توزيع الحلوى في الوزارة... إخلاء سبيل شعبان والمدّعي العام المالي يستأنف

مرة جديدة، قرّر قاضي التحقيق في بيروت، القاضي أسعد بيرم، التوسّع في تحقيقاته في ملف الفساد في وزارة التربية ورشاوى المعادلات والمصادقات في التعليم ما قبل الجامعي، في أعقاب الجلسة التي استدعى فيها، أمس، سبعة موظفين في لجنة المعادلات (أمينة سرّها رئيسة دائرة الامتحانات الرسمية الموقوفة أمل شعبان)، وأبلغ الموظفين المستجوبين بأنهم لا يزالون رهن التحقيق، ويمكن أن يُستدعوا في أي وقت. كذلك حدّد بيرم جلسة، الإثنين المقبل، لإجراء مواجهة بين الموظف في لجنة المعادلات، صلاح رزق (استُدعي سابقاً للتحقيق في فرع المعلومات) وسمسارة من خارج الوزارة تُدعى «زهراء».

ورغم أن نقاطاً عدة في الملف تحتاج إلى تحقيق تقني ومقارنة للجداول للوصول إلى معلومات أعمق من الرشاوى، اكتفى بيرم أمس بسؤال الموظفين عما إذا كانوا يؤكدون إفاداتهم التي أدلوا بها أمام فرع المعلومات، فيما تفيد المعلومات بأنه أبقى الملف مفتوحاً ولم يختمه.

ووافق بيرم على قرار إخلاء سبيل شعبان بناءً على طلب من وكيلها القانوني لقاء كفالة مالية قدرها مئة مليون ليرة، وعرض الموافقة، وفق الأصول، على المدّعي العام المالي، القاضي علي إبراهيم الذي تشير المعلومات إلى أنه استأنف قرار بيرم وأرسله إلى رئيس الهيئة الاتهامية القاضي ماهر شعيتو للبتّ فيه، فهل تنجح الضغوط التي لم تتوقف منذ إقفال الملف في فرع المعلومات، خلافاً للأصول، وبإيعاز من المدير العام لقوى الأمن الداخلي عماد عثمان للتأثير على شعيتو؟

وإذا كان قاضي التحقيق بنى، بحسب ما تردّد، موافقته على إخلاء سبيل شعبان على داتا الاتصالات، علمت «الأخبار» من مصدر رفيع في التحقيقات الأولية في فرع المعلومات أن الموظفة ماجدة فارس التي كانت مطلوبة للتحقيق استبدلت هاتفها ثلاث مرات خلال فترة التحقيقات، وبالتالي فإن داتا الاتصالات لا يُعتد بها. ويشير محضر التحقيق الرقم 1717 بوضوح إلى أن داتا الاتصالات في هواتف الموظفين تغيّرت لتضليل التحقيق.

وفي سياق متصل، حضر أمس كل من مدير التعليم العالي مازن الخطيب والمدير العام للتربية عماد الأشقر جلسة التحقيق، ولمّا سأل قاضي التحقيق الأشقر عما يثار في الإعلام حول الفساد في الوزارة، أجاب بأنه يحترم السلطة الرابعة مدّعياً بأنها «افتراءات». ولدى سؤاله عن علاقته الإدارية بشعبان، نفى الأشقر أن تكون هناك أي علاقة، علماً أنه رئيسها المباشر لكون دائرة الامتحانات الرسمية وحدة من وحدات المديرية العامة للتربية، كما أنه في الوقت نفسه رئيس اللجان الفاحصة في الامتحانات الرسمية فيما شعبان مقرّرة هذه اللجان، إضافة إلى أن الأشقر رئيس لجنة المعادلات ما قبل التعليم الجامعي وهي أمينة سرّها. وليس معلوماً ما إذا كان الأشقر يملك الجرأة لتسليم التحقيق تسجيلات كاميرات المراقبة التي تؤكد ما نشرناه لجهة أنه لا يحضر اجتماعات لجنة المعادلات سوى مرة واحدة أو مرتين في السنة ليقطع الشك باليقين؟

الجدير ذكره أن الضغوط التي تُمارس في ملف شعبان لا تنحصر بالرشاوى، بل تتعدّى ذلك إلى ما تم تداوله العام الماضي، في ما يتعلق بتعويضات الامتحانات الرسمية والسجال في الإعلام عن الفروق التي تصل إلى 6 ملايين دولار بين الأشقر وشعبان، وهو ملف جرت لفلفته حتى اللحظة. فهل تعلم الجهات المانحة التي تموّل الامتحانات بالدولار أن هناك أسماء كثيرة سُجلت ولم تداوم في الامتحانات وتقاضت تعويضات خيالية فاقت 14 ألف دولار، أي ما يوازي ملياراً و250 مليون ليرة؟ علماً أن هذه التعويضات هي برسم المدير العام بصفته رئيس اللجان الفاحصة ووزير التربية الذي يوقّع قرار التعويضات؟

وبدا مستغرباً ما حصل أمس في مكتب الوزير لجهة توزيع الحلوى على الموظفين الذين استُدعوا للتحقيق، احتفالاً بعدم توقيفهم، علماً أن التحقيق لم ينته ولم يصدر القاضي قراراته الظنية بحقهم بعد، مع الإشارة إلى أن سكرتيرة الوزير منعت، بناءً لطلبه، إحدى الموظفات التي لم يجر توقيفها من المشاركة في الاحتفال لأنها لا تنتمي إلى الحلقة الضيقة التي تحيط بشعبان. فهل يزوّدنا حضرة الوزير، انطلاقاً من تمنيه علينا باستقاء المعلومات من مصادرها، بأرقام التعويضات التي يتقاضاها الموظفون المحظيون الذين احتفل بهم من أموال العراقيين ومن الامتحانات الرسمية بالليرة اللبنانية والدولار الأميركي لتتم مقارنتها مع تعويضات باقي الموظفين الذين ينتمون إلى الفئة الوظيفية نفسها لنشرها أمام الرأي العام؟ وألا يُعد توزيع الحلوى تدخّلاً في التحقيق قبل صدور القرارات الظنية؟