"أخطبوط المراهنات" ينشط في موسم المونديال والدفع فاق المليارات... فهل تتقاضى الدولة ضريبة على هذه التطبيقات؟

انتعش قطاع المراهنات مع انطلاق مباريات كأس العالم للعام 2022 لتطال هذه الظاهرة الاحياء الشعبية في لبنان المتخبط أبناؤه بأزمات متنوعة أشدها على الصعيد الاقتصادي وذلك عن طريق سماسرة يديرون هذه العملية من مكاتبهم او مقاهيهم او بالاتفاق مع أصحاب المقاهي من خلال اعطائهم نسبة من هذه الارباح إضافة الى تطبيقات الهاتف والمواقع الالكترونية.

"الديار" تحدثت الى وزير الاتصالات المهندس جوني القرم عن قانونية هذه المراهنات وما إذا كانت الدولة تتقاضى ضريبة عليها وعمّا إذا كانت قائمة بالشكل القانوني المطلوب؟

يقول القرم لـ "الديار" في هذا المجال، "ان وزارة الاتصالات غير مخوّلة للقيام بمتابعة هذا الموضوع مشيرا الى صلاحية وزارة المالية للقيام بإجراءات معينة". ويضيف القرم "في حال كُلفنا بملاحقة هذا الموضوع ومتابعته على الأرض يجب ان يأتينا كتاب من الجهات المعنية أي من القضاء المختص".

ويتابع، "كما ان جني الضرائب المترتبة من قطاع المراهنات ليس من صلاحيات "الاتصالات" وهي ليست مخوّلة للقيام بذلك. ويلفت القرم بالقول، على سبيل المثال، الدولة تتقاضى من "اللوتو" الأموال اللازمة او المترتبة عن طريق "المالية" كضرائب بحيث ان كل شركة خاصة يجب ان تقدم تصريحا بما تقوم به "كالمراهنات" التي تحدث اليوم في موسم المونديال. على سبيل المثال، إذا ارادت شركة ان تضع ليرة ذهب في احد منتوجاتها كهدية بهدف التسويق يجب ان تقدم تصريحا للدولة بهذا العمل".

اما عن حذر هذه التطبيقات يجيب القرم، "إذا كانت موجودة على "غوغل" فحذرها يصبح صعبا كما ان التواصل مع "غوغل" معقّد نتيجة ان هذه الأمور لا تتعارض مع قوانينهم ويبقى البتّ في هذا المجال يجب ان يأتي عن طريق تكليفنا من القضاء المختص".

وعن رأيه في "المراهنات" مهما كانت نوعها؟

يقول وزير الاتصالات، "انا ضد المراهنات بالمطلق كما أني بالتأكيد لا أحبذ تشجيعها او انتشارها".

في سياق متصل، يشرح أحد الوكلاء ويدعى ح.ت. لـ "الديار" الخطوات للقيام بالمراهنات فيقول: المراهنة على أي مباراة تجري او ستجري موجودة في لبنان وبدأت منذ نحو 7 او 8 سنوات وكانت ظاهرة في مقاهي الطرقات.

ويلفت الى ان 90% من تلك المقاهي ظاهرها شيء وباطنها مراهنات، والزبائن الذين يأتون للمقهى بهدف التسلية وأيضا المراهنة. ويتابع، سوق المراهنات جارٍ بشكل عام وليس تحديدا في "الموسم المونديالي" وقد تكون على شوط من مباراة كرة القدم او السلة".

وما تجدر الإشارة اليه، "ان المراهنة أصبحت متوفرة عبر تطبيقات الكترونية، والجدير ذكره في هذا الإطار ان المراهنات لم تعد حصرا على الرجال او الشباب المراهقين بل طالت النساء أيضا، ربما هذا ليس بالأمر الجديد الا ان النسبة اليوم أضحت أكبر".

الالية كانت معقدة

يقول السيد ح.ت في البداية القيام بالمراهنات كان يتم عن طريق محلات يصار الى المراهنة فيها، فعلى سبيل المثال يدخل زبون يريد المراهنة بـ 100 ألف ليرة على شوط من المباراة ويذهب ويتابع المباراة من بيته او من مقهى معين وإذا ربح يأتي في اليوم الثاني يأخذ المبلغ الذي راهن عليه كاملا.

أخطبوط المراهنات يتمدد وخطرها في الفترة القادمة

يشير ح.ت. بالقول: "الفرق ما بين الامس واليوم ان هذه المراهنات زادت وتيرتها وترامت الى الاحياء الشعبية وارتفعت قيمة المراهنات لجهة المبلغ المراهن عليه وهذا يعود الى سهولة القيام بهذه العملية فأي شخص يمكنه الاشتراك حتى وهو قابع في منزله".

