واحد؛ بل أيضاً لسيطرة لون طائفي معين على الأساتذة والموظفين، وصولاً إلى كل أشكال الزبائنية والمحسوبيات في التوظيف والتعاقد.
تسريب امتحانات؟
ولم تقتصر الانتقاداتُ التي طالت كليةَ العلوم على تعليقاتٍ من نوع: "بستحلي شوف شي مرّة اسم جورج أو ريتا، بس شكلن مش شاطرين"؛ بل طالتِ الانتقاداتُ القيّمينَ على الكلية أيضاً، على اعتبار أنّهم من اللون الطائفي للطلاب المقبولين. واتُّهموا بأنّهم سرّبوا أسئلةَ الامتحانات لهؤلاء الطلاب، ممّا أدّى إلى نجاحهم ورسوبِ باقي الطلاب من طوائف أخرى.
"المدن" تواصلت مع عميد الكلية علي كنج للاستيضاح عن الموضوع، فنفى نفياً قاطعاً كلَّ المتداول. ولفت إلى أنّ الماسترات تتبع العمادة، لكن توجد ماسترات مهنية موزعة على الفروع وهي غير مكرّرة؛ بمعنى أنّه توجد ماسترات في فرع الفنار وفي فرع الحدث وفي النبطية وفي الشمال، لكنها غير مكرّرة في كل فرع. وتأسّف كنج لأنّ الطلاب يختارون الماستر المفتوح في الفرع حيث يوجد سكنُهم، وهذا ما يجعلها من لون طائفي واحد، مع وجود استثناءات طفيفة.
وشرح كنج أنّ هذا الماستر المشكوَّ منه هو ضمن اختصاص الفيزياء، وعدد الطلاب فيه قليل جداً على نحوٍ عام. فالطلاب في كلية العلوم يفضّلون التوجّه نحو المعلوماتية، على سبيل المثال. ومنذ حوالي أربع سنوات كانت العمادة تعتزم تجميد هذا الماستر في الفرع الأول بسبب عدد الطلاب المنخفض، لكن الأساتذة أعادوا الترويج له واستقطبوا طلاباً، وبالتالي تقرر عدم إقفاله.
وأضاف كنج بالقول: "بما يتعلّق بهذا الماستر المشكوِّ منه، أريد أن أوضح أنّ كلَّ الطلاب الذين يتقدّمون للماستر هم الطلاب الذين أنهوا الـM1، وكلُّ طالب يرغب بالانضمام إلى هذا الماستر مرحَّب به. ولم يُرفض أي طالب تتوافر فيه الشروط. ليس هذا فحسب؛ بل بعيداً عن هذا الماستر، لا نرفض، على نحوٍ عام، أيَّ طالب ناجح في اختصاص الفيزياء حتى لو كان معدّله العام يتراوح بين عشرة و11. وهذا يعني أنّه لا منافسةَ جدّيةً بين الطلاب ما دام الجميع الذين يتقدّمون يُقبلون تقريباً. أضف إلى ذلك أنّه لا يوجد امتحان يرسب فيه الطالب أو ينجح؛ بل هناك مقابلة تُجرى مع الطالب من لجنة مؤلَّفة من أستاذين، يقيّمانه، ويضعان له علامة، ويتحققان من ملفّه الأكاديمي. ويُقبل الطلاب على هذا الأساس".
منسق الماستر موال لحزب الله
وعرض كنج لـ"المدن" اللائحة الرسمية للطلاب الذين تقدموا بطلبات للانضمام لهذا الماستر، وتبين أن عددهم 15 طالباً جميعهم من الطائفة الشيعية. طالبان منهما لم يحضرا لإجراء المقابلة فاستُبعدا، وطالبان معدل نجاحهما دون المستوى المطلوب، أما الطالب الخامس فهو على لائحة الانتظار. وبالتالي جرى قبول عشرة طلاب من أصل الـخمسة عشر.
وحول بعض الشائعات عن أن منسق الماستر تابع لحزب الله، وأنه استبعد الطلاب غير المرغوب فيهم من قبله، قال كنج: "إذا كان منسق الماستر لديه ميول سياسية، فهذا لا يعني أنه يسيطر على الاختصاص. وليس منسق الماستر من يقرر من هم الطلاب المقبولون؛ بل هناك لجنة مؤلفة من أستاذين يكلفها العميد، وتضع تقريرها بجميع الطلاب سواء من ناحية العلامة التي نالها في المقابلة، أو من ناحية ملف الطالب ومعدل نجاحه".
التوزيع الطائفي للماسترات
وتأسّف كنج لوجود ماستراتٍ طلابُها من لونٍ طائفيّ واحد في فرع الفنار، وفي الشمال، وفي بيروت، والنبطية، وهذا مردّه إلى أنّ كلَّ فرعٍ يأخذ اللون الطائفي للمنطقة. وقال كنج: "في أحد الماسترات، من أصل 16 طالبًا، يوجد طالبٌ واحد فقط من طائفةٍ مختلفة عن باقي الطلاب. وفي ماستراتٍ أخرى جميعُ الطلاب من لونٍ طائفيّ واحد. فالطالب الذي يبدأ دراسته في فرعٍ معيّن يواصل مسيرته كلّها في الفرع. والقليلُ من الطلاب يختارون اختصاصاتٍ مفتوحة في فروع أخرى بمناطق أخرى. وللأسف هذا هو واقع البلد، الذي نريد لجامعتِه أن تكون مكانًا واحدًا للجميع لينصهروا معًا".
وإذ نفى كنج حرمان أو رفض أيّ طالبٍ في هذا الماستر تحديدًا، قال: "أيّة جهةٍ تريد المراجعةَ لها الحقّ. لكن أريد أن أنوّه بأنّه تحديدًا في اختصاصات الفيزياء لدينا عددُ مقاعدَ أكثر من عدد الطلاب، مما ينفي كلَّ المزاعم عن وجود محسوبياتٍ لإنجاح طلابٍ بعينهم. ولو كان في هذا الماستر أيّة منافسةٍ بين الطلاب لانتقاء عددٍ محدَّد، لكُنّا شككنا في تلاعبٍ ما من القسم المعني بالماستر".