المصدر: Kataeb.org
الخميس 17 نيسان 2025 15:40:30
كتب المحامي شارل الحاج:
١٣ نيسان ١٩٧٥ وفي الشياح عين الرمانة ، حدث أمني كبير أنتج حرباً مدمرة دامت مراحلها حتى العام ١٩٩٠ دون نهاية ، وفي ١٣ نيسان ٢٠٢٥ ، وبعد خمسين سنة ، وفي الشياح عين الرمانة ، حدث سياسي كبير أحدث دوياً لم يشأ الكثيرون من منتحلي الزعامة التوقف عنده أو تتبعه كما ينبغي لأنه ربما اللعبة عندهم لم تنته بعد ، فلو سمعوا وانصتوا جيداً لما قاله رئيس حزب الكتائب اللبنانية في ذكرى ١٣ نيسان لاستنتجوا العبر وصفقوا كما فعل الحضور للبنان الجديد وللبعد الإستراتيجي لما يطمح إليه اللبنانيون ويريدونه .
ومن ملامح المعطيات الدولية والإقليمية ، لا عجب أن يبدأ الشيخ سامي الجميل خطابه بعبارات الإنتصار ، وبكلمات لم يجيرها لشخصه ، بل أكد أن هذا الإنتصار هو انتصار للبنان على كل المحتلين وعلى التوطين والوطن البديل ، وهو إنتصار سيادة الدولة على الدويلات . وهو بذلك يزف إلى اللبنانيين أن لبنان الجديد الذي كان يفتش عنه الشيخ بيار الجد " اي لبنان نريد " , قد بزغ فجره وبانت ملامحه . وبكل إنفتاح وعزة نفس وشجاعة ، لم يعتبر الشيخ سامي أن هذا الإنتصار هو محقق أو تحقق ضد أي لبناني . فالذكرى ليست لنكأ جراح ومآسي الحرب ، وهي التي اقتحمت دارة آل الجميّل وسرقت منهم اغلى وأعز النفوس ، بل هي للتمييز بين الغلط والصح ولمنع التزوير الحاصل منذ العام ١٩٩٠ من قِبل النظام السوري وأعوانه .
وقد أراد الشيخ سامي وقف ما أسماه التسخيف والتشويه للحقيقة ، عندما يقولون إن الحرب هي أهلية، مصححاّ الهدف بأن المقاومة اللبنانية كانت لبنانية بوجه الغريب ، بوجه المنظمات الفلسطينية المسلحة والجيش السوري ، هذه المقاومة لم تكن لتوجد لو أن الجيش اللبناني لم ينكفىء إلى ثكناته ، وفي هذا تحية للجيش أنه قادر ودعوة له ليمارس دوره في منع الحروب وتداركها .
وفي سرد واقعي مجرد أظهر الشيخ سامي مدى تعلق اللبناني بأرضه وبيئته فدافع عنها من هجمات فرضت عليه وهو لا يريدها مؤكداً أن توّجه المقاومة لم يكن يوماً لمقاتلة اللبناني آلآخر ، وفيها دعوة صريحة ومد يد بصفاء ذهن وضمير مرتاح لحماية لبنان .
وفي إعطاء المقاومة اللبنانية شرف نضالها ، ووفاء لحقها ، اعتبر الشيخ سامي أنها كانت دفاعية وليست هجومية ، دفاعاً عن بيوتنا وأهلنا وأرضنا " نحنا ما رحنا على الحرب هيي أجت لعنا " . وبنفَس المقاوم يفتخر بما أنجزه وحققه هؤلاء المقاومون فأصبحوا الرمز والفخر والعزة .
ثم وبقاعدة السبب والنتيجة اعتبر الشيخ سامي أن ذكرى ١٣ نيسان تتضمن عِبَر يجب التوقف عندها والتعلم منها أولها وجود السلاح غير الشرعي الذي كان السبب في نشوب الحرب ، وخاطب حزب الله بالمباشر لاستخلاص العبر من الحروب التي خاضها . فهي لم تأت على لبنان إلا بالويلات والخراب والمآسي داعياً إياه الى تسليم سلاحه والدخول في عملية بناء الدولة . وأن عملية تسليم السلاح هو مدخل اساسي لبناء الثقة بدون إلغاء أو تعالي أو تهميش او تخزين أو خوف .من هنا دعا الشيخ سامي ومن مبدأ المساواة ، كل الفرقاء للإعتراف بشهداء الآخر سواء سقطوا بوجه السوري أو الإسرائيلي .
وكشاب لبناني الحريص على مستقبل جيله والقادم ، دعا الشيخ سامي كل اللبنانيين الى التكاتف ووضع اليد باليد لفتح صفحة جديدة عنوانها الدولة اللبنانية .
وبلغة الرفيق والمناضل ، لم ينس الشيخ سامي رفاقه الكتائبيين وحزبه المدرسة في الوطنية والأخلاق ، الحزب الذي لا يساوم ولا يستسلم حيث يتسابق قادتها للشهادة قبل اعضائها ، كل ذلك في سبيل لبنان .
وبكل ثقة وعنفوان يجدد الشيخ سامي العهد والوعد بأن الحزب الذي قاوم في الحرب سيبني في السلم ، هذه هي مدرسة بيار الجميل الوطنية المضحية في سبيل الوطن .
واخيرا، سامي الجميّل وضع في هذه الذكرى حداً فاصلاً بين معنى الذكرى والاستذكار وبين العبر والدروس المستخلصة من التجارب والحروب.