غزة تتنفّس الصعداء

تكلّلت «الدفعة الأولى» من تبادل الأسرى والرهائن بين إسرائيل وحركة «حماس» بالنجاح أمس، مع إطلاق الدولة العبرية سراح 39 من المعتقلين الفلسطينيين في سجونها مقابل إفراج الحركة عن 13 من الرهائن الإسرائيليين الذين كانت تحتجزهم في قطاع غزة، في اليوم الأوّل من اتفاق هدنة أتاح تحقيق هدوء وإدخال مساعدات إضافية إلى القطاع، الذي تنفّس الصعداء بعد أسابيع من الحرب الشنيعة التي تسبّبت بقتل 14854 شخصاً.

وإضافةً إلى الإسرائيليين الـ13، وهم من الأطفال والنساء، أطلقت الحركة سراح 10 تايلانديين وفيليبيني واحد، بحسب قطر التي توسّطت في الاتفاق. كما أفرجت إسرائيل عن 39 إمرأة وطفلاً. وأظهرت مقاطع فيديو لوكالة «فرانس برس» أربع سيارات تابعة للصليب الأحمر تُغادر القطاع نحو مصر عبر معبر رفح.

وسارع الرئيس الأميركي جو بايدن إلى اعتبار ما حصل أنّه «ليس سوى البداية»، مؤكداً وجود «فرص حقيقية» لتمديد هدنة الأيام الأربعة التي دخلت حيّز التنفيذ أمس. وحضّ على بذل جهود إضافية سعياً إلى «تجديد عزمنا على استكمال حلّ الدولتين»، معتبراً أنه «أهمّ من أي وقت مضى». كما لفت إلى أنّه يحضّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على «التركيز على خفض عدد الضحايا المدنيين أثناء محاولته القضاء على «حماس»، وهو هدف مشروع». لكنّه رأى أن ذلك سيكون «مهمّة صعبة».

وذكر الجيش الإسرائيلي في بيان أن «الرهائن المُفرج عنهم خضعوا لتقييم طبّي أولي داخل الأراضي الإسرائيلية»، موضحاً أنّه سيُرافقهم أثناء توجّههم إلى المستشفيات الإسرائيلية، حيث سيتمّ لمّ شملهم مع عائلاتهم. وأظهرت لائحة نشرها مكتب نتنياهو أن من بين الرهائن المُفرج عنهم، ثلاث فتيات وصبي تتراوح أعمارهم بين عامَين وتسعة أعوام، بالإضافة إلى 6 نساء تزيد أعمارهنَّ عن 70 عاماً.

وأفرجت إسرائيل عن 39 فلسطينيّاً، بحسب «نادي الأسير الفلسطيني». وأُطلق سراح 28 منهم في بيتونيا في الضفة الغربية، فيما نُقل 11 آخرون للإفراج عنهم في القدس الشرقية. وكانت هيئة الأسرى والمحرّرين التابعة للسلطة الفلسطينية قد نشرت لائحة تضمّ 39 اسماً لأسرى فلسطينيين، هم 15 فتى و24 إمرأة. واستُقبل الأسرى المحرّرون بتجمّعات احتفالية حاشدة في الضفة، حيث أُطلقت المفرقعات النارية.

قبل ذلك، أطلق الجيش الاسرائيلي الغاز المسيّل للدموع لتفريق حشد من الفلسطينيين تجمّعوا بالقرب من سجن عوفر في الضفة. وتوصّلت قطر، الوسيط الرئيسي، إلى جانب مصر والولايات المتحدة، إلى اتفاق الهدنة القابل للتمديد والذي ينصّ على تبادل 50 رهينة محتجزين في غزة بـ150 معتقلاً فلسطينيّاً لدى إسرائيل.

وأكد رئيس المكتب السياسي لـ»حماس» إسماعيل هنية في كلمة، التزام الحركة بـ»تنفيذ الاتفاق وإنجاحه طالما التزم العدوّ بتنفيذه»، بينما أكد نتنياهو في بيان التزامه «إعادة جميع المخطوفين»، معتبراً أن «إعادة الرهائن هي من أهداف الحرب ونحن ملتزمون بتحقيق كلّ أهداف الحرب».

وفي غزة، غادر منذ ساعات الفجر الأولى عشرات آلاف السكان، المدارس والمستشفيات التي احتموا فيها للعودة إلى بيوتهم في المناطق الشرقية الحدودية لخان يونس ورفح والبريج والمغازي ودير البلح التي غادروها قبل أسابيع، فيما أعلنت الأمم المتحدة تفريغ حمولة 137 شاحنة تنقل المواد الغذائية والماء والأدوية في القطاع منذ بدء الهدنة، موضحةً أن هذه «أكبر قافلة إنسانية» تدخل غزة منذ بدء الحرب.

في الأثناء، تحدّثت وزارة الصحة التابعة لـ»حماس» عن انسحاب الجيش الإسرائيلي من مجمّع «الشفاء» الطبي، أكبر مستشفيات القطاع، بعد أيام من اقتحامه وإنذار معظم من كانوا فيه من مرضى ونازحين بإخلائه، وتدمير عدد من مرافقه والمولّد الرئيسي للكهرباء والعديد من الغرف والأسوار والساحات وإلحاق أضرار كبيرة في مباني المستشفى.

ديبلوماسيّاً، استدعى وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين سفيرَي إسبانيا وبلجيكا «لإجراء محادثة توبيخ حادة»، بعدما ندّد رئيسا حكومتَيهما من رفح بالقصف المدمّر على القطاع ودعوا إسرائيل إلى «الاعتراف بدولة فلسطين». ودان كوهين في بيان «المزاعم الكاذبة لرئيسَي وزراء إسبانيا وبلجيكا اللتَين تُقدّمان الدعم للإرهاب».

توازياً، اعتبر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله رئيسَي الوزراء الإسباني والبلجيكي في القاهرة أن «إحياء مسار حلّ الدولتين فكرة استنفدت»، داعياً إلى «الاعتراف بالدولة الفلسطينية وإدخالها الأمم المتحدة... هذا يُعطي جدّية».