المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
الثلاثاء 13 شباط 2024 17:14:04
بسلاسة وهدوء حط رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري في مطار بيروت إلا أن هذا الهدوء لم ينسحب على خبر مجيئه إلى لبنان لإحياء ذكرى استشهاد والده رفيق الحريري الـ19.
الحدث بدأ من لحظة وصوله إلى مطار رفيق الحريري ب"لوك" جديد. ومن حينه بدأت موجة التساؤلات: هل عاد سعد الحريري ليستقر في بيروت؟ وهل سيلبي طلب جمهور تياره الذي سينزل غدا في 14 شباط ليملأ ساحات وسط بيروت حتى "يرجع "؟ هل سيعود إلى الحياة السياسية التي ابتعد عنها للأسباب التي ما زالت تهيمن على الساحة الداخلية؟ ماذا تغير حتى عن قرار اعتكافه المعلن منذ عامين؟ وماذا ستغير عودته في المشهد السياسي ، وهل سيكون لها وقعها المدوي كما مشهد خروجه، علما أنها كانت واضحة المعالم للبعض ومطلبا ملحا للبعض الآخر وقرارا لا رجوع عنه نظرا إلى ظروف سياسية وإقليمية.
ثمة من قرأ في "لوك" الحريري الجديد مؤشرا ولو خارجيا لخارطة طريق العودة، ومنهم من رأى في الزيارة المرتقبة إلى موسكو نقطة انطلاق لاستعادة الحراك السياسي لا سيما في ظل ما كشفته مصادر دبلوماسية عن فحوى اللقاء الذي عقد في وزارة الخارجية الروسية بين المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وبلدان أفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، والمبعوث الخاص للحريري جورج شعبان، حيث تم التوافق بين الجانبين على ضرورة عودة الحريري إلى لبنان. فهل يملك الحريري مفتاح القرار وماذا بعد قراءة الفاتحة يوم غد على ضريح والده في وسط بيروت؟
النائب الأسبق مصطفى علوش يعتبر أن مجيء سعد الحريري إلى بيروت لإحياء ذكرى اغتيال والده أمر طبيعي خصوصا أنه يكاد يكون الإبن الوحيد الذي يقف سنويا على قبر والده ويتلو الفاتحة عن روحه وروح رفاقه الشهداء. أما في ما يتعلق بمسألة تمني عودته والضجة التي رافقت زيارته هذه السنة فيقول " هذا يعود إلى الفراغ التي طال أمده والحلول المفقودة على المستوى الوطني عموما والسني خصوصاً. ومعلوم أنه عندما تقفل كل الأبواب يصبح التأمل بالغيب هو المنفذ وخشبة الخلاص وهذا طبيعي في تركيبة النفس البشرية".
حول إمكانية عودته لمزاولة نشاطه السياسي يقول علوش" الظروف التي دفعت الحريري للإعتكاف كما أعلن عنها لم تتغير لا بل ازدادت سوءاً . فإيران لا تزال تهيمن على الساحة اللبنانية من خلال ذراعها حزب الله وامتلاكه قرار الحرب والسلم، والطائفية السياسية لا تزال موجودة، والوضع الإقليمي إلى مزيد من التأزم ولا حلول جاهزة.وإذا كان ثمة كلام عن أن الحريري يحمل في جعبته سلة إنقاذية فالواضح أن عملية إنقاذ لبنان بأوجهها السياسية والإقتصادية والأمنية غير واضحة المعالم".
ترسيخ عوامل الإعتكاف وتجذرها قابلتها زيارة الحريري إلى موسكو. ويستطرد علوش" روسيا اليوم هي الطرف الأقل تأثيرا على المستوى اللبناني كما السوري، من هنا لا يمكن أن نبني على هذه الزيارة المرتقبة ونعقد عليها الآمال بإمكانية بلوغ الحلول. علينا أن ننتظر ".
وبعكس المؤكد يختم علوش "قناعتي أن عودة الحريري موقتة ولن يكون هناك طرح سياسي ،قد تكون مقدمة لدفع الأمور خطوة نحو المرحلة القادمة. هذا لا يعني أن دور الحريري انتهى إنما حتى اللحظة العودة غير واردة ولا بوادر تؤشر لها".
هي المؤشرات التي لم تتظهر بعد لتأكيد عودة الحريري عن اعتكافه وأولها اتخاذ عدد من نواب السنة قرار الصمت وعدم الإدلاء بأي تعليق حول العودة عن قرار اعتكافه والدور الذي يمكن أن يلعبه ويغير فيه المشهد السياسي، والأهم عدم ظهور أي موقف علني أو غير مباشر من المملكة العربية السعودية التي "تملك مفتاح قرار عودة الحريري إلى الحياة السياسية أم لا" على حد قول أحد النواب الذين آثروا عدم التعليق. واستطرادا يسأل: لماذا اختار أن يذهب إلى روسيا وليس إلى السعودية ولماذا يصر على التزام الصمت ولا يخاطب جمهوره الذي ينادي بعودته؟
أطراف سياسية تبدي خشيتها من أن ترتد حماسة جمهور سعد الحريري والحملات التي يروج لها فريقه في تيار المستقبل سلبا عليه تجاه المملكة العربية السعودية وتظهر وكأنها نوع من التحدي خصوصا أن لا ضوء أخضر حتى اللحظة من الأخيرة ولا تغيير في موقفها تجاه الحريري.
النائب بلال الحشيمي يعتبر أن زيارة الحريري لإحياء ذكرى14 شباط يجب أن تكون محطة يتوقف عندها كل لبناني لاستذكار الشهيد رفيق الحريري الذي أنقذ باستشهاده لبنان كما فعلها عند توقيع اتفاق الطائف. أما الكلام عن دوره في السياسة في المرحلة المقبلة فيقول أنه يعود إلى الرئيس الحريري نفسه "لكن لا يوجد أي رابط بين زيارته لإحياء ذكرى 14 شباط وعودته عن قرار اعتكاف العمل السياسي. ولا ننسى أن تيار المستقبل وجمهوره يدينون بالولاء له. من هنا نعتبر أن أهمية حضوره تتمثل بالدور الذي يؤديه لجهة إعادة توحيد الطائفة السنية، وهو قادر على ذلك".