12 جلسة عقيمة منذ عام ولا رئيس: تكرّر فقدان نصاب الدورة ثانية وسجالات أشهرها "مادّة إجرها من الشباك"

قبل عام وفي مثل هذا اليوم بدأت جلسات انتخاب رئيس الجمهورية خلفاً للرئيس السابق ميشال عون، من دون أن تنجح الكتل النيابية في صوغ تحالفات تؤمن لها الأكثرية الدستورية لإيصال مرشحها لسدة الرئاسة الأولى. فكيف توزعت أصوات الكتل في الجلسات التي امتدّت من 29 أيلول الى 14 حزيران.

قبل أكثر من شهر من انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى أولى جلسات الانتخاب الرئاسية في 29 أيلول عام 2022، وفي حضور 122 نائباً من أصل 128 رُسمت معالم التأزم والاستعصاء في إمكانية نجاح اللبنانيين من دون تدخل خارجي في إنجاز الاستحقاق الدستوري الأبرز في الجمهورية.

جلسات بيضاء وتراجع عدد النواب المشاركين فيها
قبل الجلسة لم تعلن أي من الكتل أسماء مرشحيها لتتصدر الورقة البيضاء نتائج تصويت الدورة الأولى في الجلسة الأولى لانتخاب رئيس للجمهورية، وتلك الاصوات التي كانت 63 ورقة بيضاء توزعت على كتل "لبنان القوي" و"التنمية والتحرير"، و"الوفاء للمقاومة"، وحلفائهم فيما نال المرشح ميشال معوض 36 صوتاً بعدما منحته كل من كتل " الكتائب" و"الجمهورية القوية"، و"اللقاء الديموقراطي"، وحلفائهم أصواتها. أما النواب التغييريون (كان عددهم 13 قبل إبطال نيابة النائب السابق رامي فنج) ففضّلوا التصويت للمرشح سليم إده (حاز 11 صوتاً)، فيما فضّل تكتل "الاعتدال" ونواب مستقلون التصويت بعشرة نواب لـ"لبنان الجديد".

المشهد في الجلسة الأولى كان يشي بأن الورقة البيضاء قد تصل الى النصف زائداً واحداً ولا سيما أن أحد النواب القريبين من خيار الورقة البيضاء (لم يكن أُعلن ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية)، صوّت لـ"نهج الاعتدال" في إشارة الى الرئيس الشهيد رشيد كرامي.

أما الجلسة الثانية التي حددها بري في 13 تشرين الأول فلم تنعقد بسبب مقاطعة نواب التيار البرتقالي ومعهم كتل أخرى لتزامن موعد الجلسة مع ذكرى 13 تشرين الأول 1990.

وصباح 20 تشرين الأول التأمت الجلسة الثالثة لانتخاب رئيس للبلاد في حضور 119 نائباً من دون أن يتغير المشهد إن كان لجهة السجالات بشأن النصاب الدستوري في الدورة الثانية أو لجهة انتقاد معطلي النصاب بعد الدورة الأولى. السيناريو تكرر مع تراجع الورقة البيضاء الى 55 وارتفاع أصوات معوض الى 42، وكذلك ارتفاع اصوات "لبنان الجديد" الى 17، وتعطل النصاب في الدورة الثانية مع انسحاب نواب من تحالف 8 آذار السابق ومعهم "التيار الوطني الحر".

المشهد عاد ليتكرر في الجلسة الرابعة في 24 تشرين الأول وهي الجلسة الأخيرة التي سبقت انتهاء ولاية عون وسط تراجع عدد النواب الذين حضروا الجلسة الى 110 وكذلك تراجع الورقة البيضاء الى 50 وكذلك تراجعت أصوات معوض من 42 الى 39 فيما برز التصويت للدكتور عصام خليفة بحصوله على 10 أصوات من التغييريين ومعهم النائب أسامة سعد، أما "لبنان الجديد" فتراجع من صوّت بتلك الورقة من 17 الى 13.

