المصدر: النهار
The official website of the Kataeb Party leader
الجمعة 8 آذار 2024 06:57:21
بعد أيام قليلة من زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين لبيروت وما أحاطها من لغط متعمد “داخلي المنشأ والأهداف والتوظيف” استهدف الإيحاء بتبدل مسار الإمساك بالأزمة الرئاسية على وقع القلق المتعاظم في شأن الوضع المتفجر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، اكتسب الاجتماع الذي عقده امس سفراء دول المجموعة الخماسية، الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر في السفارة القطرية في بيروت دلالات بارزة جاءت بمثابة تبديد لكثير من الانطباعات المشوشة على مسار هذه المجموعة وافتعال مطبات أمامها. وتاليا يتسع الرد لنفي شائعة انسحاب الولايات المتحدة من المجموعة الخماسية لتغدو رباعية فقط.
ووفق المعطيات التي أحاطت باجتماع السفراء الخمسة فهو شكّل ردا ثلاثي الأهداف، على ما اثير ويثار أخيرا حيال مسار المجموعة. الرد الأول يتصل بنفي ان تكون مهمة هوكشتاين قد اتسعت لـ”تبتلع” مسار المجموعة الخماسية، اذ ان الملف الرئاسي لا يزال في عهدتها حصرا ولا رابط بينها وبين مهمة هوكشتاين المحددة باحتواء التصعيد الأمني والحربي بين إسرائيل و”حزب الله”.
والرد الثاني يتصل بتبديد كل الموجات المتعاقبة عن خلافات بين الدول أعضاء المجموعة وتحديدا وجود تباينات بين بعضهم ودولة قطر تحديدا. ولذا كان الاجتماع البارحة في السفارة القطرية تبعا لاتفاق على دورية انعقاد الاجتماعات في كل من سفارات الدول الخمس.
اما الرد الثالث فهو ابعد من رد ويتصل بمعلومات مؤكدة تفيد بان المجموعة ايدت مبادرة وتحرك “كتلة الاعتدال الوطني” في شأن رسم خريطة طريق تشاورية ومن ثم انعقاد جلسة انتخابية مفتوحة تتيح انتخاب رئيس الجمهورية.
وأصدرت السفارة القطرية بيانا بعد الاجتماع اشارت فيه إلى انه “تم خلال اللقاء، استعراض التطورات الراهنة في لبنان، والبحث في الملف الرئاسي”. ولفتت إلى أن “السفراء جددوا تأكيد أولوية انتخاب رئيس للجمهورية، وأبدوا دعمهم المستمر لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت ممكن”.
يشار الى انه من التحركات اللافتة حيال ملف الازمة الداخلية، سجل لقاء أقامه النائب ميشال ضاهر، في دارته في الفرزل مع السفيرة الأميركية ليزا جونسون في حضور النواب نعمة افرام، ميشال معوض، آلان عون، الياس حنكش، الياس اسطفان، ميشال دويهي، مارك ضو، هاكوب ترزيان وسجيع عطية. وأشار المكتب الإعلامي للضاهر إلى أن “اللقاء كان مناسبة للبحث في آخر التطورات في المنطقة، وخصوصا موضوع الحرب في غزة وجنوب لبنان. كما أطلع عضو تكتل الاعتدال الوطني النائب سجيع عطية الحاضرين على مستجدات مبادرة التكتّل لانتخاب رئيسٍ للجمهورية”.
“الحزب ” وعون
وفي غضون ذلك بدا لافتا “عرض المرونة” في الداخل الذي تعمد “حزب الله” إبرازه امس سواء في موقف “كتلة الوفاء للمقاومة” من الملف الرئاسي، او من خلال زيارة وفد الكتلة للرئيس السابق ميشال عون في دارته في الرابية للمرة الأولى منذ مدة غير قصيرة. واثار هذا “العرض” تساؤلات عما اذا كان الحزب يهيء المسرح لموقف انفتاحي في الأزمة الرئاسية من خلال رده المنتظر على مبادرة “كتلة الاعتدال الوطني” ام ان تحركه لمحاولة ترميم الفجوة الكبيرة في علاقته بـ”التيار الوطني الحر” تتصل باستشعاره فداحة الهوة التي ارتفعت بينه وبين سائر القوى المسيحية وخصوصا في ظل المواقف الحازمة والقاطعة لبكركي من رفض “ربط الساحات” وانزلاق لبنان الى الحرب وهو موقف يحظى بنسبة عالية جدا من التاييد المسيحي.
