إخلاء سبيل قاتل الجندي الإيرلندي... حرب: ارفعوا يد القضاء عن العدالة!

في دولة اللاعدالة، حيث تسود شريعة الغاب وسياسة الكيل بمكيالين وحيث بعض القضاء يُصدِر أحكامه وفقاً للانتماءات السياسية والحزبية، وفي خطوة غير مستغربة، أفرجت المحكمة العسكرية عن محمد عياد المتهم بقتل الجندي الإيرلندي شون روني، في حادث إطلاق النار في الصرفند على جيب تابع للقوة الدولية في 14 كانون الأول الماضي، بكفالة تبلغ 1.2 مليار ليرة لبنانية (حوالى 13,377 دولاراً). 

وما حدث بالأمس، شهده لبنان سابقاً مع إخلاء سبيل الموقوف مصطفى حسن مقدم المتهم باغتيال الملازم أول الطيار سامر حنا بعد أقل من 10 أشهر على مقتله في طوافة عسكرية كانت تحلق في أجواء تلة سجد في الجنوب في 28 آب 2008، وذلك بعدما وافقت المحكمة العسكرية على طلب تخلية سراح مقدم بكفالة مالية مقدارها عشرة ملايين ليرة. 

 في ما خصّ الجندي الايرلندي، أعلن الناطق الرسمي باسم "اليونيفيل" أندريا تيننتي، أنّ "بعثة حفظ السلام اطلعت على التقارير التي تفيد أنّ السلطات اللبنانية أطلقت الليلة الماضية سراح الشخص الذي اعتقلته، بعد الهجوم الذي أدّى إلى مقتل جندي حفظ السلام التابع لليونيفيل شون روني بسبب تدهور حالته الصحية". وقال: "نعمل على التأكد من هذه المعلومات من المحكمة العسكرية". وذكّر بأنّ "الحكومة اللبنانية أعلنت في مناسبات عدة التزامها تقديم الجناة إلى العدالة"، مشيراً إلى أنّ "اليونيفيل" تواصل "الحض على محاسبة جميع الجناة وتحقيق العدالة للجندي روني وعائلته". لكن كيف يمكن تبرير ما حصل؟  

المحامي مجد حرب يؤكد لـ"المركزية" اننا لا زلنا نسأل هذه الاسئلة وندلي بتصاريح وتعليقات وكأن هناك دولة وقضاء في هذا البلد. لبنان تحوّل إلى مزرعة لدرجة أصبحتُ فيها أخجل بأنني أحمل فيه شهادة محاماة وأخجل بأنني أدخل لأرافع أمام هؤلاء القضاة الذين يُصدرِون أحكاما كهذه. من دون ان أُعمِّم، إذ لا يمكن وضع جميع القضاة في الخانة نفسها، لكنني لا أستغرب من قضاء أطلق سراح قاتل ضابط لبناني بعدالة قضاء لبناني وفي فترة ستة أشهر، ألا يقوم بإطلاق سراح أي قاتل بغض النظر عن هوية المقتول أو حجم الجريمة المرتكبة". 

ويضيف حرب: "من جهة أخرى، في حال تمّ توقيف مواطن يحمل سلاحاً غير مرخص، يضعونه تحت سابع أرض في وزارة الدفاع ويبرحونه ضرباً، في وقت ان مواطناً آخر قتل ضابطا في الجيش او جنديا ايرلندياً أو مواطنا في الكحالة وقام بالفظائع وأطلق صواريخ من قلب البلدات وأرهب الشعب اللبناني، هذا المواطن يهللون له ويحولونه إلى بطل ويعلقون صوره. يقومون بالفظائع من جهة، ويطلّون علينا من جهة أخرى للقول بأنهم يقومون بحمايتنا. هذه "الخبرية" سقطت، وأعتقد أنه آن الأوان اليوم للاعتراف بكل وضوح وصراحة بأنه لم يعد لدينا قضاء". 

ويشير حرب إلى أننا وصلنا إلى مرحلة، بات لزاماً علينا ليس فقط رفع يد السياسيين عن القضاء، بل أيضاً إخراج هؤلاء القضاة من القضاء، ورفع يد القضاء عن العدالة. أنصح اللبنانيين بزيارة "العدلية" ومعاينة العجائب والغرائب هناك. هذا القضاء يحتاج إلى حملة تطهير بالعمق لأن ما يحصل غير مقبول بتاتاً، بخاصة في ظلّ وجود محكمة عسكرية تتعامل بهذا الشكل مع القضايا المطروحة أمامها". 

ويستطرد: "من الظلم أن نتحدث بهذه الطريقة، لأن ثمة قضاة نزيهين وأصحاب كرامة، لكن للأسف القضاة "الأوادم" في الدولة يتمّ نقلهم إلى أسوأ المراكز لأنهم شرفاء. مستعدون لعرقلة الدولة اللبنانية والتشكيلات القضائية من أجل قاضية، لكننا غير مستعدين للدفع نحو تعيين قاض نزيه في مركز مرموق". 

ويتابع حرب: "ماذا ننتظر من دولة يخرج رئيس حكومتها ليقول بأن قرار الحرب والسلم ليس بيده؟ ونسأل بعدها إذا كان هناك من قضاء يُطبّق على هذه الجماعة؟". ويختم: "المحزن، أن الشعب الايرلندي من أكثر المتضامنين مع الشعب الفلسطيني، حتى أكثر من بعض الدول العربية".