جلسة "مادّي إجرها من الشباك"

بعد انتهاء ولاية الرئيس عون عقدت الجلسة الخامسة مع تراجع عدد النواب المشاركين فيها الى 108 أي بغياب 20 نائباً على خلاف ما كان متوقعاً بأن يكون الحضور كاملاً نظراً لبدء الفراغ في سدة الرئاسة. لكن ما ميّز الجلسة الخامسة 10 تشرين الثاني عدا عن تراجع الورقة البيضاء الى 47 وتقدم معوض الى 44، وتراجع "لبنان الجديد" الى 7 وخليفة الى 6، كان السجال المتجدد بشأن النصاب الدستوري مع ثبات تعطيل الدورات الثانية في كل الجلسات، ولفتت فيه عبارة بري التي لم يتلقفها كثر في توقيتها عندما رد على النائب سامي الجميّل بشأن النصاب والمادة الدستورية التي تتحدث عن نصاب الثلثين، علماً بأن المادة 49 من الدستور تنص على نصاب الثلثين، وقال رئيس المجلس "مادي إجرها من الشباك"، ما ترك لغطاً لدى بعض النواب واعتبروا كلام رئيس البرلمان غير جدّي الى أن تبيّن أن العبارة تعود لأحد القضاة منتصف القرن الفائت عندما كان ينظر في قضية دعارة وعندما سئل القاضي وفق أي مادة ستُحاكم المتهمة بالدعارة، أجاب حينها أن المادة هي "مادّي إجرها من الشباك" في إشارة الى وجود الجرم ومن دون الحاجة الى دليل آخر، وكان بري يرمي الى أن الدستور واضح وفيه نص عن النصاب.

استمتع بعض النواب بمجريات الجلسة الخامسة وعادوا الى ساحة النجمة في الجلسة السادسة في 17 تشرين الثاني من دون أن يتغير المشهد إن كان لجهة الأوراق البيض (46)، ومعوض 43 صوتاً وثبات "لبنان الجديد" وثبات عدد المصوّتين لخليفة.

بعد أسبوع وتحديداً في 24 تشرين الثاني اجتمع 110 نواب تحت قبة البرلمان وصوّت 50 منهم بورقة بيضاء، و42 منحوا أصواتهم لمعوض، وتكرر سيناريو التصويت لـ"لبنان الجديد" ولخليفة.
وفي بداية كانون الأول كانت الجلسة الثامنة بحضور 112 نائباً، فضّل 52 منهم الورقة البيضاء مع تراجع أصوات معوض الى 37 ومن دون تغييرات تذكر في توزع الأصوات الباقية ما بين "لبنان الجديد"، وخليفة، وللمرشح زياد بارود وأوراق ملغاة.

الجلسة التاسعة تعادل أبيض بحضور 105 نواب

الجلسة التاسعة عقدت في 8 كانون الأول فسجلت أدنى نسبة في حضور النواب حيث حضر فقط 105 نواب من أصل 128 وتميّزت بحصول معوض على 39 صوتاً تماماً كما كان نصيب الورقة البيضاء وسط استمرار السجالات بشأن تطيير النصاب مع ملاحظة التراجع اللافت في عدد المصوتين بالورقة البيضاء حيث صوّت 39 نائباً من تحالف "أمل" و"حزب الله" ومقربين بورقة بيضاء فيما لم يمنح تكتل "لبنان القوي" الورقة البيضاء أصواته أو على الأقل لم يصوت بكامل أعضائه كما جرت العادة في الجلسات الأولى.

أما في الجلستين العاشرة والحادية عشرة اللتين عقدتا في 15 و19 كانون الأول الفائت فلم يتغير المشهد مع ثبات الورقة البيضاء على 37 صوتاً وتراجع معوض الى أدنى رقم يسجله منذ 29 أيلول حيث حصل في الجلسة الـ11 على 34 صوتاً فقط وكانت تلك الجلسة هي الأخيرة التي يترشح فيها، مع الإشارة الى حضور 111 نائباً في تلك الجلسة.

مسك ختام الجلسات كانت الجلسة الثانية عشرة الشهيرة والتي التأمت في 14 حزيران في حضور 128 نائباً وهي الجلسة الأولى التي انقسمت فيها الأصوات بين مرشحين أساسيين هما الوزيران السابقان سليمان فرنجية الذي حصل على 51 صوتاً وجهاد أزعور الذي نال 59 صوتاً فيما كانت حصة "لبنان الجديد" 8 أصوات، وصوّت لبارود 6 نواب فيما نال قائد الجيش العماد جوزف عون صوتاً واحداً ووُجدت 3 أوراق ملغاة.