المصدر: النهار
الأربعاء 29 تشرين الأول 2025 06:39:07
“تنافست” الأحداث والتطورات المتزامنة ديبلوماسياً و”حربياً” وسياسياً فوق سطح المشهد اللبناني الداخلي أمس، راسمة صورة مثيرة لشتى أنواع السيناريوات المتصلة بالتأزم الخطير ميدانياً من خلال المخاوف المتعاظمة من اتّساع الحرب من جهة، والتوتر السياسي– النيابي الآخذ بالتصاعد على خلفية انفجار الخلاف الانتخابي من جهة مقابلة. وإذا كانت إطاحة الجلسة التشريعية لمجلس النواب أمس شكلت نقطة متقدمة للأكثرية في تسديد الضربات المعنوية لرئيس مجلس النواب نبيه بري، فإن الأنظار ستتوجه اليوم إلى “الاختبار– الملحق” في جلسة مجلس الوزراء التي أدرج على رأس جدول أعمالها مشروع قانون تعديل قانون الانتخاب، وما إذا كانت الجلسة ستتعرض لامتحان التصويت.
وعلى وقع تزامن التطورات هذا، بدا من الصعوبة الجزم بما إذا كان المسؤولون “اطمئنوا” فعلاً إلى فارق ملحوظ بين الأجواء الاعلامية التي سبقت جولة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس عليهم وما أعقب الجولة، ولو أن بعبدا وعين التينة سارعتا إلى نفي نقل أورتاغوس أي تهديدات أو مواقف تهوّل بهجمة إسرائيلية جديدة أو بحرب على لبنان. ذلك أن ما رشح عن الجولة، التي تميزت بقرار الموفدة الأميركية عدم الإطلالة إعلامياً أبداً وعدم إصدار أي بيان، يشير إلى طرح مسار تفاوضي جديد بين لبنان وإسرائيل ووضع الجانب اللبناني في أجواء خطورة المعطيات التي يدلي بها الجانب الإسرائيلي عن مضي “حزب الله” في إعادة هيكلة قدراته التسليحية، بما يعني أن ميزان الجولة يتأرجح بين مدّ يد التفاوض بعد الاتفاق على إطاره مباشراً كان أم غير مباشر، على وقع معطيات لا تطمئن أبداً إلى ضمان انكفاء إسرائيل عن تصعيد عملياتها.
وإذ تشارك أورتاغوس في اجتماع لجنة “الميكانيزم” اليوم في الناقورة، تترقب الأوساط الرسمية وصول الموفد الأميركي توم برّاك الذي يتردد أن زيارته ستكون الأخيرة كموفد إلى لبنان وقدّم موعدها لاستباق وصول السفير الأميركي المعيّن في لبنان ميشال عيسى.
وأفادت المعلومات عن جولة الموفدة الأميركية أنها طرحت في لقائها مع رئيس الجمهورية جوزف عون توسيع عمل لجنة “الميكانيزم”، وأبدت جهوزية الإدارة الأميركية لمساعدة لبنان في طروحاته. كما أشارت المعلومات إلى أن أورتاغوس طرحت أمام رئيس مجلس النواب نبيه برّي خيارين، الأول، هو التفاوض المباشر مع إسرائيل، والثاني التفاوض غير المباشر عبر لجنة الميكانيزم وربّما تتوسّع وتضمّ مدنيين (سياسيين)، وقد يكون هذا هو المخرج الذي يُعمل عليه.
كما أن أورتاغوس نقلت إلى برّي ما يُشاع عن تهريب أسلحة من سوريا إلى لبنان، وقالت إنّ الإدارة الأميركية لم تتأكد بعد من هذا الموضوع وهي لم تتبنَّ الرواية الإسرائيلية إنّما نقلتها كما هي وأكّدت المخاوف في حال ثبوتها. وتعليقاً على لقائه أورتاغوس ومدير المخابرات المصري، قال بري مساءً: “ثمة تضخيم في التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان. العمل السياسي في لبنان أصبح كل أسبوع بأسبوع ولا حرب حتى الآن”. ورداً على سؤال عن عدم توفر النصاب للجلسة النيابية، قال: “لا انتصارات لأحد، المهم أن ينتصر كل لبنان بالمقيمين والمغتربين وإجراء الانتخابات في موعدها."
أما المعلومات الرسمية عن الجولة، فأشارت إلى أن الرئيس عون أكد “ضرورة تفعيل عمل لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية “الميكانيزم” لا سيما لجهة وقف الخروقات والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على لبنان، وتطبيق القرار 1701 في الجنوب لتمكين الجيش اللبناني من استكمال انتشاره حتى الحدود الدولية الجنوبية”.
