المصدر: نداء الوطن
الجمعة 4 آب 2023 07:20:14
لن يحيي لبنان اليوم الذكرى الثالثة لانفجار الرابع من آب 2020 فحسب، إنما يمضي قدماً على طريق سلَكه التجمع الشعبي الأكبر في تاريخ لبنان في 14 آذار 2005. وما يربط بين التاريخين هو العدالة التي ينشدها اليوم ذوو مئات الشهداء وآلاف الجرحى ومئات الألوف من المتضررين من انفجار مرفأ بيروت الذي عُدّ جريمة العصر. وستكون المشاركة الديبلوماسية الدولية اليوم في الذكرى تأكيداً على أنّ لبنان في أمسّ الحاجة الى المساعدة الخارجية الفاعلة كي يخرج من الحلقة الداخلية المفرغة للإجهاز على التحقيق المحلي.
وصار جلياً من سيل المواقف في هذه الذكرى المأساة، أن الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، ومعهم المجتمع الدولي، ينشدون كشف الحقيقة. وفي المقابل، تسعى أقلية الى طمس الحقيقة، كما فعلت عام 2005، بشن حملة شعواء على التحقيق اللبناني الذي يجريه المحقق العدلي طارق البيطار. ومن بين هذه الأقلية من يتلطى وراء عبارة «عدم التسييس» كحق يراد به باطل.
لم تكن الدعوة الى التحقيق الدولي لمؤازرة التحقيق اللبناني «ابنة ساعتها»، إنما بلغت ذروة مطالبة بدأت يوم الانفجار الرهيب قبل ثلاثة أعوام. لذلك جاء تلاقي المرجعيتَين الروحيتَين البارزتَين المارونية والسنيّة، البطريرك بشارة الراعي ومفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، على صوغ موقف متكامل دعماً للتحقيق في الانفجار وصولاً الى الحقيقة. فالراعي خلال رئاسته أمس الذبيحة الالهية في كاتدرائية مار جرجس المارونية وسط بيروت على نية شهداء إنفجار المرفأ والجرحى، اعتبر مطالبة أهالي الضحايا بلجنة دولية لتقصي الحقائق تساعد المحقق العدلي في إنجاز مهمته «محقة». أما دريان فدعا أئمة المساجد وخطباءها في لبنان الى تخصيص خطبة الجمعة ظهر اليوم لانفجار مرفأ بيروت، وأن يتزامن إطلاق التكبيرات في المساجد مع وقت وقوع الانفجار عند الساعة السادسة والدقيقة العاشرة. وسأل: «ألا يستحق أهالي الضحايا والجرحى والمتضررين من انفجار مرفأ بيروت تخصيص جلسة لمجلس الوزراء في السراي الحكومي، لاطلاع الرأي العام على آخر ما توصلت إليه التحقيقات القضائية والمعطيات الأمنية في هذا المجال لإراحة كل اللبنانيين؟».
خارجياً، بعثت لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الاميركي رسالة وقّعها رئيس اللجنة السيناتور جايمس ريتش الى الرئيس جو بايدن، جاء فيها: «مع اقترابنا من ذكرى ثالثة للانفجار الذي دمر مرفأ بيروت، أكتب إليكم للتعبير عن شكوكي العميقة في النهج الأميركي تجاه لبنان. لقد كانت المساءلة بطيئة للغاية وغارقة في التخويف. فالمحكمة الخاصة بلبنان التي أنشئت في أعقاب اغتيال رفيق الحريري عام 2005، أصدرت حكماً غير مرضٍ عام 2020 ضد أعضاء «حزب الله». علاوة على ذلك، لم نرَ أي مساءلة عن انفجار المرفأ المأسوي، أو وفاة جندي حفظ السلام الأيرلندي التابع للأمم المتحدة دون داعٍ، أو مقتل لقمان سليم، وهو خصم صريح لـ «حزب الله». لا يمكن للبنان أن ينتظر 15 عاماً للمساءلة، ويجب على الولايات المتحدة أن تعطيه الأولوية كركيزة للسياسة الأميركية اللبنانية».
وأضاف السيناتور ريتش في رسالته: «برز نبيه بري، رئيس البرلمان الحالي، كامتداد واضح لـ»حزب الله»، واستخدم بمفرده الإجراءات البرلمانية لتأخير اختيار رئيس جديد لصالح المرشح المدعوم من «حزب الله». اني أرحب بالتصريحات الأخيرة الصادرة عن أوروبا والتي تدعو إلى فرض عقوبات على بري، وعلى أولئك الذين يعرقلون اختيار الرئيس في الوقت المناسب. علاوة على ذلك، وعلى غرار المراسلات السابقة، أشدد على أهمية ممارسة السلطات القائمة لفرض عقوبات على أعضاء النخبة المالية والسياسية في لبنان من مختلف الأطياف السياسية والطائفية الذين ينخرطون في الفساد ويقوضون سيادة القانون».