أبعاد قرار عويدات بكفّ يد القاضية عون.. تسوية مع المصارف أم إجراء قانوني؟

في حلقةٍ جديدةٍ من مسلسل النزاعات القضائية القائمة على الإنقسام العامودي في جسم السلطة القضائية، نرى أن الإنقسام العامودي باقٍ حتّى إشعارٍ آخر ورُبما أكثر، فتساؤلاتٍ كثيرة تدور حول قرار النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات بكفّ يد المدعي العام الإستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون مؤقتاً، فهل هي تسوية لفتح المصارف من دون عرقلة أم عراك سياسي تحت قوس العدلية؟

في سياقٍ مُتّصل، أصدر القاضي عويدات تعميما الى جميع النيابات العامة في كل المحافظات اللبنانية بما فيها النيابة العامة المالية ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، طلب بموجبه الامتناع عن طلب اي معلومة مصرفية لا تتعلق بالدعاوى العائدة لجرائم الفساد ومكافحة تبييض الأموال.
ودعا النيابات العامة الى الامتناع عن طلب معلومات من المصارف لها صفة العمومية وغير متعلقة بوقائع مادية مددة.
وشدد على عدم طلب أيّ معلومات تعرض أيّ شخص على نحو تعسفي أو غير قانوني لتدخل بخصوصياته أو تمس يشرفه وسمعته، مع التشديد على سرية المحافظة على الطلبات والمعلومات التي تم الاستحصال عليها من المصرف المعني والمحافظة على البيانات الشخصية، بالإضافة إلى تحديد هوية الأشخاص المعنيين بالطلب بشكل لا يثير اي التباس حول تشابه أسماء لدى المصرف المعني.

من جهته أشار نائب رئيس حزب الكتائب اللبنانية، نقيب المحامين السابق جورج جريج إلى أن قرار عويدات قانوني ومُسند إلى المادة 751 من أصول المحاكمات المدنية والمادة 13 من أصول المحاكمات الجزائية.
جريج وفي حديثٍ لـkataeb.org  قال: "خطوة عويدات هي قانونية إنّما جاءت متأخّرة جدّاً ويُثار حولها علامات استفهام عدّة، ومن هنا علينا ألّا نُقحم الملفّات القانونية بالملفّات السياسية".
وفي حال عدم إلتزام القاضية عون أضاف: "من الإلزامي التزام القاضية عون يهذا القرار كونه قانوني وإلّا سيتمّ اتّخاذ إجراءات بحقّها من قبل مراجع ومجالس تأديبية".
وتابع جريج: "هناك تنازعات في ما يرتبط بمجلس القضاء الأعلى وما يحدث "مشكلة"، وكل ما نريده هو أن لا تدخل السياسة والمزاجية إلى القضاء ككلّ وإلى مجلس القضاء الأعلى، من هنا نطالب دوماً بتطبيق مبدأ إحترام فصل السلطات، بفصل السلطة القضائية عن السلطات التنفيذية والتشريعية، وتباعاً وللتخلّص من هذه المشاكل كان يقتضي إقرار قانون استقلالية القضاء سابقاً، وإقرار مرسوم التشكيلات القضائية وعدم التدخّل بالقضاء".

وفي المقلب الآخر، كانت جمعية المصارف قد علّقت إضرابها منذ بضعة أيام وذلك "تحسساً من المصارف للأوضاع الاقتصادية الصعبة وبضرورة تأمين الخدمات المصرفية للمواطنين كافة في نهاية الشهر، تقرر جمعية مصارف لبنان تعليق الإضراب موقتا ولمدة أسبوع" وفق ما جاء في بيانها الأخير، القرار الذي اتّخذ بعد "وعود" من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عقب الإدّعاءات بحقّ المصارف، أمّا الإضراب بحسب الجمعية فكان احتجاجاً على "استدعاءات قضائية لعدد من مدراء المصارف، وتأثيرها على انتظام العمل المصرفي وحقوق المودعين".

وعلى أرض الواقع، يبقى المواطن "مكسوراً" أمام النزاعات القضائية-القضائية سياسيةً كانت أم قانونية أو حتّى شخصية، وأمام النزاعات القضائية-المصرفية، منطقية كانت أو تعسّفية، لأنه "بهمّة" السلطة الحاكمة وتعطيلها لانتظام المؤسسات بانتظار الإشارات الإقليمية والدولية، يُشاع عن "تبخّر" الودائع وضياع جنى عمر اللبنانيين، ناهيك عن المعاناة اليومية لتأمين لقمة "كفاف يومنا".