أي آفاق لعملية تركيا "المعزولة" العتيدة شمالي سوريا؟

يقف الشمال السوري على أعتاب عملية عسكرية تركية جديدة. فقد نشرت تركيا خلال الايام الماضية مئات من الجنود الإضافيين في المنطقة، استعدادا لهجوم معلق منذ فترة طويلة على القوات الكردية ، حسبما قال مسؤولان لوكالة "بلومبرغ" الإخبارية. واكد المسؤولان اللذان رفضا الكشف عن هويتهما، أن "الهجوم المخطط يهدف إلى إغلاق أكثر من ثلثي حدود تركيا مع سوريا، التي يبلغ طولها 910 كيلومترات". وأضافا أن تركيا "تهدف أيضا إلى السيطرة على مناطق جنوب بلدة كوباني، المعروفة باسم عين العرب، لربط المناطق الواقعة تحت سيطرتها غرب وشرق نهر الفرات". كما أوضحا أن "الهدف المحتمل الآخر هو الاستيلاء على قاعدة ميناغ الجوية قرب بلدة أعزاز، التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية وتشن منها هجمات على القوات التركية والمقاتلين السوريين المتحالفين معها".

وتوقّع مصدر في النظام السوري الاحد أن تتمكن تركيا من بسط سيطرتها على مناطق في شمال شرق سوريا خلال الساعات القادمة. ونقلت وكالة "سبوتنك" الروسية عن الناطق باسم "المصالحة الوطنية السورية"، عمر رحمون، ترجيحه أنّ "سيناريو سيطرة تركيا على منطقة عفرين سيتكرر في المنطقة الشرقية، عبر انسحاب قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية "قسد"، وتقدّم تركيا لفرض سيطرتها خلال الساعات القادمة"، على حدّ تعبيره. واشار الى "اننا أمام تجربة في عفرين وتل أبيض ورأس العين"، مضيفاً "كانت هناك محاولات لفتح خط بين قسد ودمشق وعودة سلطة النظام السوري إلى تلك المنطقة لكن تلك الجهود ارتطمت بحائط الفشل"، لافتاً إلى أنّ "قسد" كانت لديها رغبة إذا خسرت المنطقة، أنّ تسلمها إلى تركيا بدلاً من دمشق، وهذا ما حدث في عفرين ورأس العين وتل أبيض، إنّها تجربة مكررة".

بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ"المركزية" فإن القرار التركي بالتصعيد في الشمال السوري يأتي بعد هجمات شنتها قوات حماية الشعب الكردية، التي تدعمها واشنطن بقوة، ضد اهداف تركية في المنطقة. ويريد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان للعملية المرتقبة، ان تشكّل عنصر ضغط على الولايات المتحدة وروسيا لكبح جماح القوات الكردية التي تعتبرها أنقرة إرهابية، خاصة وان انقرة تتهم واشنطن وموسكو بعدم الوفاء بوعودهما، بإجبار وحدات حماية الشعب في سوريا على الانسحاب إلى مسافة 30 كيلومترا على الأقل من الحدود التركية.

عليه، تضيف المصادر، يرى اردوغان ان حملة من هذا القبيل، ستساعده على فرض واقع ميداني مريح لبلاده، بالقوة، بعد ان اخفق في اقناع الاميركيين والروس، بالادوات السياسية والدبلوماسية، بلجم عمليات الاكراد، حيث لم يخرج لقاؤه بنظيره الاميركي جو بادين في روما نهاية الاسبوع الماضي بأي اتفاق بين الدولتين أكان في ما يخص سوريا او سواها من الملفات ذات الاهتمام المشترك. 

في موازاة التصعيد الميداني، برزت في الساعات الماضية،  الدعوة التي وجهتها تركيا من أجل عودة مجموعة أصدقاء الشعب السوري الى الإجتماع والعمل مجدداً لـ"توجيه رسالة إلى روسيا وإيران، بصفتهما الداعمين الرئيسين للنظام السوري"، فحواها وفق ما قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو "الحل العسكري غير ممكن"، مضيفا "الهجوم "الإرهابي" الأخير في دمشق واعتداءات النظام في إدلب، انعكست سلباً على محادثات اللجنة الدستورية السورية، ومشدداً على أن الحل الوحيد يتمثل في "تفاهمات المعارضة والنظام على مستقبل سوريا وفق القرار الدولي 2254".

هذه الدعوة تؤكد ان انقرة على خلاف ايضا مع شريكتيها المفترضتين في منصة استانا للحل السوري، ايران وروسيا، وتدل على ان تركيا معزولة سوريا ولا شركاء لها او حلفاء دوليين في مخططاتها، اكان ضد الاكراد او لتثبيت ارجلها في الشمال، ليصبح السؤال: هل سيكتب لعمليتها المرتقبة النجاح ؟ وهل ستتمكّن من فرض وجودها في هذه المنطقة على حساب الاكراد؟ ام ان ما هي في صدده لن تكون نتيجته الا مزيدا من التوتير الميداني والمواجهات العسكرية في انتظار تسوية "سياسية" ما بين اللاعبين الكثر على الحلبة السورية؟