أي مخرج لتمرير تجديد فعّال لـ"اليونيفيل" بعد الإخفاقات؟

سيقرر أعضاء مجلس الأمن الدولي خلال آب المقبل مصير قوة الأمم المتحدة في جنوب لبنان "اليونيفيل".

ويسود جدل بين داعمي انتشارها، ومعارضي التجديد لها، منذ أن حدد دورها في نطاق آلية مراقبة دولية لاتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل بقيادة واشنطن ومشاركة باريس.

 فهل يتمكن أعضاء مجلس الأمن الدولي من صياغة نموذج وقواعد جديدة تساعد فعلا هذه القوة على القيام بدورها في حفظ السلام بين إسرائيل ولبنان؟

 

بعد حرب ٢٠٠٦ اعتمد مجلس الأمن على الجيش اللبناني و"اليونيفيل" لوقف النار ومنع الحرب. لكن "حزب الله" استمر في تعزيز قواته العسكرية. أما بعد الحرب الأخيرة فأعيد الاعتماد على الجيش اللبناني و"اليونيفيل"، وقد عُزز ذلك بمراقبة أميركية محورية، واستمر العدوان الإسرائيلي.

 

وأدت الجهود الديبلوماسية الأميركية إلى مراقبة وقف النار وتنشيط الدور الأميركي، بينما تراجع دور "اليونيفيل" كوسيط اعتبارا من أواخر نيسان الماضي. فدهم الجيش اللبناني أكثر من ٥٠٠ موقع للحزب وفكك أكثر من ٩٠٪؜ من البنية التحتية في الجنوب بحلول منتصف أيار.

وأفادت "اليونيفيل" أنها اكتشفت ٢٢٥ مخبأ للاسلحة أحيلت على الجيش اللبناني. ورغم ذلك يعتبر معارضو القوة الدولية أنها لم تحقق إنجازات.

 

والواقع أن مشكلة القوة الدولية، رغم زيادة حجمها وقواعد اشتباكها لتعويض عدم قدرة القوات المسلحة اللبنانية في حينه وافتقار بيروت والأمم المتحدة إلى الإرادة السياسية لمنع انتشار قوات "حزب الله" العسكرية في جنوب لبنان، مشكلتها أن دورياتها أثبتت عدم جدواها، فمُنعت من الوصول إلى المناطق الحساسة وتعرضت للمضايقات من الحزب ومؤيديه. وعند اندلاع الحرب في تشرين الأول ٢٠٢٣ بقيت قوة حفظ السلام في مواقعها من دون أي فائدة.

 

المناقشات لتجديد ولايتها ستضعها على مفترق طرق، فهل يتم تكييفها مع الواقع الجديد أو حلها؟

تقول مصادر ديبلوماسية إن تمديد الولاية من دون أي تعديل كما تطمح الحكومة اللبنانية قد يحصل مرة أخرى، ما لم تبذل الولايات المتحدة جهدا ديبلوماسيا لمراجعة قواعد التمديد أو الاعتراض عليه. ومواصلة هذا النهج ستؤدي إلى استمرار عدم فاعلية هذه القوة كما حصل خلال عقدين.

 

وقد يؤدي الطرح الثاني إلى صياغة قواعد جديدة لتحسين مزايا "اليونيفيل" في ظل الوضع الجديد، وخفض حجمها لتصل إلى نحو ٢٥٠٠ جندي، وتخصيص الأموال والموارد من جراء انخفاض العدد، فضلا عن تعزيز إمكانات الجيش اللبناني. وهذا الطرح يحتاج إلى تحرك ديبلوماسي نظرا إلى المنافع الإستراتيجية والتشغيلية.

 

وتتابع المصادر أن الطرح الثالث يكون بإنهاء مهمة هذه القوة التي هي بحكم التعريف "موقتة"، بعدما بدا أن السلطات اللبنانية عازمة على تحمل المسؤولية وتنفيذ القرار الدولي ١٧٠١، وهذا ما تسعى إليه إسرائيل. فحتى لو أنهت واشنطن دورها في آلية المراقبة وفشلت بيروت في احترام التزاماتها، سيكون لغياب "اليونيفيل" تأثير هامشي، ويمكن التعويل على بدائل كمراقبين للهدنة.

 

وتضيف أنه يمكن تحقيق نجاح عسكري لحفظ السلام، بل التزام لبناني لاحتكار السلاح، وهو حجر الزاوية للخطة الأمنية المستقبلية، وفي المقابل على السلطات اللبنانية تعزيز قواتها بينما تتراجع "اليونيفيل" تدريجا. وعلى الدول الصديقة دعم لبنان وجيشه وتعزيز قوته ما دام يحترم وقف إطلاق النار.

 

وتلاحظ أنه ربما يكون الخيار الأفضل تنفيذ بعض التعديلات، وأهمها وفق المصادر إعادة تنظيم ولاية القوة وحجمها وقدراتها، وطلب الحكومة اللبنانية رسميا من هذه القوة تنفيذ القرار الدولي ١٧٠١ واتفاقية وقف النار الحالية ومنع الكيانات غير الحكومية من استخدام السلاح في جنوب لبنان، لدعم جهد الحكومة اللبنانية في نزع السلاح وفقا للقرار ١٥٥٩.

ويعود إلى السلطات اللبنانية عدم وضع قيود على انتشار القوة الدولية والسماح لها بمراقبة المناطق الإستراتيجية، أي تفويض الجيش والقوة الدولية التفتيش لتدمير الأسلحة المحظورة عند العثور عليها.

ويتعيّن على السلطات اللبنانية محاكمة المشتبه فيهم الذين يعتدون على القوة الدولية.

ومن المفيد التعويل على الدور الأميركي الفعال والاستباقي لتثبيت وقف النار والضغط على إسرائيل لكسب الزخم من خلال إطلاق الأسرى اللبنانيين والتسليم التدريجي للمواقع المتقدمة التي تستمر إسرائيل في احتلالها، وأخيرا إطلاق محادثات لبنانية - إسرائيلية تحت رعاية أميركية لوقف نار دائم وحل النقاط الحدودية المختلف عليها، وذلك يتطلب إرادة سياسية وديبلوماسية منسقة.