المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الأربعاء 2 حزيران 2021 15:58:44
يعيش لبنان اليوم في ظل مرحلة هيمنة ايرانية على القرار، تلت حقبة سورية طويلة مماثلة. منذ خمسينات القرن الماضي تنقل لبنان من وصاية الى اخرى بين الدول والطوائف. فامتدت المارونية السياسية من الخمسينات حتى التسعينات وانتقلت مع الطائف الى السنّية السياسية لتتحوّل مع استشهاد الرئيس رفيق الحريري الى الشيعية السياسية. وكما عززت السنية موقعها في السلطة مع الطائف تحاول الشيعية السياسية راهنا تحقيق مكاسب فمماثلة قبل الانتقال الى الدولة المدنية التي يرى فيها البعض الحل النهائي لازمات لبنان. الجميع مؤمن بعدم تعديل الطائف والدستور الا بعد الاتفاق على صيغة نظام لبنان المستقبل. فكم ستطول مرحلة الشيعية السياسية؟
النائب السابق فارس سعيد يقول لـ"المركزية": المقارنة تصحّ شكلاً، لكنها غير صحيحة في المضمون. أولاً في الشكل، عندما اتُهم الموارنة بالمارونية السياسية كانت مناطقهم محرومة، وعندما اتُهم السنّة بأنهم قادوا عملية بناء الدولة بعد نهاية الحرب مع الشهيد رفيق الحريري، كان القرار لدى العلويين مع النظام السوري وبالتالي لم يحكموا لبنان. واليوم، ادّعاء الشيعة بأنهم يحكمون لبنان هو ايضا ادعاء فقط، لأن من يحكم لبنان هي ايران والاحتلال الايراني وليسوا الشيعة. اما في المضمون، فقد أنهى اتفاق الطائف نظرية الطائفة المميزة اي ان جزءاً كبيراً من الحرب الاهلية أسبابها الداخلية كانت ناتجة عن أن المسلمين نظروا الى المسيحيين على انهم طائفة مميزة في الادارة والسياسة والحضور وعملية بناء الدولة، والمسيحيون تصرفوا بوصفهم طائفة مميزة لأنهم ادعوا بأن لولاهم لما كان لبنان. اليوم هناك ادعاء جديد لدى حزب الله بأنه أنقذ لبنان من الاحتلال الاسرائيلي ومن الارهاب الاسلامي، وبالتالي له الفضل والايادي البيضاء على لبنان، وبالتالي يريد ان يتحول الى حزب مميز يمثل طائفة مميزة، لكن هذا الادعاء في بلد متنوع كلبنان باطل ولن يؤدي الى اي نتيجة إلا الى انهيار الدولة كما يحصل اليوم".
والحل، برأي سعيد، "هو في العودة الى وثيقة الوفاق الوطني واتفاق الطائف والدستور اللبناني. فلبنان يتمتع في هذه اللحظة بدستور، خلافاً لبلدان اخرى محيطة. في سوريا 12 مليون مهجّر ومليون مفقود و500 الف شهيد ومليون معتقل حتى اليوم، لكنها تبحث عن دستور جديد رغم إعادة انتخاب الاسد، وفي العراق لم تكتمل صياغة الدستور وفي اليمن الدستور غير موجود، انما في لبنان هناك دستور منذ العام 1926. هذا الدستور أُدخلت عليه اصلاحات اساسية في العام 1989 مع وثيقة الوفاق الوطني. في الحالات الرجراجة كما هو الحال اليوم يجب ان يعود المرء والوطن والاحزاب والطوائف والمجتمعات الى احزمة الامان. ولكن ما هي احزمة الامان التي تمنع لبنان من الدخول في المجهول؟ هي الشرعية اللبنانية المتمثلة بالدستور اللبناني والشرعية العربية المتمثلة بوثيقة الوفاق الوطني وبعروبة لبنان وليس بـ"تفريس" لبنان او "تتريكه" والشرعية الدولية المتمثلة بتنفيذ القرارات 1559 و1680 و1701 اذا عادت الطبقة السياسية والاحزاب والعقال في لبنان الى احزمة الامان الثلاثة هذه، لبنان بألف خير".
اضاف سعيد: "وفي هذه المناسبة، لدي لوم كبير على فريق مسيحي وازن ظنّ بأن اتفاق الطائف أسقط المسيحيين درجة في النظام واعطى المسلمين درجة اضافية، وكان يحمل أطروحة بأنه من اجل تعويض هذه الدرجة التي اسقطها اتفاق الطائف للمسيحيين في النظام، كان عليه ان يتحالف مع سلاح غير شرعي في لبنان من اجل ان يكتسب من هذا السلاح مكاسب اضافية فوق الدستور اللبناني. هذه النظرية أسقطت موقع رئاسة جمهورية لبنان من الحَكَم الى الحاكم، ظنّ بأنه حاكم بفضل حزب الله فاصطدم مع المسلمين السنّة اليوم وبالتالي لا حكومة ولا بناء دولة بل انهيار".
ورداً على سؤال حول ان البعض يربط مصير المرحلة الايرانية بنتائج مفاوضات فيينا بحيث سيتم انحسار نفوذ ايران في المنطقة بعد تحديد دورها كشرطي في الخليج لمنع المد الصيني باتجاه المنطقة، أجاب: "بالطبع ستكون هناك نتائج لمفاوضات فيينا على الداخل اللبناني وسيحاول حزب الله الاستفادة من ايجابية الحوار بين الولايات المتحدة وايران لفرض وجهة نظره على لبنان واللبنانيين ولأن يتشكل على انه حزب مميز لطائفة مميزة، لكن الاكيد ايضا انه سيصطدم بسد منيع، لأن قوة الطوائف والاحزاب في لبنان تقف عند حدود الطوائف الاخرى. فقد فشل كمال جنبلاط والحركة الوطنية في حكم لبنان وفرض وجهة نظره على جميع اللبنانيين، كما فشل الرئيس بشير الجميل والجبهة اللبنانية أيضاً في فرض وجهة نظره على جميع اللبنانيين، وسيفشل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في فرض وجهة نظره على جميع اللبنانيين".