إتفاق وقف إطلاق النار على حافة السقوط

إهتز اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل من دون ان يسقط.. وحدها حصانته سقطت باستهداف الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، وما أحدثه من خوف ورعب وحالة نزوح سكانية، أعادت إلى الأذهان يوميات حرب سبتمبر الماضي. وطرحت الغارات تساؤلات حول إمكانية العودة إلى الحرب الواسعة من جديد وبصورة أعنف.

وكشف مصدر سياسي جنوبي فاعل مقرب من حركة «أمل»، عن «عدم وجود نية لدى حزب الله بالرد على الضربات الإسرائيلية، بصرف النظر عن قدرة الحزب من عدمها على الرد».

وجزم المصدر بأن «الحزب أعاد بناء قدراته العسكرية، لكن ليس بالشكل التي كانت عليه قبل الحرب الإسرائيلية الموسعة». وأشار إلى «أولويات لدى الحزب، لا تتضمن خوض حرب مع إسرائيل في المدى المنظور».

وقالت مصادر مطلعة لـ«الأنباء»: «ان إطلاق صواريخ مجهولة المصدر من شمال الليطاني مرتين خلال أقل من أسبوع، يضع الدولة والأمن في لبنان على طاولة البحث والنقاش، ويوجه أسئلة عدة حول أهدافها ومن يقف وراء ذلك وتوجيه عدة رسائل أولها: هل كان يراد منها تعطيل أو حجب الأضواء عن زيارة رئيس الجمهورية العماد جوزف عون إلى فرنسا وما شهدته من محطة نوعية سواء من خلال المواضيع التي تم البحث فيها، أو من خلال الرعاية الفرنسية لحوار بين الرئيس اللبناني وقادة الدول في سورية وقبرص واليونان؟

وثانيا: ان الاستهداف هو رسالة لمناسبة «يوم القدس» مع إشارات إلى أنه لا فصل مع حرب غزة.

ثالثا: هدف الرسالة المفاوضات واللجان الثلاث المطلوب من لبنان تشكيلها لبدء محادثات مع إسرائيل».

وأضافت المصادر: «رد رئيس الجمهورية بشكل مباشر حول الموقف اللبناني من لجان التفاوض، بالتأكيد ان لبنان ليس لديه أسرى اسرائيليون ليفاوض عليهم لإطلاق اللبنانيين، كما ان لبنان لا يحتل أرضا إسرائيلية ليفاوض على المواقع الخمسة التي لاتزال إسرائيل ترفض الإنسحاب منها بعد انتهاء المهلة التي حددت بموجب اتفاق وقف اطلاق النار. وقال الرئيس: لدى لبنان قضية حدودية حول النقاط الخلافية الـ 13، وبالتالي هو مستعد للتفاوض بشأنها».

وتحدثت المصادر عن «قناعة لدى الولايات المتحدة والدول الغربية بأن لبنان لا يستطيع الذهاب نحو التطبيع وحده في المرحلة الحاضرة. بل ان أي توجه في هذا الإطار يأتي ضمن مشروع سلام شامل في المنطقة.

من هنا كررت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، ان الهدف هو اتفاق يضمن الأمن على الحدود في شكل طويل الأمد».

وفي مجمل الأحوال، ترى المصادر ان ما حصل من إطلاق صواريخ ورد من إسرائيل التي لا تحتاج إلى ذريعة لتوسيع عدوانها، شكل جرس إنذار بوصول الضربات الإسرائيلية إلى ضاحية بيروت الجنوبية.. إنذار مفاده أن اتفاق وقف إطلاق النار على حافة السقوط.

وفي هذا الإطار، جاءت الاتصالات والتأكيدات بضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار، وان اتصالات واسعة أجريت عبر الموفدة الأميركية أورتاغوس للجم الهجوم الجوي الإسرائيلي ومنع تمدده.

وأضافت المصادر انه «لا يمكن الاكتفاء بسعي أجهزة الدولة لكشف مطلقي الصواريخ، وفي الوقت عينه إعلان «حزب الله» تبرؤه منها. فالمسؤولية مشتركة لجهة إماطة اللثام عن مصدر هذه الصواريخ، ومن يحاول دفع البلد إلى أتون الحرب مجددا».

وأشارت المصادر إلى «انه طالما ان الحزب لا يزال يتمسك بسلاحه شمال الليطاني، فهو يتقاسم المسؤولية مع الدولة في كشف مصدر هذه الصواريخ المجهولة، والتي تعطي مبررا لإسرائيل لتوسيع عدوانها وتوفير الغطاء الدولي لهذه الانتهاكات لاتفاق وقف إطلاق النار، تحت عنوان الدفاع عن النفس أو حماية المستوطنين».

وفي الميدان، اختلف يوم أمس في بيروت وضاحيتها عما كان عليه يوم الجمعة. لا بل يمكن القول ان الحياة عادت إلى وتيرتها الطبيعية غروب يوم الجمعة، حيث أفطر الصائمون في منازلهم أو في أمكنة دعوا اليها في الضاحية ومناطق أخرى.

وشكلت الإجراءات التي اتخذها المواطنون في إخلاء الأمكنة المحيطة بالمبنى الذي استهدفه الطيران الحربي الإسرائيلي قرب محلة الجاموس ببلدة الحدت، حديث الناس على موائد الإفطار، فيما استكملت مؤسسات تربوية جامعية وأخرى ثقافية أنشطتها التي كانت مقررة عصر ومساء الجمعة على مسافة غير بعيدة من الضاحية الجنوبية.

واستمرت الحركة كثيفة في قاعة الوصول بمطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، من قبل لبنانيي الانتشار في دول الخليج تحديدا، الراغبين في تمضية عطلة العيد مع الأهل.