المصدر: النهار
الكاتب: وجدي العريضي
الأربعاء 14 أيار 2025 08:09:57
يُسأل في الهمس والعلن أين روسيا من لبنان؟ غياب سياسي واضح، ومواقف خجولة، بعدما كان لموسكو دور تاريخي في لبنان، أقله مع بعض الشخصيات والزعامات اللبنانية. فقد لوحظ منذ سقوط نظام الأسد انسحاب روسيا من لبنان والمنطقة، أو أقله تقنين حضورها ودورها. فهل ثمة أسباب وظروف تحول دون قيامها بأي مبادرة أو دعم للبنان؟ وما رؤيتها ونظرتها السياسية والأسباب الكامنة وراء انكفائها عن الملف اللبناني؟
يشير الخبير في الشؤون الروسية الدكتور زياد منصور لــ"النهار"، إلى ظروف وعوامل أدت إلى هذا الحذر، "فهناك برودة وحذر في الوقت عينه حيال الوضع الداخلي اللبناني، إذ تقارب الأمور بعقلانية بعد أحداث سوريا، وثمة تواصل مع بعض المكونات الحكومية"، كاشفاً عن أجواء اللقاء الذي عقد منذ فترة ليست ببعيدة، خلال زيارة السفير الروسي في بيروت ألكسندر روداكوف لرئيس الجمهورية جوزف عون في بعبدا، "وكان لقاء ديبلوماسيا عاديا تناول أمورا كثيرة ، ولم يتم التطرق بوضوح إلى المواقف الروسية من لبنان".
ويلاحظ أن "لبنان ميّال في هذه المرحلة إلى الاصطفاف مع الغرب، فثمة روابط تجمعه بالولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ودول أوروبية، ناهيك بعلاقاته التي عادت بقوة مع دول مجلس التعاون الخليجي" .
ويشير إلى "عتب على عدم عودة رحلات الطيران الروسي إلى بيروت، بخلاف ما يجري مع الأردن والعراق وحتى دول خليجية، فحجج لبنان أن هناك عقوبات وحصارا على روسيا، إنما هذه الدول تخالف الموقف اللبناني، والطائرات الروسية تسيّر رحلاتها إليها في شكل طبيعي، فيما ينقل أن السبب هو امتناع لبنان عن تزويد الشركات الروسية النفط نظراً إلى العقوبات. كل ذلك يترك تأثيراته وتداعياته السلبية ليس على الروس فحسب بل على الجالية اللبنانية الكبيرة في المدن الروسية، والتي تتأثر إلى حد كبير بسبب استمرار وقف الرحلات الروسية من موسكو إلى بيروت، والعكس".
ويتحدث منصور عن "مراقبة روسية ناعمة للوضع اللبناني، فالحذر قائم، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لا يمكنه زيارة بيروت بعد ما حصل مع سوريا، وثمة مواكبة ومتابعة ومراقبة دقيقة لما يجري في لبنان وسوريا في الوقت عينه، وإعادة تفعيل لهذه العلاقة من خلال الجمعيات والروابط والأندية. ويلاحظ تفعيل دور الجمعيات الروسية من خلال زيادة عدد المنح، علما أن جمعية خريجي الاتحاد السوفياتي تؤدي دورها، وكذلك البيت الروسي وجمعية الصداقة اللبنانية-الروسية، وذلك حصل في الآونة الأخيرة في إطار عدد من المناسبات. وتخطت هذه النشاطات والندوات بيروت إلى طرابلس، ما يعني أن هذا الدور ما زال قائماً وله أهميته".
ويكشف أن "روسيا انتقل دورها تدريجا نحو ليبيا، مع الحفاظ على الوضع السياسي ضمن القدر الممكن من خلال تفاهمات معينة مع لبنان وسوريا حول بعض القضايا، ومراقبة الأحداث الدامية التي حصلت في عدد من المدن والبلدات السورية. وهناك قلق روسي من أن تتورط الدول الكبرى والإقليمية في سوريا ولبنان، ربطاً بما حصل أخيراً من تطورات وأحداث مؤسفة" .
ويخلص إلى أن "ثمة تواصلا روسيا مع عدد كبير من رجال الأعمال اللبنانيين، والاستثمار ممكن في مدن روسية عديدة، ولذلك مردود إيجابي على الهيئات الاقتصادية وسواها، وإرساء علاقات مع الهيئات ورجال الأعمال، وبدأ الأمر يتطور ويرتفع منسوبه في الآونة الأخيرة من خلال فتح باب الاستثمار في المدن الروسية" .