أورتاغوس ورسالة حسم عالية اللهجة

زيارة الثماني والأربعين ساعة لنائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، كانت حافلة بالرسائل والإشارات والمواقف والتي تحتاج إلى تقويمٍ معمَّق وقراءة هادئة لاستخلاص العِبَر منها. لقد ذكرت في اجتماعاتها أكثر من مرة كلمة window (نافذة) وفي الوقت نفسه شددت على أن رياح التصعيد قد تدخل من نوافذ أخرى في ظل ما لمسته من مراوحة في بعض الملفات. وعلمت "نداء الوطن" أن أورتاغوس وبعدما نقل إليها أحد محدثيها تسريبات إعلامية تفيد بأنها كانت مرنة ومرتاحة لمجمل لقاءاتها، عبّرت عن استغرابها لهذه الأجواء. ولفت قولها في لقاء تلفزيوني أمس، قبل مغادرتها إلى الإمارات العربية المتحدة، أنها لم تتبلغ أي رفض لبناني رسمي لتشكيل اللجان الثلاث التي ستبحث في ملفات الترسيم البري والأسرى والانسحاب من النقاط الخمس، وأصرت على مسألة نزع سلاح "حزب الله" مستعيضة عن "الجدول الزمني" بتعبير "بأسرع وقت ممكن".

ثلاث نساء كنّ محور هذه المحادثات هنّ إضافة إلى أورتاغوس، نائبة مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى وسوريا نتاشا فرانشيسكي والسفيرة في لبنان ليزا جونسون، هذا "الثلاثي الناعم" لم تخل محادثاته من التشدد ومن اللغة التي جانبت أحياناً الدبلوماسية.

اللقاءات الانفرادية

في لقاءاتها مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة، كانت أورتاغوس حاسمة لجهة ضرورة وضع جدول زمني لبدء تسليم "حزب الله" سلاحه، وحاولت أورتاغوس الإيحاء بأن هذا الموقف ليس موقف الولايات المتحدة الأميركية فقط بل هو موقف الغرب وبعض الدول العربية. كذلك لوحظ أنها أجرت لقاءات منفردة مع الثلاثة قبل اللقاءات الموسعة، ما يعني أنها فضلت "التشدّد السري".

معلومات "نداء الوطن" تحدثت عن أن أورتاغوس كانت صارمة جداً في موضوع إطلاق الصواريخ سواء من شمال الليطاني أم من جنوبه، بمعنى أن لا تساهل أو تهاون بعد اليوم إذا ما تمّ إطلاق أي صاروخ.

ويرى مصدر دبلوماسي أن الموفدة الأميركية، من خلال لقاءاتها، أكدت أن التباطؤ غير مسموح وأن التأخر في الإيفاء بالالتزامات ليس لمصلحة لبنان على الإطلاق، وأكد أنها قالت لكل من التقتهم إن "هناك نافذة فُتِحَت لكنها لن تدوم إلى الأبد". 

الوقت للأفعال وليس للوعود

لا تختلف أجواء اللقاء الذي عقدته أورتاغوس مع وزير المال ياسين جابر ووزير الاقتصاد والتجارة عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد، عن أجواء لقاءاتها السياسية، والتي يمكن اختصارها بالموقف الحازم الذي عبّرت عنه الموفدة الأميركية.

وصارحت أورتاغوس، حسبما علمت "نداء الوطن"، الوزيرين والحاكم بأن الوقت هو للأفعال وليس للوعود. وألمحت إلى أن واشنطن، تتحدث في هذا المجال باسمها وباسم أوروبا والدول العربية، ولا سيما الخليجية منها.

وأن العالم لم يعد يريد الاستماع إلى تبريرات في شأن تأجيل القوانين الإصلاحية، مرة لهذا السبب ومرات لذاك السبب. وأن أحداً لا يريد أن يعرف ما هي القوانين التي توافق عليها الحكومة ولا يوافق عليها المجلس النيابي أو بالعكس. كل المطلوب نتائج عملية من خلال إنجاز القوانين الإصلاحية المتفق عليها.

وذهبت أورتاغوس أبعد من ذلك عندما أكدت لمحدثيها أن المطلوب ليس إقرار القوانين الإصلاحية فحسب، بل تنفيذها، لأن العالم بات يعرف أيضا أن هناك عدداً كبيراً من القوانين لا يتم تطبيقها بذرائع مختلفة، يأتي هذا الجو رداً على ما تم توزيعه إثر لقاء أورتاغوس مع الرئيس نبيه بري من أنه سلَّم الموفدة الأميركية سبعة عشر قانوناً إصلاحياً أنجزها مجلس النواب.

في الخلاصة، يعتبر مصدر مطلع أن ما قالته أورتاغوس أشبه بالقول إن زمن مَن "يأكل الطعم ويبصق على الصنارة" قد ولّى إلى غير رجعة.

لقاء أورتاغوس – قائد الجيش

اللقاء بين الموفدة الأميركية وقائد الجيش العماد رودولف هيكل، كان على جانب كبير من الأهمية، فبعدما أثنت أورتاغوس على دور الجيش وتأكيدها استمرار المساعدات العسكرية الأميركية، استفسرت الموفدة الأميركية عن جدولة انتشار الجيش في الجنوب وتسريع هذا الانتشار.