ولذا استوقف المراقبين اعلان “كتلة الوفاء للمقاومة” في بيانها انها “عرضت لمداولات رئيسها مع وفد تكتل الاعتدال النيابي الذي طرح مضمون مبادرته للوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية يمارس صلاحياته الدستورية في إدارة شؤون البلاد، وإذ أبدت الكتلة حرصها على التوصل إلى مخرج وفاقي للأزمة الرئاسية فقد ناقشت موقفها المفترض إبلاغه لاحقا الى الزملاء في تكتل الاعتدال النيابي ليبنى على الشيء مقتضاه”.
وتزامن ذلك مع استقبال الرئيس عون في دارته في الرابية وفد كتلة “الوفاء للمقاومة” الذي ضم النواب محمد رعد، علي عمار وحسن فضل الله، الذي اعلن بعده رعد ان “الاتصال القائم بيننا وبين فخامة الرئيس ميشال عون هو خط دائم ومستمر لم ينقطع في السابق ولن ينقطع أبدا، وهو خط يبعث الطمأنينة والسكينة في نفوس اللبنانيين على إختلاف مناطقهم وطوائفهم نظرا لتاريخ التعايش والشراكة الحقيقية التي نعيشها في ما بيننا في مقاربة القضايا الوطنية”.
واضاف “هذه الزيارة كانت فرصة لاطلاع فخامة الرئيس على الاوضاع الميدانية الدقيقة والموضوعية بعيدا عما يتم من تراشق من هنا وهناك. وابدينا ما يمكن أن يعزز الوحدة الوطنية في مواجهة تحدي العدو الصهيوني”. وقال “في وضعنا اللبناني نحن بحاجة الى ان نبدي نوايانا الحسنة ونصر على التخاطب المسؤول بين كل الفئات والمعنيين بشأن هذا البلد وصولا الى حل المشاكل الرئيسية التي نعاني منها”.
وقالت أوساط “التيار” لـ”النهار” ان اللقاء كان صريحاً وواضحاً دون تسجيل أي عتب على أي من المواقف التي صدرت.
وشرح وفد “حزب الله” للرئيس عون أن تأخر الزيارة كان سببه توضيح الأمور، شارحاً الوضع في الجنوب وأن الحرب هي وقائية، مع تأكيد عدم الرغبة في توسعة رقعة الحرب وجلب المزيد من الدمار، لكن في الوقت عينه لا يترك الإسرائيلي فرصة للتدمير والأذية إلّا يستخدمها.
وبحسب الأوساط عينها، فإن وفد الكتلة أكد أنه لا يربط الوضع جنوباً أو يصرف نتائج الحرب أو يقايضها بالاستحقاق الرئاسي ولا نيّة لذلك، ولا سيما أن أزمة الشغور سابقة للحرب.
أما الرئيس عون فقد شرح من جهته سبب رفضه مبدأ “وحدة الساحات” وأنه لا يمكن تحميل لبنان حرباً في ظلّ غياب إجماع عربي.
وتقول الأوساط لـ”النهار” إن الكلام الاستراتيجي وطنياً في العلاقة بين التيار والحزب يُبحث مع الرئيس عون، لكن البحث في السياسة وكيفية تطوير هذه العلاقة ومناقشة الحلول لا تكون إلّا مع رئيس التيار النائب جبران باسيل.
وفي هذا الإطار تعتبر المصادر أن “حزب الله” أخلّ في السابق بموضوع مكافحة الفساد والآن يغطي قرارات الحكومة والتعيينات من دون توقيع جميع الوزراء أو حتى وزير الوصاية وأنه بينما هم يقومون بذلك يضربون الشراكة الوطنية والدستور، فيما كان مطلب “التيار” ولا يزال تثبيت الشراكة على أساس “العقد الميثاقي” ومن دون حصص، بدل الحكم على قاعدة أكثرية وأقلية.
وتتابع الأوساط إن “التيار” احترم الشراكة في رئاسة المجلس النيابي، محمّلةً مسؤولية ما يحدث راهناً للثنائي الشيعي والرئيس ميقاتي. وتختم بالقول: “هذه معركة تثبيت الشراكة، ولا تبحث إلا مع رئيس التيار ولا يمكن أن تنقضي بزيارة وفد”.