المصدر: نداء الوطن
الكاتب: جو رحال
السبت 6 أيلول 2025 07:44:07
انعقد مجلس الوزراء يوم الجمعة 5 أيلول في قصر بعبدا برئاسة فخامة الرئيس جوزاف عون، في جلسة استثنائية خُصصت لبند واحد هو خطة الجيش لحصر السلاح بيد الدولة. ورغم انسحاب وزراء "الثنائي الشيعي" اعتراضًا، استمر النصاب القانوني وأُقر القرار، في خطوة عُدّت مفصلية في تاريخ الجمهورية ومؤشرًا إلى دخول لبنان مرحلة جديدة قوامها تثبيت السيادة.
بيان الحكومة على لسان وزير الإعلام واضح وسدّد كافة النقاط لكنه حاسم؛ إذ أعلن تبنّي مضمون خطة الجيش مع البدء بالتنفيذ "وفق الإمكانات المتاحة"، من دون تحديد مهل زمنية أو الكشف عن تفاصيل العمل الميداني، مع التشديد على إبقاء المداولات سرّية ضمانًا لنجاحها. هذا التوجه عكس حساسية الملف، لكنه رسّخ حقيقة أن الجيش بات المرجع الرسمي الوحيد في معالجة ملف السلاح غير الشرعي.
الانسحاب الشيعي من الجلسة شكّل لحظة مواجهة سياسية في الشكل أما في المضمون فكان هناك نوع من الاتفاق السياسي المضمر الذي أدار تفاصيله الرئيس جوزاف عون وفريقه الاستشاري ولم يُوقف المسار. فقد أدار الرئيس عون النقاش بحزم، مؤكّدًا أنّ الدولة لا تُبنى في ظل ازدواجية السلاح، فيما شدّد رئيس الحكومة نواف سلام على أنّ "مسار بسط سلطة الدولة واحتكار قراري الحرب والسلم انطلق ولن يعود إلى الوراء". وبينما أبقت بعبدا الباب مفتوحًا أمام الحوار مع المعترضين، فإن القرار السياسي بات محسومًا: لا سلاح خارج إطار الشرعية.
تزامن القرار مع تمديد ولاية قوات "اليونيفيل" في الجنوب، ومع ضغوط فرنسية وأميركية واضحة، وربط للمساعدات الاقتصادية وإعادة الإعمار بخطوات عملية لضبط السلاح. كما جاء بعد وقف إطلاق النار مع إسرائيل، ما جعل المجتمع الدولي يترقب التزامات لبنانية فعلية. على المستوى العربي، رحبت السعودية وقطر ومصر بالقرار واعتبرته مدخلًا لإعادة تثبيت الدولة ودعمها سياسيًا واقتصاديًا.
شعبيًا، شكّل التفويض الممنوح للجيش بارقة أمل للبنانيين المنهكين من الأزمات والحروب. ففي الجنوب خصوصًا، اعتُبر القرار فرصة لإرساء الاستقرار بعد أحداث دامية أبرزها انفجار مخزن ذخيرة في وادي زبقين في آب الماضي الذي أودى بحياة ستة جنود، ما أعاد التأكيد على خطورة السلاح المتفلّت.
غير أنّ التحديات أمام التنفيذ تبقى كبيرة، من ضرورة تأمين الغطاء السياسي الوطني، إلى تجنّب أي صدام داخلي، مرورًا بالحاجة إلى دعم دولي متواصل. ومع ذلك، فإن القرار بحد ذاته يُعدّ إعلانًا رسميًا عن بداية عهد جديد: عهد الدولة الواحدة والجيش الواحد والسلاح الواحد.
إنها لحظة فارقة ستُسجّل في الذاكرة الوطنية، إذ نجح لبنان في تثبيت معادلة طال انتظارها: لا دولة في ظل دويلة، ولا أمن إلا بيد الجيش اللبناني.