المصدر: الشرق الأوسط
الثلاثاء 16 حزيران 2020 06:31:17
تمر في شارع البولفار الرئيسي في طرابلس (شمال لبنان)، نزولاً من ساحة النور التي عدت مع اندلاع الاحتجاجات في 17 تشرين الأول الماضي «عروس الثورة»، باتجاه ساحة التل وسط المدينة، فتلحظ أن غالبية المؤسسات في الشارع إما أُحرقت أو دُمرت أو أُغلقت أبوابها.
اجتياح مجموعات فوضوية من الشبان على دراجات نارية، في الأيام الماضية، الشوارع الرئيسية لطرابلس، والاعتداء على عدد من المطاعم، مساء أول من أمس، وترهيبهم الجالسين فيها، وقبلها إحراق عدد من المصارف، آخرها «البنك العربي» و«لبنان والمهجر»، أشعرت الأهالي بأن ثمة من يستهدفهم في أرزاقهم. يقول صاحب أحد المطاعم المعروفة: «أفكر أن أنام في المطعم، وأنتظرهم ببلطة لأتصدى لهم، كي يعرفوا أن أملاك الناس ليست مستباحة».
ويشير ناصر شعراني، وهو صاحب مطعم شاورما معروف كان له نصيب من الترهيب مساء الأحد، إلى أن «ما يقارب 500 شخص أتوا لليلة الثالثة على التوالي على دراجات نارية، يصرخون ويخيفون الناس، ويأمروننا بالإغلاق، ويأخذون ما على الطاولات، ولا يعبأون بوجود عائلات أو نساء. هذا الترهيب لم يعد مسموحاً، ونحن لن نسكت إذا ما تكررت هذه الأعمال». ويشرح أنه تواصل مع الجيش اللبناني والجهات الأمنية، وتلقى وعداً باتخاذ الإجراءات المناسبة، مؤكداً أنهم «فعلوا ذلك، وألقوا القبض على كثير من المخربين، ولا يزال البحث عن الباقين مستمراً».
وتتعرض طرابلس منذ أيام لاجتياح ليلي من قوافل شبان على دراجات نارية يعيثون فساداً وخراباً. لكن تخريب ليلة الأحد امتد إلى عدد من المطاعم، وصلت من طرابلس امتداداً إلى مدينة الميناء الملاصقة لها، حيث تصدى لهم الشبان هناك، وتجمعوا في «ساحة الشراع»، معلنين أن أي تخريب ستكون له عاقبته على المعتدين.
وبينما يختلف الطرابلسيون حول من يقف وراء هذه المجموعات، ويتهمون جهات مختلفة ومتباينة لعدم وضوح الرؤية، فإن ثمة ما يشبه الإجماع على أن أموالاً تدفع لشبان في مقتبل العمر ليقوموا بمهمات تخريبية، وأن ما يدفع لا يتعدى 6 دولارات لصاحب الدراجة، و5 لمن يجلس خلفه.
ويفتعل المخربون أعمال الشغب، بحجة الاحتجاج على الوضع الاقتصادي، مما يبقي طرابلس تحت رحمتهم ليلاً، فمن قطع طرقات إلى حرق إطارات وعبث بحاويات النفايات لإعاقة الحركة، وهجوم على مخافر وعلى بلدية طرابلس. كما اعتدى بعضهم، الأحد، على مركز بريد بقنبلة مولوتوف؛ كل ما يجعل حياة المدينة جحيماً يقومون به. ويقول صاحب أحد المطاعم إن «الانهيار الاقتصادي مع كورونا سد أبواب الرزق، ويأتي هؤلاء لينهوا كل أمل للناس».
وضجت فاعليات طرابلس، ومدينة الميناء الملاصقة لها، أمس، من هول ما تتعرضان له، وسير الجيش دوريات. كما تداعت فاعليات المدينة وعلماؤها ومسؤولوها لوضع حد نهائي لهذا الشغب. وتؤكد المؤسسات، خصوصاً المطاعم التي تفتح أبوابها حتى منتصف الليل أو ساعات الفجر الأولى، أنها لن تخضع للتهديد، وأنها ستبقي أبوابها مفتوحة، وهي تركن إلى اتخاذ الجيش والقوى الأمنية إجراءات مباشرة، والتحرك لردع هؤلاء.
سوسن الأبطح