وما يجدر الالتفات اليه، "ان المراهنات سترتفع وتيرتها في الأيام القادمة حيث ان الحسم للفرق الرياضية المشاركة بدأ يتكشف من خلال التكهنات والمستوى الذي حصل عليه كل فريق حتى الساعة بات منكشفا الى حد ما".

ويشير بالقول، "الى ما يسمى AGENT وهو ليس الشخص الرئيسي الذي يقوم بإدارة هذه المراهنات بل موزع "للرأس الكبير" بالإشارة الى ان الـ AGENT او الوكيل أصبح موجودا في كل منطقة او حي شعبي بحسب انتشار المقاهي او الناس التي لديها ميولا باتجاه هذا الاجراء، حيث يقوم بخلق حساب على التطبيق من خلال موقع معين لهذه الغاية ويضع للشخص المبلغ الذي يريد اللعب به وهذه السهولة ظهرت من خلال توافر مؤسسات تحويل الأموال، أما إذا أراد العميل الدفع كاش فيمكنه ذلك في اليوم اللاحق. ويلفت ح.ت. الى ان هذا التطبيق يضم كل أنواع المراهنات من الكازينو وغيره من أنواع العاب القمار فاذا ربح المراهن تنتقل الأموال الى حسابه ويمكنه ان يسحب المبلغ ان أراد ذلك او ابقائه جاريا في حسابه.

المراهنة تحولت الى ادمان

ويتابع الوكيل ح.ت.، "ان المراهن إذا ربح مبلغا كبيرا يعاود المراهنة من جديد لتتحول هذه العملية الى نوع من الإدمان، والامر لا يقف عند حد معين بل يؤدي للقيام بعمليات مراهنة جديدة وتطال مبالغ أكبر خاصة لدى الفئات العمرية الصغيرة والمراهقين".

عملية احتساب الخسارة

يوضح الوكيل ح.ت. في هذا الإطار، "ان عملية احتساب الخسارة تبدأ من المبلغ الذي تم وضعه في حساب المراهن للمراهنة عليه وقد يبدأ من مليون ويصل الى 100 مليون وأكثر". ويضيف، "على قدر المبلغ المراهن به يمكن ان يربح العميل كما انه يمكن خسارته بالإشارة الى ان المراهنة قد تطال تفاصيل داخل المباراة والاشواط، وقد تتضمن عدد الأهداف التي سيسددها الفريق او حتى اللاعب ويلفت ح.ت. إذا المراهن قام بعدة مراهنات فان هذا الامر سيزيد من فرص ربحه أكثر من المراهنة على امر او تفصيل واحد، أي ان مجموعة مراهنات قد تكون ذات فائدة كبيرة وخاصة إذا قام المراهن على المراهنة على كل المباريات التي تجري حتى النهاية".

مبالغ بالمليارات

يستكمل الوكيل ح.ت. بالقول، "ان المبالغ التي يتم دفعها اليوم أكبر مما كانت عليه في السنوات الفائتة، ففي الماضي كانت المراهنة على 100 ألف او ما يسمى بـ "BET BUILDER"، اليوم هذا المبلغ أصبح يبدأ من 5 ملايين و10 مليون صعودا والمراهنات قد تكون أيضا بالفرش دولار أي إذا راهن الزبون بالدولار وربح يأخذ المبلغ بالدولار، وإذا بالعملة الوطنية يأخذه بالليرة. ويشير الوكيل الى ان المراهنة قد تبدأ قبل موعد المباراة بأيام بحسب موعدها الظاهر على التطبيق الذي سجل فيه المراهن ويعمد الى تثبيت السعر الذي يراهن به أي في حال الربح يأخذ 1,5 من المبلغ الذي وضعه بمعنى إذا كان المبلغ الذي وضعه 100 ألف فيأخذها 150 لأنه قام بتثبيت المبلغ".

وفي سياق رهاني متصل، يقول الوكيل ح.ت. يوجد احتمال ارتفاع المبلغ قبل بدأ المباراة اي الـ 1,5 التي تم تثبيتها من قبل الزبون وهنا المبلغ يبقى كما هو لان الاخير عمد الى تثبيته وخلال المباراة إذا الفريق الذي راهن عليه المراهن تبيّن انه سيخسر فإن للمراهن ما يسمى CASH OUT ويمكنه سحب المبلغ المتبقي قبل نهاية الشوط من المباراة. بمعنى، إذا كان يضع 100 ألف في منتصف المباراة يقوم الـ AGENT بإخبار المراهن انه يمكنه سحب 70 ألفا من المبلغ الذي وضعه لكيلا يخسر بشكل كلي وفي المقابل يمكن الـ CASH OUT للمراهن ان تصبح اعلى وهنا للعميل احقية اخذ القرار بأن يكمل المراهنة او ينسحب ويتحمل نتائج المراهنة سلبا بالخسارة او إيجابا بالربح.

