من لعب على تدمير لبنان لا يصلح لمرحلة الإعمار

رأى الخبير في الاقتصاد والنقد د.إيلي يشوعي في حديث إلى "الأنباء"، أن مشهدية ما بعد وقف إطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل وسقوط نظام الأسد في سورية، "لا تعني انتهاء الحروب في لبنان والمنطقة، بل قد تكون مرحلة انتقالية تنطوي على استراحة المحاربين أكثر منها ترسيخ أواصر السلام والاستقرار، لاسيما أن المنطقة برمتها من فلسطين إلى لبنان فسورية والعراق واليمن تعج باللاعبين الإقليميين والدوليين، وتضج بالمتناقضات بين الغاية والهدف من وجود كل منهم على الساحة الشرق أوسطية".

وقال يشوعي: "التعافي الاقتصادي لا يقوم على زغل ونوايا مبيتة، ولا على استشراف المحللين السياسيين والعسكريين ما قد تأتي به المرحلة المقبلة من سلبيات وإيجابيات، ولا على سقوط نظام هناك ووقف إطلاق نار هنا مبطن بمراقبة ورصد كل فريق تحركات الآخر، بل يقوم على شروط وأسس متينة وصلبة قوامها الثقة الكاملة بين أقطاب النزاعات والصراعات الجيوسياسية، والتي من شأنها استقطاب الاستثمارات المحلية والخارجية والمشاريع التنموية، وإنعاش القطاعين المصرفي والنقدي، وإحياء القطاع الخاص المنتج".

 

وسأل يشوعي: "أين لبنان اليوم من تلك الشروط والأسس؟ وأين هو من عوامل النشاط الاقتصادي التي من المفترض أن تكون طليعة أولويات السلطة التنفيذية؟ هو عمليا في المنطقة السوداء لا الرمادية بحسب ما صنفته مؤخرا مجموعة العمل المالي الدولية، لأن شروط وعوامل قيام اقتصاد لبنان من تحت الأنقاض والدمار باستثناء عامل الاغتراب اللبناني غير متوافرة حتى الساعة، ان لم نقل معدومة، ولا تشي لا المشهدية السياسية بين اللبنانيين، ولا سلبيات الوقائع الإقليمية ذات الصلة بالشأن اللبناني، باقتراب توفرها".

وأضاف: "لبنان في وضع اقتصادي مأساوي لا يحسد عليه، وقد تحول بفعل عبقرية السلطة التنفيذية إلى اقتصاد نقدي أقل ما يقال فيه انه تدميري مميت، ولا مبالغة في القول إن الفضل في إنعاش الرئة اللبنانية وضخها بالأوكسجين المحيي يعود إلى المغترب اللبناني صمام الأمان الاجتماعي والنقدي، الذي حال سابقا ويحول اليوم دون وصول لبنان ومعه اللبنانيين إلى لحظة الارتطام الكبير".

 

وردا على سؤال، أكد يشوعي "أن الخطوة الأولى باتجاه الحلول تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية. رئيس تعكس شخصيته صورة مستقبل لبنان على المستويات كافة، لاسيما المستويين الاقتصادي والنقدي منها، ويكون الرأس المدبر والعقل الإستراتيجي للدولة، ودينامو توليد الطاقات البشرية محليا واغترابيا، على أن تواكبه حكومة من أصحاب العلم والكفاءة والمعرفة، أي حكومة سياسية تقنية قادرة على اختراق جدار الانهيارات والولوج منه إلى لبنان الجديد.

لبنان الاقتصاد القوي ومركز المصارف ودنيا العلوم والطب والتعليم والثقافة. لبنان رجال الدولة من خامة بشارة الخوري ورياض الصلح وكميل شمعون وشارل مالك وميشال شيحا وفؤاد بطرس.. لا لبنان أمراء الحرب والطوائف ورجال الوجاهة والصفقات والفساد. من لعب على مدى 50 عاما لعبة تدمير لبنان لا يصلح لمرحلة الإعمار والبناء".