المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
الأربعاء 31 أيار 2023 17:22:35
بالأرقام لا يمكن للبناني أن يعد ويحصي الفواتير الشهرية المتوجبة عليه بدءا من الكهرباء والإنترنت والإتصالات والموتور والدراسة والطبابة والماء والتأمين والسلة الغذائية وما إلى ذلك من متطلبات حياتية . هذا ولم نتطرق بعد إلى كلفة النقليات والبنزين يوميا مع تجاوز سعر الصفيحة مليون و700 ألف ليرة لبنانية.
وقبل البدء بلائحة العد التي سيحمل مجموعها أرقاما تتجاوز الحد الأدنى الأخير أي 9 ملايين ليرة لبنانية لا تنسوا تحويل رزمة الأرقام إلى الدولار بعدما دولرت كل المواد والسلع وصولا إلى الهواء الذي يتنفسه اللبناني!
واضح أن أكثر من مسألة إقتصادية ومعيشية تتزاحم في الوقت الضائع، سواء لناحية زيادة رواتب القطاع العام وما يتطلّب تلبيتها من إنفاق، أو زيادة الرسوم وما يستتبع ذلك من ارتفاع في الأسعار، وفعلت تداعياتهما فعلها. ويتزامن هذا الواقع مع إرباك سياسي رسمي ناشئ عن الشغور الرئاسي وسجالات الصلاحيات، ومع فقدان ثقة تزيده حدّة إعاقةُ انتخاب رئيس يمكن أن يرسي الحد الأدنى من وجود الدولة وعمل المؤسسات المنهك من الفساد وسوء الإدارة.
واللافت أنه مع كل قرار قسري برفع قيمة الرواتب يزداد تساؤل المواطنين كما الخبراء عن كيفية تأمين الدولة للإيرادات، سواء لدفعها للموظفين أو لتأمين ما يترتّب على الخزينة من مدفوعات. في حين لا موارد داخلية ولا تدفقات خارجية ولا تحويلات ولا بابَ متاحًا للإستدانة بعدما توقّف لبنان عن سداد ديونه الخارجية ولم يُقدم على تنفيذ أي من الإصلاحات المطلوبة كشرط للدعم المالي؟!
في الأمس تلقف اللبنانيون خبر رفع الرسم السنوى على اشتراك المياه بحيث أصبح 100 دولار على سعر صيرفة بعد ما كان يراوح بين 100 ألف و900 ألف ليرة لبنانية. قبلها جاءتهم فواتير كهربائية تراوحت بين المليونين والعشرة ملايين، واليوم يبشر موظفو أوجيرو باعلان الإضراب من جديد حتى تلبية مطاليبهم. فماذا ينتظرنا في الغد القريب من جهنم؟
رئيس الإتحاد العام لنقابات لبنان مارون الخولي أفصح أنه نتيجة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي أصابت لبنان نهاية العام 2019، بات من الصعب على معظم العائلات اللبنانية تأمين حاجاتها الضرورية من الغذاء والعيش الكريم نتيجة هبوط قيمة الليرة اللبنانية بشكل حاد أمام الدولار، لا سيما أن البنك الدولي حدد ثلث سكان لبنان يعيشون في فقر مدقع. ويلفت إلى أن الحد الأدنى آنذاك كان يساوي 450 دولارا وكانت هناك مطالبة برفعه إلى 800 أو 1000 دولار كحد أقصى. لكن إذا ما احتسبنا قيمة الفواتير الشهرية على عينة من العائلات يصل عددها إلى 4 أشخاص نصل إلى نتيجة مفادها أن الحد الأدنى المطلوب اليوم يجب أن لا يتدنى عن ألف دولار.
في أرقام "الدولية للمعلومات" حتى نهاية العام 2022 تركيز على الإرتفاع الكبير في نسبة غلاء المعيشة بحيث تجاوزت النسبة الرسمية المعلنة 272 في المئة. وفي دلالات هذه الأرقام يقول الخولي إن غالبية أصحاب العمل يعمدون إلى استغلال الموظف فلا يعطونه حقه الأدنى ، أضف إلى أن ممثلي العمال هم ممثلون للسلطة وأصحاب العمل وليس العمال. وهذا الخلل يسمح لأصحاب العمل باستغلال العامل وتجاهل حقوق العمال. ويقترح لإعادة ترتيب الأمور، العودة إلى راتب الـ 450 دولارا. فصحيح أنه لا يفعل فعله لكن المطلوب أن نبدأ من مكان ما لنعالج الواقع المأزوم جدا".
في الإنتظار لا يخفي خشيته من تردي الأوضاع الإقتصادية والمعيشية في الأشهر المقبلة ويؤكد أننا مقبلون على ثورة إجتماعية بسبب تفاقم الأزمات على كافة الأصعدة. "إلا أن أي تحرك على الأرض لن يحصل لأن قرارنا واضح لجهة تمرير موسم الإصطياف والإستفادة من السياح الوافدين إلى لبنان. وابتداء من شهر أيلول ستشهد الساحات حراكا شعبيا، وسيشكل صدمة للداخل والخارج وقد ندرك كيف يبدأ لكن لا أحد يعلم كيف ينتهي. وإذا كانت ثورة 17 تشرين على شرف 6 سنتات فالثورة الموعودة هي ثورة جياع، إلا إذا تلقفتها السلطة وبددها رئيس جمهورية من خارج المنظومة" يختم الخولي.