غسيل دماغ!

يلجأ الوكلاء الى تشجيع المراهنين انه في حال دخلوا في مراهنة مهما كان المبلغ كبيرا سوف يحصلون عليه وهذا ما يسمى بعلم الاجتماع "انتحار" من خلال تطمينات يعتمدها الـ AGENTS في كلامهم مع العملاء المراهنين.

احتيال ام شطارة وحق!

في هذا المجال يشرح الخبير في المعلوماتية والتطبيقات الالكترونية السيد ج. س. بالقول، "ان هذه المراهنات ليست عملية احتيالية او انتحارية الا انها طالما قائمة على مبدأ العرض والطلب فهي لا تعد احتيالا وفي هذا السياق إذا المراهن أراد المراهنة لا يمكننا اعتبار الوكيل محتالا بحيث يعود للزبون كامل الحرية في المراهنة من عدمها وفي نهاية الامر المراهن يقامر، كما ان للوكيل أرباحه كما للرأس الذي يدير هذا القطاع وللمراهن أيضا نصيب في حال ربح".

شارع المراهنات مفتوح

يلفت الوكيل ح.ت. بالقول: "ان شرائح المجتمع كافة تقوم بالمراهنة فلا يوجد طبقة معينة وباتوا ينفّذونها من خلال التطبيقات الالكترونية وتضم الميسورين وحتى الفقراء وقد تبدأ من 100 ألف وتصل الى ملايين ويتابع، الى انه في نفس الوقت الذي يتم خلق حساب للشخص الذي يريد المراهنة يوجد من جهة ثانية ما يسمى القمار وبوكر وغيرها من الأمور".

هل من ضريبة للدولة على المراهنات

عن هذا الموضوع يجيب الخبير في المعلوماتية السيد ج. س، "ان الدولة يمكنها وضع حد للمراهنات، اما عن طريق الحذر او وضع قيود بحيث ان المواقع للتي يتم التسجيل فيها للمراهنة باتت معروفة ومكشوفة للجميع ويمكن للدولة او السلطات المعنية في هذا القطاع من خلال "كبسة زر" الغاء هذه التطبيقات كما انها تعرف وكلاء هذه التطبيقات الا انها لا تتقاضى منهم ضرائب على ما يقومون به والذي يبلغ مئات عشرات المليارات الدولارات كما من الواضح ان هذه المواقع تعود لأشخاص ذات نفوذ عالي والدولة غير قادرة على اتخاذ أي اجراء بحقهم من خلال توقيف هذه التطبيقات كما ان شركة اوجيرو يمكنها حذر المواقع التي تقوم بالمراهنات بحجبها من خلال ما يسمى INTERNET PROVIDER  في لبنان".

علم النفس والاجتماع في المراهنات

يعتبر المتخصص في علم النفس والاجتماع والدكتور الجامعي محمد الخطيب، "ان ظاهرة المراهنات بدأت تنتشر في الأوساط الاجتماعية اللبنانية لتشمل كافة الطبقات، منها الميسورة وحتى الفقيرة. بالإشارة الى ان الازمة الاقتصادية التي يمر فيها لبنان هي أحد أسباب انتشار ظاهرة المراهنات، الا انه ليس السبب الوحيد بل هناك عوامل أخرى منها نفسية وإدمانية".

ويضيف الخطيب لـ "الديار": "هناك عوامل وابعاد سيكولوجية ذات صلة بالنفس الإنسانية التي تميل إلى حب خوض التحدي والمغامرة وإثبات الذات وهذا الامر ليس حصرا على الرجال بل الملفت ان للنساء حصة فيه، بحيث بتن يعتقدن ان خوضهن في هكذا أمور نوع من اثبات لأنفسهن خاصة على صعيد التحدي للجنس الاجتماعي".

ويردف، " لا توجد في لبنان أية مراقبة او تنظيم لهذا القطاع يتم من خلال مكاتب تعنى بالمراهنة، بما في ذلك المراهنات المتعلقة بكرة القدم، ويتم من خلال العلاقة ما بين الوكلاء والرؤساء الكبيرة التي ترعى هذا النوع من الاعمال وبين الأفراد الذين يراهنون او يقومون بذلك فقط".