المصدر: النهار
الكاتب: مجد بو مجاهد
الاثنين 2 حزيران 2025 11:17:19
بدا واضحاً امتعاض محور "الممانعة" من وزير الخارجية يوسف رجّي بعد تأكيده قرار الدولة اللبنانية حصر السلاح وانتقاده قبل أيام "المعادلة الخشبية". وإذ لا يزال "حزب الله" متعنّتاً حيال تسليم سلاحه، لا تُفاجأ وزارة الخارجية بمحاولته صبّ جام غضبه على رجّي.
تشبّث "حزب الله" بعبارة "جيش، شعب، مقاومة" رغم كلّ متغيرات المنطقة في الآونة الأخيرة، تفسّره أروقة وزارة الخارجية بأنه عدم استعداد للموافقة حالياً على تسليم السلاح، رغم أن الدولة اللبنانية حازمة في إنهاء شعار "جيش، شعب، مقاومة"، وتالياً تنفيذ مهمة حصر السلاح.
عبارة "جيش، شعب، مقاومة" ليست حديثة. وكانت فرضت أوضاعٌ على غالبية الحكومات التي تشكّلت بعد الطائف استخدامها مع سيطرة قوى "الممانعة" تباعاً على القرار السياسيّ، وسط وصاية للنظام السوريّ حينذاك، في موازاة البحث عن تحرير الأراضي المحتلة إسرائيلياً في الجنوب اللبناني.
وفي استذكار لمن عاصر حكومات ما بعد الحرب اللبنانية، إنّ عبارة "جيش، شعب، مقاومة" بدأت تستعمل عندما كانت ثمة أراضٍ محتلّة جنوب لبنان، فإذا بغالبية الحكومات تستخدم تلك العبارة للتحدّث عن المقاومة، ثم حصل التحرير عام 2000، بقيت مزارع شبعا محتلة إسرائيلياً مع استمرار الوصاية السورية ثم الإيرانية على لبنان.
لكن المشكلة كما يشخّصها من يعارض محور "الممانعة" أن البندقية غيّرت وجهتها نحو الداخل اللبناني.
في مراجعة للبيانات الوزارية لحكومات ما بعد الحرب اللبنانية، يُستنتج أن غالبيتها ذكرت كلمة "مقاومة"، بدءاً من عهد الرئيس الياس الهراوي. فقد نصّ البيان الوزاريّ للحكومة الأولى آنذاك التي شكلها الرئيس سليم الحص على "دعم المقاومة الباسلة". وتضمّن البيان الوزاري لحكومة العهد الثانية برئاسة عمر كرامي، "حق الشعب اللبناني في المقاومة الوطنية المشروعة". ثم غابت كلمة "مقاومة" عن حكومة الرئيس رشيد الصلح، مع بيان وزاريّ اكتفى بتأكيد "تمسك الحكومة بالثوابت اللبنانية المعتمدة، وحق لبنان، حكومة وشعباً في التصدي للاحتلال، والعمل لتحرير أرضه". ثم شكّل الرئيس رفيق الحريري ثلاث حكومات متتالية من دون كلمة "مقاومة"، مع تأكيد البيانات الوزاريّة أن "الحكومة تتمسك بحق لبنان، حكومة وشعباً، في التصدي للاحتلال الاسرائيلي".
بالانتقال إلى عهد الرئيس إميل لحود، نصّ البيان الوزاري للحكومة الأولى برئاسة سليم الحصّ على "دعم المقاومة الناشطة ضد الاحتلال الاسرائيلي". وعندما شكّل الرئيس رفيق الحريري حكومة بعد التحرير، جاء في بيانها أن "أحد أهم أهدافها الحفاظ على إنجاز المقاومة والعمل على تثميره".
الحكومة الثالثة في عهد لحود أيضاً برئاسة الحريري، نصّ بيانها على أن "التحديات تقود إلى المزيد من التعاون مع سوريا لمواجهة مشتركة لتحديات الصراع العربي - الإسرائيلي، كما تمت مواجهته في المرحلة السابقة التي عرفت انتصار لبنان ومقاومته الوطنية على إسرائيل". ثم حكومة برئاسة عمر كرامي، أكّد بيانها "اعتماد المقاومة لمواجهة العدوان وتحرير الارض". فحكومة للرئيس نجيب ميقاتي، جاء في بيانها الوزاري أن "المقاومة وسلاحها هما تعبير صادق وطبيعي عن الحق الوطني للشعب اللبناني في الدفاع عن أرضه وكرامته". الحكومة الأخيرة في عهد لحود شكّلها الرئيس فؤاد السنيورة، وأكّد بيانها "الحفاظ على مقاومتنا الباسلة".
الإشكالية حول عبارة "جيش، شعب، مقاومة" بدأت تظهر أكثر على طاولات الحوار بين القوى السياسية وخلال صياغة البيانات الوزارية، منذ عهد الرئيس ميشال سليمان، حيث بدأت الانتقادات السياسية توجّه بكثرة إلى تلك العبارة. لكن التسويات كانت تستقرّ على استخدامها في البيانات الوزارية، وهو ما كان يسمح بتهدئة الأوضاع السياسية. الحكومة الأولى في عهد الرئيس سليمان، شكّلها الرئيس فؤاد السنيورة وجاء في بيانها الوزاري "حق لبنان بشعبه وجيشه ومقاومته في تحرير (أو استرجاع) مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر المحتلة والدفاع عن لبنان".
ثم حكومة شكّلها الرئيس سعد الحريري، نصّ بيانها أيضاً على "حق لبنان، بشعبه وجيشه ومقاومته". بعد ذلك، بيان وزاري لحكومة الرئيس ميقاتي، نصّ على أنّ "الحكومة تتمسك بحق لبنان، شعباً وجيشاً ومقاومة". ثم شكّل الرئيس تمام سلام حكومة، نصّ بيانها على "الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي".
في عهد الرئيس ميشال عون، شكّل الرئيس سعد الحريري حكومتين متتاليتين، أورد بيانهما الوزاريّ الآتي: "لن نوفّر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أراض لبنانية محتلة". واستعملت حكومة حسان دياب الجملة نفسها في بيانها. ثم شكّل الرئيس ميقاتي حكومة، أكدت "حق المواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الاسرائيلي".
مع تشكيل حكومة الرئيس نواف سلام، وهي الأولى في عهد الرئيس جوزف عون، التزام في البيان الوزاري لـ"بسط سيادة الدولة على جميع أراضيها، بقواها الذاتيّة حصراً، ونشر الجيش في مناطق الحدود اللبنانيّة المُعترف بها دوليّاً".