كما شدّد الرئيس عون على “ضرورة تمكين المواطنين الجنوبيين من العودة إلى منازلهم وترميم المتضرر منها خصوصاً مع اقتراب فصل الشتاء”. وفي عين التينة، “تناول اللقاء عرض الأوضاع العامة والتطورات الميدانية المتصلة بالخروق والاعتداءات الإسرائيلية اليومية على لبنان، إضافة إلى عمل اللجنة الفنية الخماسية لمراقبة وقف النار (الميكانيزم) وتفعيل دورها”. وفي السرايا، شدّد الرئيس نواف سلام على “أن هدف أي مفاوضات هو تطبيق إعلان وقف الأعمال العدائية الصادر في تشرين الثاني الماضي، ولا سيّما لجهة وقف الاعتداءات الإسرائيلية والانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلّة.
وأضاف أنّ من أهداف هذا المسار أيضًا الوصول إلى الإفراج عن الأسرى اللبنانيين. وأشار إلى أنّ تطبيق قرار الحكومة لحصر السلاح، سواء جنوب نهر الليطاني أو شماله، يتطلّب الإسراع في دعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، من خلال عقد مؤتمر دولي مخصّص لهذه الغاية. كما أكّد أنّ تثبيت الاستقرار في الجنوب يستدعي أيضًا دعمًا دوليًا لعقد مؤتمر للتعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار”.
كما التقت أورتاغوس وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيّد وتم خلال اللقاء البحث في دور وزارة الشؤون الاجتماعية في الاستجابة للاحتياجات الإنسانية وتعزيز حضور الدولة في المناطق المتضرّرة.
في موازاة جولة أورتاغوس، جال أيضاً على الرؤساء وفد أمني مصري برئاسة رئيس الاستخبارات المصرية حسن رشاد، حيث أفيد أنه وضعهم في جوّ الجهود التي تم القيام بها في غزة، وأبدى استعداد مصر للمساعدة في إرساء الاستقرار في لبنان.
وأبدى رشاد استعداد بلاده للمساعدة في تثبيت الاستقرار في الجنوب وإنهاء الوضع الأمني المضطرب فيه. كما جدّد التأكيد على دعم مصر للبنان. وحمّل الرئيس عون رشاد تحياته إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، شاكراً الدعم الذي تقدمه جمهورية مصر العربية للبنان في المجالات كافة، ومرحباً بأي جهد مصري للمساعدة في وقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وإعادة الاستقرار الى ربوعه” .
في الشق الداخلي النيابي، نجحت الاكثرية النيابية المؤيدة لمنح المغتربين الحق بالتصويت لـ128 نائباً، في تعطيل نصاب جلسة التشريع أمس، ولم يلتئم المجلس في جلسة كان يفترض أن تستكمل الجلسة السابقة، لعدم اكتمال النصاب، وقد رفعها الرئيس نبيه بري إلى موعد لم يحدد.
وكان حضر إلى ساحة النجمة 63 نائباً ودخلوا القاعة، فيما قاطع نواب كتل “الجمهورية القوية “و”الكتائب” و”تحالف التغيير” و”الاعتدال الوطني” وعدد من النواب. وبدا واضحاً أن الكتل المقاطعة نجحت في بعث رسالة قاسية للرئيس بري تحديداً تحت عنوان “إعادة تصويب مسار التسلّط على المجلس”.
لكن نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب، قال بعد رفع الجلسة: “لو كانت هناك نية بإجراء الجلسة اليوم كانت حصلت وبداية حلّ الأزمة هو عدم انعقاد الجلسة اليوم. وهذا القرار يعزز أن الجميع يعودون ويبحثون عن قاسم مشترك، لأن ما حصل اليوم ليس بعيداً عن ما يمكن أن يحصل في الحكومة غداً”.
وعشية جلسة لمجلس الوزراء اليوم يتصدر جدول أعمالها مشروع قانون وزير الخارجية للتخلي عن الستة نواب والسماح للانتشار بالتصويت لـ128 نائباً، عقدت خلوة بين رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة نقل بعدها كلام إيجابي عن استبعاد حصول تصويت في جلسة مجلس الوزراء اليوم حول مشروع تعديل قانون الانتخاب.
وتوجّه نائب رئيس حزب “القوات اللبنانية” النائب جورج عدوان إلى رئيس الحكومة نواف سلام، قائلاً: “قُم بما يجب في جلسة الغد الأربعاء لأنّ وضع المجلس النيابي واضح وعليك أن تكون إلى جانب الأكثرية لأنّ لولاها لما كنت رئيساً للحكومة”، مشيرًا إلى أن “أملنا كبير في موقف الحكومة غداً”. وطالب “الوزراء بأن يقوموا بواجباتهم ولا ينسوا أننا أعطيناهم الثقة لكي يقوموا بواجباتهم، ونحن لا نقاطع التشريع وسنحضر جلسة الموازنة”. وأوضح أن “لا خلاف إطلاقاً بين رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ولكن الخلاف هو بين نهجين”.