أي تأثير لاتساع العلاقات العربية مع إسرائيل؟

يضيف اطلاق صاروخ او صاروخين من الجنوب اللبناني على اسرائيل المزيد من المأسي والاشكاليات على وضع لبناني اسير حسابات متداخلة داخلية واقليمية خارجة عن ارادة ابنائه او لمصلحة اطراف اقليمية انطلاقا من انه يبقى غير مفهوم ما هي الرسالة الفعلية من صواريخ رمزية تطلق من لبنان وما اذا كانت تخفف من الضغط على الاراضي الفلسطينية المحتلة او تساعدها في تسليط الضوء على ما يجري فيها في الوقت الذي يتلقى لبنان عشرات الصواريخ الاسرائيلية ويعلن انه ساحة تبقى مفتوحة للعب او للضغط الاقليمي على اقل تعديل.
السلطة اللبنانية التزمت الصمت عن اطلاق الصواريخ على رغم التزامها الكلامي المتشدد ازاء احترام القرار 1701 ، فيما تولت القوة الدولية في الجنوب الاعلان إن قائد القوات اليونيفيل اللواء أرولدو لاثارو اتصل فورا بالسلطتين على جانبي الخط الأزرق لحثهما على ضبط النفس، إلا أن الجيش الإسرائيلي رد بإطلاق عشرات القذائف على الأراضي اللبنانية ودعا جميع الاطراف إلى تجنب المزيد من التصعيد معربا عن مخاوفه في شأن الرد غير المتناسب. وذلك علما ان التصعيد، وان لم يكن مستبعدا في المطلق، فان حساباته قد تكون غدت مختلفة عن السابق لاعتبارات كثيرة من بينها انه قد يفتح على مفاجأت كثيرة لا يمكن التكهن بها مسبقاً.

التطورات الاخيرة الخطيرة في القدس سلطت الضوء على جانبين مهمين احدهما دولي والآخر اقليمي. في الشق الاول ثمة الكثير مما يثار عن قدرة مجلس الامن عن الاضطلاع باي موقف ضاغط، علما ان تقصيره اصلا يعد فادحا على مستوى قضية فلسطين وتطورات الاحتلال الاسرائيلي. اذ ان الحرب الروسية على اوكرانيا اصابت المجلس والمنظمة في الصميم من حيث ان دولة كبرى من الاعضاء الدائمين في مجلس الامن وتملك حق الفيتو باتت متورطة في تهديد السلم العالمي وظهرت اصطفافات في المجلس تحول دون اي توافق محتمل على معالجة اي موضوع طارىء عدا عن الانقسامات الموجودة حول مسائل عدة شائكة على غرار المقاربة في مجلس الامن من الحل السوري.
اجتمع مجلس الامن اخيرا مرتين في 19 الشهر الجاري وفي 26 منه من اجل مناقشة الوضع في القدس بعد الاشتباكات التي حصلت بدءا من 15 نيسان الجاري بين الفلسطينيين واسرائيل، ولكن لا بيان رسميا او موقفا موحدا حتى لو ان روسيا ولمرة نادرة شدَّدت الخارجية الروسية على أنَّ "الحكومة الإسرائيلية تواصل الاحتلال غير الشرعي والضم الزاحف للأراضي الفلسطينية، في انتهاكٍ لعدد من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة. وجاء البيان الروسي بعد اقتحام الجيش الاسرائيلي المسجد الاقصى ما ادى إلى مواجهات اوقعت عدد كبير من الاصابات. ولكن بيان الخارجية الروسية اتى من ضمن موقف مندد بالموقف الاسرائيلي من اوكرانيا، وهو الموضوع الحساس راهنا بالنسبة إلى روسيا.


 
الجانب الآخر اقليمي ويعتقد كثر انه غدا أكثر اهمية وتأثيراً بالنسبة إلى اسرائيل من أي موقف او حتى قرار دولي. فالامارات التي تشغل عضوية غير دائمة حاليا في مجلس الامن كانت بين الدول التي طلبت انعقاد مجلس الامن لمناقشة الوضع في القدس. وراهنا باتت اسرائيل تقيم علاقات جيدة مع بعض الدول العربية والخليجية بحيث يعتقد هؤلاء ان ليس في مصلحتها دفع الامور إلى حافة الهاوية في مناطق سيطرتها في الاراضي الفلسطينية المحتلة تفاديا لاحراج هذه الدول ومنعا لتردي العلاقات الذي يمكن ان ينتج عن ذلك.


 
وتاليا فان الضغط الذي يمكن ان تمارسه هذه الدول قد يكون غدا اكثر فاعلية من اي وقت مضى مع اتساع مروحة الدول العربية التي انفتحت على اسرائيل في العامين الاخيرين. اذ اعتبرت غالبية هذه الدول بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة ، الأحداث في المسجد الاقصى او الحرم الشريف وفق تسمية الدول العربية او جبل الهيكل وفق التسمية اليهودية - باعتبار ان التسمية نفسها اثارت اختلافا بين اعضاء المجلس حول اي تسمية يمكن ان تستخدم في اي موقف رسمي يعلن نتيجة المشاورات في المجلس- استفزازية للغاية.

واستدعت الإمارات السفير الإسرائيلي في أبو ظبي للاحتجاج على "الأحداث التي تجري في القدس والمسجد الأقصى ، بما في ذلك الاعتداء على المدنيين والاقتحام للأماكن المقدسة" والتأكيد على أهمية احترام دور الأردن كخادم لرعاية الأماكن المقدسة. وفي 21 نيسان،عقدت جامعة الدول العربية اجتماعًا طارئًا في عمان بناءً على طلب الأردن بعدما كانت ضغطت على ما يبدو على أعضاء مجلس الأمن لطلب اجتماع المجلس في 19 نيسان. وفي بيان صدر عقب الاجتماع، دانت جامعة الدول العربية "الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية ضد المصلين" في الحرم الشريف، محذرة من أنها قد تؤدي إلى صراع أوسع.
وكانت لافتة على الاثر سلسلة تغريدات في 21 نيسان لوزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد اعلن فيها إن إسرائيل ليس لديها خطط لتغيير "الوضع الراهن في الحرم القدسي" وأن الشرطة تصرفت فقط لمنع العنف في الموقع للسماح باستمرار الصلاة كما قال. باتت مصالح اسرائيل اكثر حساسية في مقاربتها احتلالها للاراضي الفلسطينية ولو ان هذا لا يعني حكما اي تراجع في نوعية الاعتداءات او التعاطي مع الفلسطينيين كما اظهرته التطورات الاخيرة التي شهرت قسوة عشوائية مجحفة وغير مبررة. ولكن مخاطر ذهابها إلى الخيارات الاقصى باتت او ينبغي ان تكون غدت محسوبة أكثر من السابق.

ولذلك يرى مهتمون انه في إطار المتغيرات والتبدلات المتعدد لاطر التعاون او لتنظيم الخلافات في العالم، قد تكون الفرصة متاحة لتأثير العلاقات وطبيعتها في المنطقة وربما لاحقا على المساهمة في الحلول انطلاقا من وقائع جديدة فرضت نفسها في العامين الاخيرين وبات متاحا وضعها وضعها التجربة من اجل رصد مدى نجاعتها. وقد يكون مسار الفعل ورد الفعل في التطورات الاخيرة تجربة فعلية على هذا المستوى.