المصدر: anadolu
الأربعاء 23 آذار 2022 10:00:35
فيما لبنان غارق بأزمته الاقتصادية والمالية منذ أكثر من عامين، تحدق بالبلد العربي تهديدات مناخية تنذر بعواقب وخيمة على بيئته وسكانه وغاباته.
تداعيات اقتصادية وصحية سببها التغيّر المناخي، ستترتب على البلد الواقع في الحوض الشرقي للبحر المتوسط بمساحته البالغة 10 آلاف و452 كلم مربعا، وساحل يمتد من شماله إلى جنوبه بطول 225 كلم.
وتشير التوقعات المناخية العالمية إلى زيادة قدرها 1.7 درجة مئوية بحلول منتصف القرن الحالي، و3.3 درجات بحلول عام 2100، وانخفاض هطل الأمطار بين 4 و11 المئة مع نهاية القرن.
هذه التغيرات من المتوقع أن يكون حملها ثقيلا على اللبنانيين نظرا إلى تداعياتها على مستوى الاقتصاد والغذاء والصحة، فضلا عن زيادة حرائق الغابات الموسمية وتوسع رقعتها، وفق بيانات رسمية.
بين 2020 و2080
قالت أستاذة الصحة البيئية بالجامعة الأمريكية في بيروت مي جردي، إنه بحسب التقرير الأخير الذي قدمه لبنان إلى الأمم المتحدة، يتبين وجود كلفة باهظة على العديد من القطاعات في البلاد مستقبلا نتيجة التغير المناخي.
وتضمن التقرير الكلفة الناتجة عن تغيّر المناخ بين عامي 2020 و2080، لا سيما على الإنتاج الزراعي والصناعي، فضلاً عن تأثيره السلبي على قطاع السياحة، بحسب ما قالت جردي للأناضول.
ارتفاع كلفة الإنتاج الزراعي 8 أضعاف
ويشير التقرير ذاته الذي أعدته وزارة البيئة اللبنانية بالتعاون مع الأمم المتحدة، إلى أن كلفة الإنتاج الزراعي بشكل عام سترتفع حوالي 8 أضعاف في هذه الفترة، بينما ستزيد تكلفة صيد الأسماك 2.5 ضعف.
أما بشأن كلفة تأمين المياه للصناعة والزراعة والخدمة المنزلية فسترتفع 57 ضعفا عام 2080 عما هي عليه اليوم بسبب تراجع كميات المياه الطبيعية، بحسب التقرير ذاته.
زيادة الطلب على التبريد
كما أن تغيّر المناخ سيزيد الجفاف والانزلاقات والعواصف 230 ضعفا بالنسبة إلى كلفة تداعيات هذه الظواهر، كما أن الطلب على التبريد (المنازل والمؤسسات) سيزيد وترتفع تكلفته 300 ضعف.
ويعد قطاع الزراعة والغابات وصيد الأسماك في لبنان الأقل مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي إذ تبلغ نسبته 4 بالمئة فقط، بينما تعتمد البلاد إلى حد كبير على واردات الغذاء والوقود من الخارج.
القطاع السياحي
وفق التقرير ذاته، فإن تغير المناخ سيؤثر سلباً على القطاع السياحي بنسبة 80 بالمئة، وهذا ما يؤكده رئيس الحركة البيئية في لبنان "بول أبي راشد"، الذي أشار الى سرعة ذوبان الثلوج وتأثيرها على موسم التزلج.
وقال أبي راشد، للأناضول، إن "التغير المناخي وارتفاع الحرارة يجعل الثلوج تذوب بشكل أسرع، ما يؤدي إلى تداعيات اقتصادية على لبنان الذي يعتمد على السياحة بالدرجة الأولى ومن بينها التزلج".
"الأرز الوطني" في خطر
ولفت أبي راشد إلى أنه من أبرز ظواهر التغير المناخي في لبنان حرائق الغابات التي طالت بين عامي 2019 و2021 غابات الأرز للمرّة الأولى في تاريخ البلاد.
وتقبع صورة الأرزة في منتصف العلم اللبناني كونها تجسد معنى القوة والشموخ بصلابتها وديمومتها وخضرتها الدائمة على مر الفصول والسنين، بالنسبة للبنانيين.
ويعرف الأرز اللبناني علمياً باسم (Cedrus libani) وهو نوع شجري يتبع جنس الأرز من الفصيلة الصنوبرية، وينبت على ارتفاع 1200 متر وما فوق.
وأضاف أبي راشد أن الحرائق بلغت ارتفاعات غير مسبوقة في جبال لبنان وسط وشمالي البلاد، مشيرا أن ذلك مرتبط بزيادة الجفاف وسرعة الرياح وهي عوامل تساعد في تمدد الحرائق ووصولها إلى مناطق غير مسبوقة.
إضافة إلى خطر الحرائق فإن التغير المناخي بدأ يسبب بظهور أمراض وحشرات تفتك بالغابات والأحراج خصوصا بأشجار الأرز، وفق أبي راشد الذي تخوف من أن هذا الواقع قد يؤدي مستقبلاً إلى حرمان لبنان هذه الشجرة التي تشكل رمزاً وطنياً.
وقضت حرائق الغابات في العامين الماضيين على أكثر من 12 ألفاً و650 هكتاراً من الغابات والأراضي الحرجية والزراعية.
تناقص مستوى المياه
أما على صعيد المياه، فيرصد الخبراء تأثيرا مباشرا لتغير المناخ على وفرة المياه، حيث رصدت مصلحة نهر الليطاني (الأكبر في البلاد) تراجع كميات المياه فيه.
وقالت مصلحة المياه (حكومية) في أحدث تقرير لها اطلعت عليه الأناضول، إن المياه الوافدة عبر نهر الليطاني إلى بحيرة القرعون (أكبر بحيرة في البلاد) تقلصت منذ عام 1962 حتى عام 2020.
وفي السياق، ذاته يشير أبي راشد أن تغير المناخ وارتفاع درجة الحرارة سيؤديان إلى زيادة نسبة تبخر المياه بالخزانات المائية الطبيعية والبحيرات الاصطناعية، ومن ثم تناقص سريع في مخزون المياه.