أسئلة إلى الله بخصوص حزبه

يساورني الشك يا الله وأنا أضع عينيّ هاتين قبالة وجهك الغابر وحزبك الوقح. أيّكما منتحل الصفة؟ فألوهتك القانية على امتداد أزمنة التوحيد تأبى أن تستأثر بها زمرة من المجرمين والموتورين وقطّاع الطرق والمرتزقة... فمن ذا الذي يكون في زمرة "حزب الله"، وتنسحب يا الله لأجله من أزل الدهور إلى شوارد الأزقة المتهالكة وتخوم البؤس المفروض لتقتات على جثة الدولة في المجتمع وشقاء الناس وآلامهم؟ ومن ذا الذي لا يكون في زمرة حزبك، فترتضي يا الله بمن ينازعك ألوهتك وملكوتك؟ وترتضي بالشرك بك؟ بل ترتضي بأن يكون كلّ من يخالف زمرة حزبك، ولو عن حق، في حزب الشيطان مثلاً أو في أحزاب أعداء الله بدلاً من "حزب الله!"؟

يا ذا الجلال والإكرام كيف ترتضي بأن تدوس اسمك أعقاب البنادق وتُوجَّه بأوامر حاقدة ومأجورة؟ فيعلو فوق اسمك رمز القتل الداهم وأداة الحرب الدائمة؟ وترتفع راية "حزب الله" خفاقة باسمك المسلوب فوق أنهار الدموع وسيول الدماء وآكام الخراب؟ فيقتل رجالك في الميدان باسمك في الجنوب والضاحية والجبل وكسروان والبقاع إخواناً لهم في الدين وفي الوطن وفي الإنسانية وأبرياء ومعارضين ومنافسين وصحافيين وإعلاميين ومفكرين وناشطين وعابري سبيل؟ ويُرْدون باسمك في حلب والقصير والزبداني ودمشق وريفها وحماه ودرعا وإدلب والرقة ودير الزور، ويمحقون ويغيرون ويهجّرون ويروّعون ولا يرعوون؟ ويفاخرون على لسانك: ألا إن "حزب الله" هم الغالبون! أفعلاً تؤتي هؤلاء نصر الله والفتح؟ أفعلاً تمدّ يدُك إلى هؤلاء السلاح ليقتلوا به ويسفكوا الدماء ويهتكوا الأعراض ويرهّبوا ويعبثوا ويتولّوا في الأرض ويعيثوا فساداً!؟ أفعلاً هم المسدّدون في ناظريك!؟ توكلهم بالنيابة عنك وتكلّفهم تكليفاً وتسلّطهم على الرقاب!؟ وينوبون عنك فيستحلّون غيابك وينسبون إليك طغيانهم وعماهم ويتّخذون منك ظلّهم في الأرض!؟ أصِدقاً هم المعصومون عن الخطأ!؟ أحقّاً هم المنزّهون عن الإثم والرجس!؟ أهذه الزمرة هي "حزب الله"؟ وهم رجال الله؟ أهؤلاء يا الله هم رجالك وعترتك وشيعتك!؟

كيف تأتمن يا الله صدقك ونبلك وصفاتك الحسنى وأخلاقك ولا تسحب اسمك من زمرة حزب الأفّاكين والجاحدين!؟

فلم يجبني الله بل مرّ كعاصفة هوجاء. وظنّ اللبنانيون على مدى عقود أربعة أنه اختفى عن ناظريهم. فلعلّه أجاب أخيراً وأسرف. وأبى إلا أن يخذل زمرة حزبه، ويشهد، مع تشييع الأمينين السابقين، على التشييع الأخير لكلّ موبقاتهما وكبائر شرور زمرة "حزب الله" وأشباههم من صدور المتألّهين.