10 ملايين دولار من قطر للمختبر المركزي.. ما مصيرها؟

تعود قضية المختبر المركزي إلى شهر تشرين الثاني من العام 2019 في مرحلة تصريف الأعمال للحكومة السابقة، حين شارك وزير الصحة السابق، الدكتور جميل جبق، في مؤتمر قطر الأول للصحة العامة، حيث التقى وزيرة الصحة العامة القطرية الدكتورة حنان محمد الكواري، ثم التقى في وقت لاحق رئيس الوزراء القطري الشيخ عبدالله بن محمد آل ثاني، وتوّجت تلك اللقاءات بتعهّد الدولة القطرية بتقديم هبة تقدّر بـ10 ملايين دولار، مخصّصة لإنشاء مختبر مركزي شامل في مستشفى الحريري الحكومي.
بدأت حينها المساعي، يقول جبق في حديثه إلى "المدن". فأرسلت الحكومة القطرية موفداً حصل على مسودة المشروع المالي والهندسي الذي أعدته منظمة الصحة العالمية، خلال مهمتها في لبنان، وتمت دراسة المشروع من كافة جوانبه. ووصل إلى الخاتمة تقريباً. فحصل على موافقة مبدئية وتعهّد قطري بتقديم 10 ملايين دولار لإنجاز المختبر.

ووفق جبق، كان الاتفاق مع الدولة القطرية يقضي بإرسال موفد لبناني إلى قطر في شهر شباط الفائت لإبرام وتوقيع الإتفاقية بشكل رسمي والإعلان عنها، تمهيداً لإنجاز المختبر وخروجه إلى النور خلال عام واحد فقط، وهو ما لم يحصل حتى اليوم.

الدواء والغذاء والهواء..
ولأن جرت العادة بين الدول أن تُعلّق مشاريع الاتفاقيات والهبات قبل توقيعها، في حال تغيّرت الحكومة، من المفترض أن يُعاد البحث بالموضوع من جديد من قبل الحكومة الجديدة والوزير المعني لإعادة الملف إلى مساره الطبيعي، يقول جبق، فالمطلوب اليوم إعادة التواصل مع الدولة القطرية لمتابعة موضوع الهبة وإنشاء المختبر، وإعادة العمل به في الفترة المقبلة، بعد استئناف نشاط المطار، لاسيما أن القطريين أبدوا كل رغبة لمساعدة لبنان في مشروع المختبر.

وتكمن أهمية إنشاء المختبر المركزي، وفق جبق، لكونه سيكون شاملاً لفحص الأدوية والمواد الغذائية والمتممات والماء والهواء، وكل ما يتعلق بالفحوص الدوائية، وبعينات الدواء الجديدة التي تخضع لمواصفات ومعايير قبل تسجيلها أو الموافقة على استيرادها: "فالمختبر سيحسّن مستوى الجودة الدوائية وسيوفّر من الكلفة المالية الكبيرة التي يتكبدها لبنان اليوم. إذ تجرى فحوص الأدوية حالياً في مختبرات أجنبية خارج البلد، ومن الصعب أن يكون لدينا صناعات دوائية على المستوى المطلوب من دون المختبر المركزي".

لوجستيات معقدة!
وبعد التواصل مع مستشار وزير الصحة لشؤون الدواء، الدكتور محمود زلزلي، وهو كان أحد المشاركين في إنجاز مشروع المختبر المركزي ضمن فريق عمل الوزير جبق، قبل أن ينتقل إلى فريق عمل الوزير الحالي الدكتور حمد حسن، أكد في حديثه إلى "المدن"، أن مشروع المختبر (والهبة القطرية) لا يزال قائماً. وقد سبق لفريق الوزير حسن أن باشر استكمال الملف من حيث وصل الوزير جبق، إلا أن الظروف المرتبطة بأزمة كورونا حالت دون استكماله لكن ذلك لا يعني إلغائه.

وإذ أكد زلزلي بأن مشروع المختبر المركزي لا يزال على السكة السليمة، وسيُستأنف التواصل لاحقاً مع الجانب القطري لاستكمال الملف، أشار إلى أن الإجراءات اللوجستية معقدة نوعاً ما، لجهة طبيعة الأجهزة المطلوبة، ومسألة تخصيص مبنى للمختبر تابع لمستشفى الحريري الحكومي، وما يستلزمه من إجراءات إدارية مع المستشفى، وتعيين إدارة مستقلة. أضف إلى تأهيل المبنى الجديد الذي لم يتم بناؤه ليكون مختبراً، الأمر الذي يستلزم تعديله وتهيئته وتحديد نوعية المعدات والفحوصات وغير ذلك.

ولفت زلزلي إلى أن بعض مراحل المشروع شارفت على الإنتهاء، و"مشروع المختبر بات جاهزاً في وزارة الصحة، ومن المُرتقب أن يبدأ العمل بأحد أقسامه قبل نهاية العام الجاري 2020. ومن الممكن أن يبدأ بشكل تدريجي، قد يكون قسم تحليل الأدوية أو غير ذلك. إذ ليس لزاماً أن يبدأ العمل بكافة أقسامه دفعة واحدة".

أما عن موعد خروج المختبر المركزي بشكل كامل إلى النور، فأكد زلزلي أن الأمر يستلزم المزيد من الوقت، لاسيما أن الجهة التي من المُفترض أن ترعاه يتم تأسيسها حالياً في المجلس النيابي، وهي منظمة الأغذية والدواء اللبنانية، وهي في مرحلة اللجان النيابية، والموضوع مرتبط بطريقة او بأخرى بتطوير النظام الصحي في لبنان.