المصدر: الشرق الأوسط

The official website of the Kataeb Party leader
الأربعاء 17 أيلول 2025 06:28:17
تُمثّل الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مساء الاثنين مبنى في منطقة كسار زعتر بمدينة النبطية نقلة «نوعية» جديدة في مسار المواجهة المفتوحة بين «حزب الله» وتل أبيب.
المبنى المستهدف تحوّل إلى ركام، وسط أضرار جسيمة في محيطه. وقد أعلن مركز عمليات طوارئ وزارة الصحة أنّ الحصيلة النهائية للغارة بلغت 14 جريحاً بينهم نساء وأطفال. هذه الخسائر تؤكد أنّ التكلفة الإنسانية تبقى العامل الأخطر في أي تصعيد، حيث يجد المدنيون أنفسهم في قلب المواجهة.
وعملت منذ صباح الثلاثاء ورش أشغال على رفع الأنقاض من محيط المبنى المستهدف المؤلف من 5 طبقات بعد استهدافه بصواريخ أصابت السقف الخامس للمبنى، واخترقت بقية الأسقف لتستقر في الطبقة الأولى وتلحق به أضراراً كبيرة، حسب «الوكالة الوطنية للإعلام»، مشيرةً إلى أن سكان المبنى المستهدف اضطروا إلى إخلائه بسبب التصدعات التي أصابت أساساته، وخطورة ذلك على السكن فيه، وعمل السكان على نقل حاجياتهم الضرورية وبعض الأدوات من شققهم.
وتسببت الغارة بأضرار كبيرة في المباني والمحال التجارية المجاورة، وبالعديد من السيارات المركونة في الشوارع المحيطة بالمبنى المستهدف، إضافة إلى أضرار بشبكتي الكهرباء والهاتف.
وسائل إعلام إسرائيلية وصفت العملية بأنّها «اغتيال نوعي»، فيما أوضح الجيش الإسرائيلي أنّ الغارة استهدفت «مقراً لـ(حزب الله) يشكل خرقاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان». وأضاف أنّ الحزب «يعيد بناء بنيته التحتية مستخدماً المدنيين دروعاً بشرية»، متوعداً بمواصلة العمليات «لإزالة أي تهديد».
وأكد عضو «كتلة التنمية والتحرير» (التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري) النائب محمد خواجة لـ«الشرق الأوسط»: «إنّ ما فعلته إسرائيل في استهداف النبطية تجاوز كل الحدود، فهي لا تفرّق بين أهداف عسكرية ومدنية، وقد رأينا كيف استُهدفت مبانٍ تضم أطفالاً ونساء، لتبرّر عدوانها بأنها تنفّذ عمليات نوعية». وأضاف: «بهذا السلوك، تعطي إسرائيل لنفسها الحق في استهداف أي مدينة أو بلدة أو حتى عاصمة عربية، تحت شعارات ملفّقة».
ورأى أنّ «الاستهدافات الإسرائيلية للبنان تأخذ أكثر من بعد، فهي لا تقتصر على ما تدّعيه تل أبيب من ضرب مواقع أو مخازن تابعة لـ(حزب الله)، بل أصبحت تطول مناطق سكنية مأهولة، ما يجعل أي حي أو مبنى عرضة للقصف تحت ذريعة وجود قاعدة أو مركز للحزب، وهو ما يشكّل انتهاكاً صارخاً للقوانين والأعراف الدولية».
وحذّر خواجة من أنّ «ما حصل في النبطية ليس حادثاً معزولاً، بل يندرج في هذا السياق، وقد يتكرر في أماكن أخرى داخل لبنان وخارجه».
وشدّد على أنّ «لبنان التزم بالكامل باتفاق وقف الأعمال العدائية الموقّع في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهو اتفاق رعته وضمنت تنفيذه الولايات المتحدة، لكن إسرائيل لم تلتزم به منذ اليوم الأول»، مذكّراً بأنّ «تقارير قوات (اليونيفيل) تؤكّد التزام لبنان بما اتفق عليه جنوب نهر الليطاني، بينما تمنع إسرائيل الجيش اللبناني من بسط سلطته الكاملة هناك، وتحول دون عودة المدنيين إلى قراهم وإعادة إعمار بيوتهم».
واعتبر أنّ «استمرار إسرائيل في اعتداءاتها يُبقي المنطقة مفتوحة على احتمالات خطيرة، فيما المؤشرات حتى الآن تدلّ على أنّها ستواصل سياسة الاستهداف المتدرّج».
في البعد العسكري، قال العميد المتقاعد سعيد قزح لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «الاستهدافات الإسرائيلية لا تراعي وجود المدنيين، إذ يكفي أن تعتبر أنّ مبنى أو موقعاً ما يُستخدم للتخطيط أو كغرفة عمليات أو لتخزين السلاح حتى تبرّر ضربه، بصرف النظر عن موقعه أو طبيعة المنطقة المحيطة به»، وأضاف أنّ «إسرائيل ماضية في نهجها التصعيدي، وهي لا تضع ضوابط لنفسها، سواء في الجنوب أو في أي منطقة لبنانية أخرى، من الشمال إلى جبل لبنان وحتى بيروت»، ويضيف: «بالنسبة إليها، أي تهديد محتمل لأمن مستوطنيها سيتم القضاء عليه، وهذا ما تفعله عبر سلسلة من الاغتيالات، وتدمير المراكز والمخازن التابعة لـ(حزب الله)، وملاحقة قياداته ومقاتليه من دون أن يسائلها أحد».
وحول سيناريوهات المرحلة المقبلة، رأى قزح أنّ «هذا الوضع هو الأمثل بالنسبة إلى إسرائيل لأنها لا تدفع ثمناً بشرياً على الأرض، ولا تحتاج إلى اجتياح بري، بل تعتمد على التفوق الجوي والضربات المركّزة كلما اكتشفت هدفاً جديداً». ولفت إلى أنه «من الطبيعي أن تتزايد هذه العمليات الجوية ما دامت لا تكلّفها شيئاً في الأرواح». ورأى أنّ «ما يعني إسرائيل هو أمنها الداخلي وحده، وهي ستواصل استهدافها لأي سلاح أو موقع تعتبره مهدّداً لها، أينما وُجد».