عودة: كيف يتطوّر لبنان والوجوه الحاكمة هي نفسها التي أوقعته في المأزق؟

أشــار مــتــروبــولــيــت بــيــروت وتــوابــعــهــا لــلــروم الأرثــوذكــس الــمــطــران الــيــاس عــوده إلــى أنّــنــا "نــعــيــش فــي بــلــدٍ ديــمــوقــراطــيّ، يَــحــكُــمُــه دســتــورٌ واضــحٌ، والــقــاعــدةُ فــيــه تَــداوُلُ الــســلـطــةِ"، مــعــتــبــراً فــي الــمــقــابــل أنّ "مــا نَــشْــهَــدُه فــي الــواقــعِ هــو تَــنــازُعٌ عــلــى الــســلــطــة، ومــتــى وَصَــلَ أحــدُهــم إلــى مــركــزٍ يُــصــبــحُ مِــنَ الــصــعــبِ إقــصــاؤه عــنــه، وكــأنّــه أصــبــحَ حــقــاً مُــكــتَــسَــبــاً. وإنْ حَــصَــلَ أنْ تَــنَــحَّــى أحــدُهــم فــالــمــركــزُ يَــؤولُ إلــى خــلــيــفــتِــه، أحــدِ أبــنـائِــه أو أقــاربِــه أو مُــخــتــاريــه، ولــو عــلــى حِــســابِ الــدســتــورِ والــقــوانــيــنِ ورأيِ الــشــعــب".
 
وســأل عــوده فــي عــظــة الأحــد: "كــيـف تُــريــدون أنْ يــتــطــوّرَ بــلــدُنــا وأنْ يَــخــرُجَ مِــنْ مــأزَقِــه والــوجــوهُ الــحــاكــمــةُ هـــي نــفــسُــهــا الــتــي أوقــعــتْــه فــي الــمــأزَق؟". وأضــاف: "يَــرفـَـعــون شــعــاراتٍ ويَــعــمَــلــون عــكــسَــهــا. يَــدّعــون الــعِــفَّــةَ والاهــتــمــامَ بــشــؤونِ الــنـاسِ ويُــطْــبِــقــون عــلـى مـا تَــبَــقّــى مِــنْ أمــوالِ الــنــاسِ وأنــفــاسِــهــم. والــمــؤســفُ أنّــهــم يَــتَــبــادلــون الاتــهــامــاتِ فــيــصـبــحُ الــكــلُّ مُــتَّــهَــمــاً والــكــلّ بَــريــئــاً".
 
وتابــع: "مَــنْ أوصــلَ الــبــلــدَ إلــى مــا هــو عــلــيه؟ مَــنْ الـمَــسـؤولُ عَــنْ انــحـلالِ الـدولـةِ وعــنْ هَــذا الــتَّــدَهــوُرِ الإِقْــتِــصـادِيِّ الــقـاتِــل؟ مَــنْ يُـعَــرقِــلُ الإصـلاح؟ مَـنْ يَــمْــنَعُ مُـحـاسـبَـةَ الـفـاسـديـن؟ هَــل أصـبحَ الـمُـواطِــنُ عَـــدُوّاً لـلـمـسـؤولـيـن؟ ماذا يَـنـفَعُ عُــقــمُ ســيـاسـاتِـهـم أمامَ مَـشهـدِ انــتحارِ مـواطِـنٍ يَــئِـسَ مِـنْ حـياةِ الـذلِّ والـقَهـرِ؟".
 
وأكــمــل عــوده: "مَــنْ بــذَّرَ أمــوالَ الــنــاس؟ مَــنْ مَــنَــعَ الــنــورَ عَــنْـهـم وأجــهــضَ كــلَّ خِــطَّــةٍ إصــلاحــيــةٍ؟ مَــنْ فَــجّــرَ بــيــروتَ ومَــرفــأَهــا وســكــانَــهــا؟ مَــنْ يُــعــطِّــلُ عَــمَــلَ الــقــضــاءِ ويَــمــنــعُ ظــهــورَ الــحــقــيــقــة؟ مَــنْ عَــطَّــلَ دورَ لــبــنــان الـدِبـلـوماسـيّ والـثـقـافيّ والـتـربـويّ والاسـتـشـفـائيّ والــمَــالــيّ ولِـحِــسـابِ مَــنْ؟ مَــن سَــبَّــبَ تــهــجــيــرَ الــنـاسِ وتَــجــويــعـَـهــم وسَــلَــبَ الأمــلَ مِــنْ نُــفــوسِــهــم؟ ومَــنْ يُــعَــطِّــلُ انــتــخـابَ رئــيــسٍ لــلــبـلاد؟ ومَــن عَــطَّــلَ تــشــكــيــلَ الــحــكــومــاتِ ومــتــى تــألّــفــتْ عَــطَّــلَ عَــمَــلَــهــا، لأنَّ الــوزراءَ لا يُــشــكِّــلــون فــريــقَ عَــمَــلٍ مُــتَــجــانِــسٍ بــل يَــتْــبَــعــون مَــرجَــعِــيّــاتِــهــم ويُــنَــفِّــذون بـرامِـجَ مَــنْ سَــمّــوهــم؟ هــل يَــعــي الــمــســؤولــون نــتــيــجــةَ أعــمــالِــهــم وتــأثــيــرَهــا عــلــى الــمــجــتــمــع؟ كــلٌّ مــنــهــم يُــفَــكِّــرُ بــنــفــسِــه ومَــصــالــحِــه. مــاذا عَــنْ مَــصــلــحــةِ الــمــواطــنــيــن؟".
 
وأضــاف: "عِــوضَ مـُـحــاولــةِ حَــلِّ الــمــشــاكــلِ والـخــلافــاتِ يَــنــقــادون بــالــحِــقــدِ الــذي يُــعــمــي الــبــصــيــرةَ ويَــعــيــثُ الــخــرابَ عِــوضَ الإصــلاح. الــعــنــفُ بــشــتــى مَــظــاهــرِه مُــدَمِّــرٌ. الــعــنــفُ الــكَــلامــيّ والــسُــلــوكــيّ يُــدَمِّــرُ كــالــســلاح. فــلِــمَ لا يَــعــودُ كــلٌّ مــســؤولٍ إلــى نَــفْــسِــه ويَــتَـعَــلَّـمُ مِــن دروسِ الــمــاضـي، وعِــوَضَ الــتــركــيــزِ عــلــى مــا يُــفــرّقُ لِـمَ لا يُــفَــتِّــشــون عَــمّــا يَــجــمــع؟ كَــفَـــى تَــعَــنُّــتـاً وإِهـــانَـــةً لِأَيْــقـــونـــاتِ اللهِ الــمَــســكــوبَـــةِ بَــشَـــرًا، الَّــتــي تُــشَـــنُّ ضِـــدَّهـــا حَـــرْبٌ جَـــديـــدَةٌ مُـدَمِّـرَةٌ عِـوضَ حِـفْـظِـهـا بَــهِــيَّـــةً ومُــكَـــرَّمَـــة".