المصدر: النهار
الكاتب: منال شعيا
الأربعاء 17 أيلول 2025 07:17:20
بعبارات واضحة وصريحة: أيّ دور بعد للاتفاقات السابقة بين لبنان وسوريا، التي تكاد تُختصر بمعاهدة الأخوّة والتعاون والتنسيق؟ وهل تسقط هذه الاتفاقات من دون إسقاط فعلي لها؟ أما حان الوقت لإلغاء المجلس الأعلى اللبناني - السوري؟
طوال 15 عاماً، عانى لبنان من إطباق الوصاية السورية على مفاصل الدولة ومؤسساتها. واليوم، هل يمكن اعتبار هذه الاتفاقات لاغية بتغيّر الطرف الثاني منها أي الجانب السوري؟ أم تحتاج المسـألة إلى إلغاء من مجلس النواب؟
في 8 كانون الأول 2025، انهار نظام بشار الأسد، مع كل ما تركه وراءه من تركة ثقيلة لا على سوريا فقط بل على الداخل اللبناني...
42 اتفاقاً... من الاحتلال
وعلى الرغم من مرور 20 عاماً على انسحاب سوريا من لبنان، لم تبادر السلطة اللبنانية، مرة واحدة، من رئاسة جمهورية إلى مجلس وزراء ومجلس نواب، إلى مناقشة الاتفاقات اللبنانية – السورية التي وقّعت بين الجانبين، فلمَ لا تزال هذه "التركة" موجودة؟
42 اتفاق تعاون وقّع بين لبنان وسوريا في عام 1990، منها ما لم يطبّق ومنها ما طبّق منه الجزء الذي يلبّي مصلحة سوريا فقط، فكانت هذه الاتفاقات انتهاكاً آخر للسيادة اللبنانية. وتأتي في مقدّمها "معاهدة الأخوّة والتعاون والتنسيق"، "اتفاق الدفاع والأمن"، "اتفاق التعاون والتنسيق الاقتصادي والاجتماعي"، "اتفاق نقل الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبات".
وقد نتج من هذه المعاهدات مجالس لا فائدة منها، أشهرها المجلس الأعلى اللبناني – السوري الذي بات إلغاؤه اليوم خطوة لا يبرّر تأجيلها أي ظرف. ولأن القانون لا يُلغى إلا بقانون، فإن المجلس الأعلى أنشئ بموجب نصّ المعاهدة التي صادق عليها مجلس النواب اللبناني. وبالتالي، إلغاؤه ينتج تلقائياً من إلغاء المعاهدة برمتها، وكل ما يترتب عليه من مفاعيل، وبالتالي من تكاليف أو نفقات أو رواتب.
اتفاق فيينا
ينطلق الخبير الدستوري الدكتور سعيد مالك من معادلة تفيد أن "إلغاء أيّ معاهدة يكون خاضعاً لاتفاق فيينا لقانون المعاهدات الذي دخل حيّز التنفيذ في 27 كانون الثاني 1980، وفق آلية واضحة ومحددة".
يشرح مالك لـ"النهار": "بالعودة إلى اتفاق فيينا يتبيّن أن إبطال المعاهدات التي وُقّعت تحت تأثير الإكراه، كما جرى في الاتفاقية اللبنانية – السورية له آلية ملزمة واجب اتباعها. تبدأ هذه الآلية بالاستناد إلى المادة 65 من الاتفاق بتوجيه إخطار (أي إبلاغ قانوني) توجهه الدولة اللبنانية (أي الحكومة) إلى الدولة السورية، لتعلمها بموجبه رغبتها في إبطال الاتفاقات وأسباب ذلك، وأمام الجمهورية السورية مهلة 3 أشهر للجواب على هذا الإخطار والإبلاغ".
أما في حال التلكؤ، فيمكن للدولة اللبنانية البدء فوراً بالإجراءات وفق المادة 67 وما يليها من اتفاق فيينا.
يعلق مالك: "النصوص واضحة، كما الآليات، علماً بأن الأمم المتحدة تدعو غالباً إلى تسوية النزاعات والإشكالات الناتجة عن مثل هذه المعاهدات، عن طريق الحوار والمفاوضات".
ويتدارك: "إن خريطة الطريق التي توصل إلى إبطال هذه المعاهدة تكون بعقد تفاوض مع مهلة زمنية بين الطرفين أي اللبناني والسوري، لتعديل نصوص هذه المعاهدة، أو إبطالها. وفي حال عدم النجاح، يتم اللجوء إلى معاهدة فيينا، ولا سيما المادة 65 وما يليها".
معاهدة فيينا تتحدث عن حالات تجيز نقض الاتفاقات الدولية، ومنها "استحالة التنفيذ، استقواء فريق على آخر، تبدّل الحالات، وجود أسباب قاهرة ونقض الاتفاق من أحد الطرفين".
إذن الصورة واضحة أمام الجانب اللبناني: عليه بتوجيه إبلاغ قانوني إلى الطرف السوري، انتظار مهلة الـ3 أشهر، ومن ثم البدء فوراً بإلغاء المعاهدة إذا امتنعت سوريا عن ذلك.
هذه الخطوات توضع برسم الحكومة اللبنانية، فهل ستبادر الآن؟!