المصدر: المدن
الكاتب: فرح منصور
الخميس 30 كانون الثاني 2025 01:10:38
بدا مصرف لبنان المركزي لعقود طويلة أشبه بمغارة سرّية . داخل المصرف، خُبئت الأسرار المالية الرديئة، ففاحت رائحة العفن في العام 2019، معلنةً دخول لبنان في زمن الانهيار الاقتصاديّ. ليست المرة الأولى التي يُلاحق فيها حاكم المصرف المركزي بدعاوى قضائية، لكنها المرة الأولى التي تُصوّب الدولة اللبنانية اتهاماتها بشكل مباشر على حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة والحاكم الحالي وسيم منصوري، وأعضاء المجلس المركزي وتتهمهم بالاهمال الوظيفي، وإساءة استخدام مناصبهم، والتسبب بانهيار العملة الوطنية.
"إساءة استعمال السلطة"
تقدّمت ممثلة الدولة اللبنانية، القاضية هيلانا اسكندر، بدعوى قضائية أمام المحكمة المالية، ضد حاكم مصرف لبنان السابق سلامة، وحاكم مصرف لبنان بالإنابةمنصوري، وأعضاء مجلس المصرف الحاليين والسابقين، نتيجة التعاميم المخالفة للقوانين التي وقّعوا عليها والتي أدت إلى تدهور العملة الوطنية وتسببت بأضخم انهيار اقتصادي شهده لبنان عام 2019.
وحسب مصادر قضائية لـ"المدن" فإن الدولة اللبنانية تتهم أعضاء المجلس المركزي بارتكابهم مخالفات قانونيّة داخل المصرف المركزي. و"كل القرارات التي وافقوا ووقعوا عليها تعارضت مع قانون النقد والتسليف، ولم يتم الالتزام بمضمونه".
وتابعت المصادر: "التعاميم التي أصدرت من قبل سلامة، وافق عليها كل أعضاء المجلس المركزي، لذلك فهم متهمون بمخالفة الأحكام القانونيّة ومعاونة سلامة ومساعدته والتستّر على التعاميم التي وضعها لمنافعه الشخصية، لذلك يتوجب عليهم التعويض المادي والمعنوي الذي يبلغ حوالى 140 مليار دولار عن كل فئة إضافة إلى العطل والضرر".
يُلاحق سلامة بمجموعة دعاوى قضائية في لبنان وأوروبا، وهو متهم بتشكيل عصابة الأشرار، واستغلال نفوذه لمنافع شخصية، وبسرقة أموال الدولة. ويقبع خلف القضبان منذ أشهر بانتظار معالجة قضاياه التي يلاحق بها، علمًا أن منصوري وبعد توليه منصب حاكم مصرف لبنان بالإنابة، حاول التنصل من تاريخ سلامة داخل المصرف. وكان القضاء اللبناني قد طلب من منصوري مرارًا إبراز المستندات المصرفية التي تدين سلامة لكنه لم يفعل، إلا أنه في تموز العام 2024، اتخذ صفة الادعاء الشخصي وطلب الدخول في الدعوى المرفوعة ضد سلامة خارج لبنان، وكأنه حاول القول أن مصرف لبنان كان ضحية ارتكابات سلامة اللاقانونية، وأن ساعة المحاسبة أتت، وفي العام نفسه أدين سلامة ووضع خلف القضبان بعد مواجهته بملف قضائي، حيث كشفت التحقيقات القضائية قيام سلامة بتهريب أموال من المصرف المركزي لحسابات متنوعة من أزلامه، وصولًا إلى تحويلها لحسابه الشخصيّ.
ملاحقة قضائية
وهنا يجب التوضيح إلى أن أعضاء المجلس المركزي يديرون السياسة النقدية، ويتألف من الحاكم (رئيسًا)، ونواب الحاكم (عددهم أربعة)، والمدير العام لوزارة الاقتصاد والمدير العام لوزارة المالية. وحسب مصادر قضائية لـ"المدن" فإن الدعوى القضائية هي دعوى مدنية وضمت أسماء أعضاء المجلس المركزي السابقين والحاليين". ووفقًا لمعلومات "المدن" "خلال الأيام المقبلة سيتم تبليغ أعضاء المجلس المركزي بمضمون الدعوى، ليحدد موعد جلسة مثولهم أمام القضاء اللبناني".