أيها الأهالي لا تخاطروا: لقاحات أطفالكم مفقودة... هل بدأتم البحث عنها؟!

قد يكون الدعاء الموحد الذي يرفعه الاهل يوميا على نية أبنائهم هو الحصول على الأمان والصحة. واذا ما افترضنا ان الامان في أيامنا هذه، هو مجرد امان مقنع قد ينفجر بين ليلة واخرى، وبالتالي فان استحصاله صعب، فتبدو الصحة بالمقابل امنية أصعب وبعيدة المنال ايضا.  فكيف يمكن للاهل ضمان صحة اطفالهم ونحن في لبنان؟ هذا البلد الذي فقد جميع مقومات العيش الكريم وافقد سكانه أغلى النعم وأحقها.

كيف يمكن للأهل أن يطمئنوا على صحة اطفالهم من عمر شهر الى 18  سنة والطبابة في لبنان غير قادرة على توفير اللقاحات المتوجبة عليهم اخذها خلال هذه الاعوام؟

نعم انها مشكلة بألف مشكلة بالنسبة للأهل لا بل تنتج معها ألف همّ وهمّ، فهل انجبوا أطفالا لكي لا يؤمنون لهم أدنى المعايير الصحية؟ وهل أزمة اللقاحات فعلية أم انها مجرد مؤامرة لرفع سعرها واعتبارها سلعة كما فعل التجار بسائر السلع والمواد؟

وزير الصحة احد مسببي الازمة؟

"نسبة تحصين الأطفال في المجتمع اللبناني انخفضت لتصبح حوالي 40 – 45% وهذا ما لم نره مطلقاً منذ قرابة الـ 30 عاماً"  هذا ما يؤكده رئيس اللجنة العلمية في نقابة الأطباء في بيروت ورئيس المجلس الصحي الإجتماعي في حزب الكتائب الدكتور برنارد جرباقة.

د.جرباقة وعبر حديث خاص لـ kataeb.org، عزا الأزمة الى قرار وزير الصحة السابق حمد حسن الذي أوقف تسليم اللقاحات المباشر من المؤسسات الصيدلانية المستوردة للأطباء، وكلّف بدلاً منه المؤسسات المستوردة توزيع اللقاحات للصيادلة لتوزيعها بدورهم على الأطباء والناس، وهذا ما تسبب بفوضى عارمة في آلية التوزيع والتحصين، كما بهدم الإستراتيجية الفاعلة منذ ٦ عقود، فالصيادلة بطبيعة الحال كانوا غير جاهزين أو مدرّبين لتطبيق الآلية الجديدة لتسلّم وإعطاء اللقاح، مما أدى إلى فقدان اللقاحات لدى كل من الأطباء والصيادلة والمواطنين، بل أدى إلى تفاقم التخزين والسوق السوداء، كما والتهريب من وإلى لبنان من ناحية، وإلى إجراء لقاحات فاسدة وغير مناسبة للناس من قبل من ليس لهم صفة طبيب.

ومما لا شك فيه أن هذه الأزمة تضاعفت أيضاً مع المشاكل الإقتصادية وإنهيار العملة اللبنانية، مما أدى بدوره الى تفاقم التخزين والبيع والشراء  في السوق السوداء للأدوية واللقاحات، فضلاً عن التهريب الموثّق، بحسب د. جرباقة، لافتاً إلى ان اللقاحات والأدوية المدعومة من أموال اللبنانيين باتت متواجدة في سوريا والعراق وافريقيا وسائر دول العالم.

تداعيات خطيرة على صحة الأطفال والمجتمع

اصبحت كلمة "مقطوع" الجواب العادي للطبيب وأهل الأطفال، فتأثير فقدان اللقاحات له تداعيات خطيرة على صحة الأطفال الشخصية والمجتمعية، فمنذ 17 سنة ولبنان لم يسجل أي حالة شلل وبائي، والخوف المرعب والخطر المحدق اليوم، مع فقدان اللقاحات الضرورية، هو أن تسجل حتى حالة واحدة من الشلل الوبائي، مما يضرب الأمن الصحي والقومي في لبنان على سواء.

