المصدر: نداء الوطن
الكاتب: أحمد الأيوبي
الثلاثاء 11 تشرين الثاني 2025 07:38:52
انتقلت المواجهة مع "الثنائي الشيعي" إلى ساحات الاغتراب بعد مخاض التعطيل والبلطجة السياسية التي مارسها "الثنائي الشيعي" عبر رئيس مجلس النواب المزمن نبيه بري، وهذا يستوجب استنفار القوى الوطنية والسيادية لتشجيع المغتربين وحثهم على تسجيل طلباتهم للاقتراع في السفارات اللبنانية لتمكينهم من المشاركة في الانتخابات النيابية المقرّرة عام 2026 لتحويل هذا الاستحقاق إلى عملية ثأر وطنية من كلّ ممارسات التعطيل التي انتهجها بري في العقود الماضية، وكسر هذه الهيمنة على الحياة السياسية.
تبلغ الوقاحة حدها الأقصى مع "الثنائي الشيعي" عند رفضه البطاقة الممغنطة و"الميغاسنتر" ولا يرفضهما إلّا من يتمسك بالتزوير وفرض الترهيب على الناخبين، ومن الواضح أن "الحزب" و"الحركة" يعتبران أنه إذا حصل الناخب الشيعي على حقه في الانتخاب الحر فهذا يشكل تهديدًا لهما، كما إن البطاقة الممغنطة تمنع تنخيب الأموات وغيرها من عمليات التزوير التي يبرعان بها.
مارسَ بري في تصويت المغتربين عملية ابتزاز مكشوفة، وهو أستاذ الابتزاز، وهذا يعني أن اقتلاعه من رئاسة المجلس وتحريرها منه أصبحت من أولى الأولويات فلا يمكن احتمال ولاية جديدة تحت تسلّط من دمّر الحياة البرلمانية على قاعدة "مادة رجلها من الشباك"... وحطّم قواعدها وأبدع في فرض الهرطقات على الدستور بالأرانب والأفاعي للوصول إلى هيمنة الشيعية السياسية الإيرانية على لبنان، فضلًا عن رعاية كلّ أشكال الفشل والفساد في مؤسسات الدولة، من التبغ والتنباك حتى الجامعة اللبنانية، ولولا الحصانة التاريخية للجيش لكان بري قد فتك به كما فعل خلال الحرب الأهلية.
لم يغادر بري حركةَ أمل، واستمرّ في سلوكه السياسي كرئيس ميليشيا ما زالت تحتفظ بسلاحها، وليس كرئيس مجلس نواب، وربما كان جبران باسيل محقًا لمرة وحيدة عندما وصفه بـ "البلطجي"، وإن كان هو لا يقلّ بلطجة وفسادًا... وقد أثبت في جميع المفاصل أنه أشدّ تطرُّفًا من "حزب الله" لكنه أكثر مكرًا ودهاءً منه، وهذا يوجب نقل الصراع إلى مرحلة مختلفة تتغيّر فيها الخطط والأدوات، خاصة أن "الثنائي الشيعي" سيستميت للحفاظ على نوابه بدون اختراق وسيستخدم كلّ قواه للحصول على الثلث المعطِّل في مجلس النواب ليتمكن من إيقاف القرارات الأساسية في البرلمان بعد أن خسر بشكل أو بآخر الثلث المخرِّب في مجلس الوزراء.
من هذا المنطلق، ينبغي على خصوم "الثنائي الشيعي" العمل على جبهات ثلاث:
الأولى، هي تحصين المواقع السيادية ومحاصرة من يشكلون أحصنة طروادة "الثنائي"، سواء في الشارع المسيحي أو في الشارع السني على حدّ سواء.
أما الجبهة الثانية، فتوجب وضع خطة محكمة تضمن اختراق بعض المقاعد الشيعية.
والجبهة الثالثة لا تقلّ أهمية عن الجبهتين المحليتين، وهي جبهة استنفار المغتربين في العالم وتحرّكهم بقوة لاستنقاذ لبنان من مخاطر الاندثار في حال بقيت المعادلة الراهنة على حالها، فهم يستطيعون تغيير ميزان القوى الناخبة في كثير من المقاعد.
مسألة أخرى ينبغي الالتفات إليها وهي وجود آلاف المجنسين السوريين الذين سبق أن منحتهم سلطات الأمر الواقع في لبنان الجنسية وحوّلهم نظام بشار الأسد إلى وسيلة للتحكّم بالانتخابات النيابية والبلدية على حدّ سواء، وأغلبيتهم الساحقة تعيش في سوريا، وتأتي يوم الانتخابات ثم يقفلون عائدين إلى بلدهم، ونقول بلدهم لأن جنيستهم اللبنانية ليست سوى منحة أعطاها لهم من لا يملك لمن لا يستحق، وهؤلاء يجب التصدي لهم.
وفي عودةٍ إلى أصل المشكلة، نذكِّر بأن نبيه بري ساهم في انتهاك قواعد الدستور باستيلائه على جزء من صلاحيات رئيسي الجمهورية والحكومة في التفاوض الخارجي، وهذا ما أنتج اتفاق (الإذلال) على وقف إطلاق النار في نهاية حرب الإسناد، ثمّ أكمل دوره التخريبي بتغطية سلاح "حزب الله" وتعطيل قرارات الحكومة بحصرية السلاح، وصولًا إلى تعقيد المشهد السياسي وإفهام المجتمعَين العربي والدولي أن لبنان مخطوف وأن فديته هي تعديل الدستور لصالح "الثنائي" بمنح "الحزب" و"الحركة" مناصب مفصلية في الدولة، منها وزارة المال وقيادة الجيش وربما نائب رئيس للجمهورية مع صلاحيات، كما أسرّ بري لتوم برّاك ذات اجتماع.
وبينما يسوّق بري بهذه الأوهام، أصبح مسؤولًا عن جميع مخاطر الحرب على لبنان بعد تكرسيه العصيان على الدولة وتغطية بقاء السلاح غير الشرعي، فهو المسؤول عن تعطيل مسار الدولة في حصرية السلاح، ولعل العقوبات التي يجرى الحديث عنها تُنهي تلطيه بالغطاء الأميركي في كلّ المراحل الماضية، ونرجو ألّا يشهد لبنان المزيد من الحروب بسبب مغامرات "الأخ الأكبر" والحزب المقامِر بمصير لبنان.