أبعد من المطار و"الفاشينستاز"... القضية في رفض المواطنة المتساوية

كتب المحرّر السياسي:

عاد "حزب الله" في الأسبوعين الأخيرين إلى نغمة التهديد والوعيد متجاوزًا ما حدث في السنة الماضية وكأن التاريخ ما زال متوقفًا عند عام 2023.

بعيدًا من الموقف الرئاسي للحزب الذي قيل فيه الكثير، لا بد من التوقف عند أكثر من حادثة وكيفية تعاطيه معها، بدءًا من التحقيق مع "الفاشنيستاز" التابعين للجيش الإلكتروني للحزب وليس انتهاء بحادثة المطار الأخيرة.

أقفل الحزب عبر "موتسيكاته" باب المحكمة وأقفل أيضًا طريق المطار ليوجّه رسالة واضحة مفادها أنه لا يزال مستمرًا بسياسة ضرب المؤسسات، والتمرّد عليها  بغض النظر عمّا جرى، مؤكدًا مقولة جيشه الإلكتروني أنّ "رجله ما زالت تحكم".

ومع الموافقة الكاملة أنهم كانوا هم الحكام والدولة لمدة سنوات والشعب اللبناني رأى بأم عينه نتيجة حكمهم الباهرة وما أوصلت إليه البلاد والعباد، إلاّ أن المشكلة اليوم هي الاستمرار برفض منطق الدولة التي تحميهم كما تحمي غيرهم.

في إسرائيل بعد ما جرى في عام 2006 شكّل الإسرائيليون لجانًا وأعدّوا دراسات واستخلصوا النتائج وأعادوا قراءة سياساتهم، وهذا ما لا ولم يفعله "حزب الله"، وما زال مستمرًا بسياسة النكران التي ستؤدي به في النهاية إلى كوارث أكبر من تلك التي حلّت عليه.

وبالعودة إلى الحركة الأخيرة، فإن القضية أبعد من قضية رفض تفتيش مسافر أو رفض تفتيش طائرة أو عدم الاحتكام إلى النظام العام والقضاء في القضايا المدنية كما جميع اللبنانيين، بل ثقافة متجذّرة منذ عشرات السنين برفض منطق القانون والمؤسسات والأنظمة، واعتبار فئة من الناس أنها فوق جميع القوانين، فهؤلاء اعتادوا على استباحة المطار باعتباره جزءًا من "كنتونهم"، واعتادوا على التهديد والوعيد وحتى القتل من دون محاسبة، فجنّ جنونهم عندما استدعوا إلى القضاء، واسترخوا باعتبار أن جزءًا من الوطن هو محرّم على الدولة والقوى المسلّحة يتحكمون به وغدًا سيكون هناك إشكال ثالث عندما تطالب بعدم إعادة الإعمار على الأملاك العامة وهذا المصطلح غير موجود بقاموسهم فجميع الأملاك مستباحة وبتصرّفهم لبناء مبانٍ ومؤسسات، وبعد غدٍ سيرفضون أي تنظيم مدني يمكن أن ينفّذ في القرى المهدّمة.

هنا يكمن لبّ المشكلة، أن نقنع هؤلاء بأن الدولة هي حامية الجميع، وأن المواطنة حقوق وواجبات وليس الطائفة، وهذا ما يجب أن  يتمسّكوا به قبل غيرهم في ظلّ التحولات الهائلة الّتي تحدث، وإلّا فإن ما رأيناه في دمار وفقر وضرب للمؤسسات سيستمر حتى جلاء آخر لبناني عن هذه الأرض، والتذكير بـ7 أيار التي لا يمكن وصفها سوى بانتشار الميليشيات والمرتزقة وقتل المدنيين وحرق البيوت والمؤسسات لن يؤدي إلى مكان سوى ترسيخ صورة الميليشيا الطائفية لدى اللبنانيين وتجعلهم يطلبون الحماية بالتساوي بالتسلّح أو بالانفصال وهذا أخطر ما يواجه البلد والحزب نفسه.