 وفي هذا الاطار، يشرح د. جرباقة: الشلل الوبائي اسوأ من فيروس كورونا، فإذا تم تسجيل حالة واحدة منه فقط، فهذا يعني أنه في محيط هذا الطفل حوالي 100 شخص يحملون هذا الفيروس المعدي، وأضاف: لقد حصلت آخر أزمة في العام 1918، فهل تتخايلون اليوم، وفي ظل عدم تحصين  45% من الأطفال، الى أي عصر سنعود في حال سجلت حالة واحدة فقط، بينما سبق لنا أن نجحنا، من خلال الشراكة الفاعلة بين وزارة الصحة والقطاع الطبي الخاص، في الحفاظ على لبنان خال من الشلل وإلى رفع نسبة تحصين الأطفال إلى ٨٥% أو ٩٥% في ظل تواجد فيروس الشلل الوبائي في كل الدول المحيطة بلبنان إبان الحرب في سوريا؟

أما الخطر الثاني، ودائماً بحسب د. جرباقة فهو يكمن في  تزايد الأمراض الجرثومية كالحصبة والصفيرة والسحايا والالتهابات المعوية والرئوية، مما يزيد حالات الالتهاب الجرثومية ويؤدي ذلك أيضاً الى حالات مَرضية خطرة وحتى إلى الموت.

 

هل من حل في الأفق لأزمة انقطاع لقاحات الأطفال؟

يشير د. جرباقة إلى أن العمل لإيجاد حل بدأ منذ أكثر من سنة، مع بدء المعاناة في موضوع اللقاحات، فقد تمت مراسلة وزير الصحة مرات عدة آنذاك للتراجع عن قراره إلا أن الأخير تمسّك به رغم نصائح 4 مدراء في الوزارة. كذلك رفعت هيئة الطوارئ في حزب الكتائب، كما واللجنة العلمية ونقابة الأطباء في بيروت والشمال، فضلاً عن الجمعيات العلمية لطب الأطفال، تقارير تعرض الأزمة، لحكومة تصريف الاعمال ولم نلق أي جواب منها، آملين الآن أن يأخذ الوزير الجديد د. فراس الأبيض مساراً معاكساً ويبدأ بورشة إصلاح صحية عبر فرض تدابير ضرورية واجراءات سريعة للحد من شدة هذه الأزمة، على أصعدة عدة:

١. العودة إلى الآلية الفاعلة والأزمة في توزيع اللقاحات

٢. إعادة تحسين الأعمال المشتركة في ما بين القطاع الخاص والوزارة

٣. توفير اللقاحات الإلزامية كما والضرورية منها للناس.

وعلى الصعيد الدولي، يؤكد د.جرباقة من موقعه كمستشار لرئيس حزب الكتائب في أهداف التنمية المستدامة، أن الحزب  كان السباق في الإضاءة على هذه الأزمة الصحية، سواء من خلال البيانات المحلية التي تم إصدارها في هيئة الطوارئ الصحية وندوة الأطباء في الحزب، أو من خلال أداء اللجنة العلمية والجمعيات العلمية التي لم تكل على إعلاء الصوت والتواصل مع وزارة الصحة ومع كل طرف قادر على انتشال المجتمع من هذه الأزمة، أو حتى من خلال التقارير البديلة للدولة التي وجهناها إلى منظمات دولية وجهات عالمية.

وحول هذه التقارير، يوضح د. جرباقة أنه تم وضع خطة صحيّة للحد من الإنهيار الذي يتهدد القطاع على أكثر من صعيد، وخصّينا بالذكر اللقاحات عند الأطفال والعناية الفائقة وطوارئ الأطفال، ورفعت هذه القارير الى كل من مدير عام منظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس،  والمديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف السيدة هنرييتا فور والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونيتسكا. وضمن هذه التقارير طالبنا بزيادة أعداد اللقاحات الموجودة بالقطاع الرسمي والتي هي لقاحات انسانية تحتوي على 10 antigens، كما طالبنا بإدخال أنواع وأعداد لقاحات إضافية ضمن البرنامج الوطني للتحصين. وناشدنا هذه المنظمات العالمية إدراج لبنان ضمن لائحة الدول الفقيرة، مما يسمح بالحصول على اللقاحات بأسعار متدنّية (١٠% من سعرها في السوق) في تصنيف البنك الدولي ومن مدخلات منصة  GAVI الدولية، في سبيل توفير هذه اللقاحات مجانا للناس بدلاً من  شرائها بأموال اللبنانيين!

ويختم د. جرباقة: لبنان واللبنانيون أصحاب حق، في الصحة وسائر الحقوق!