المصدر: النهار
الكاتب: سلوى بعلبكي
الأحد 6 تشرين الأول 2024 18:58:37
لم يصب توسع القصف الإسرائيلي، وتمدده إلى قطع طريق المصنع الحدودي مع سوريا، حركة مغادرة النازحين السوريين، الهاربين من الجحيم اللبناني إلى بلادهم فحسب، بل قطع جزئياً حركة التصدير والاستيراد البري من لبنان وإليه، وأعاق حركة المسافرين براً نحو الأردن والعراق والخليج وتركيا.
وبالرغم من أهمية معبر المصنع، ودوره الحيوي في ربط لبنان مع العمق العربي، فإن قطعه بالنار الإسرائيلية، لا يمكن أن يتحول إلى حصار اقتصادي وتجاري لأسباب عدة وفق مصادر متابعة، تفصّلها كالآتي:
أولاً، طول الحدود اللبنانية السورية، التي تصل إلى 375 كلم، ووجود عشرات المعابر غير الشرعية، التي لن يعدم العقل اللبناني وسيلة في استخدامها لتمرير ما يحتاج إليه السوق.
ثانياً، استمرار عمل معبري العريضة والعبودية بشكل طبيعي حتى اليوم، وقد تحولت إليهما شاحنات الترانزيت فوراً، وما اكتظاظ السير على الأوتوستراد شمالاً إلا نتيجة لتزايد نشاط هاتين النقطتين الحدوديتين، نحو سوريا والعمق العربي.
وفيما يمكن الركون إلى أن لا تأثير مباشراً وفاعلاً، لإقفال معبر المصنع - جديدة يابوس الرئيسي بين سوريا ولبنان على الأسواق اللبنانية والاستهلاك، تجدر الإشارة إلى أن غالبية المستوردات إلى لبنان، مصدرها الدول الغربية والآسيوية، وقليلها يأتي من الدول العربية، ولا مبرر تالياً، لأي قلق أو خوف من حصول نقص في الأسواق، ما دام البحر والجوّ مفتوحين على وسائط الشحن والاستيراد، بالإضافة إلى استمرار معبري الحدود الشمالية في وظيفتيهما.
ويقع المعبر الحدودي في وادي البقاع على الطريق السريع الدولي بين بيروت ودمشق، وهو خط نقل رئيسي للأشخاص والبضائع بين البلدين، وهو ما أكده وزير النقل والأشغال علي حمية في تصاريح إعلامية إذ أشار الى أن "الطريق الذي يُعد ممراً رئيسياً للحاجات الإنسانية ولعشرات الآلاف من اللبنانيين إلى سوريا، بات مقطوعاً بعد الغارة الإسرائيلية".
وإن كان معبر المصنع لن يؤثر كثيراً على المستوردات اللبنانية فإن إقفاله سيؤثر حتماً على الصادرات الزراعية، إذ أكد رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع إبراهيم الترشيشي لـ"النهار" أن الصادرات الزراعية اللبنانية الى سوريا والأردن والعراق تمر عبر هذا المعبر، وإقفاله أربك المزارعين الذين وجدوا معبري العريضة والعبودية بديلاً وإن كان سيزيد كلفة النقل أقله 10%. فالشاحنات التي كانت تصل في أقل من ساعتين الى دمشق عبر معبر المصنع ستستغرق نحو 48 ساعة إضافية لوصولها الى دمشق عبر طرابلس ومعبري العبودية والعريضة مروراً بحمص".
ومع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وخصوصاً البقاع حيث الأراضي الزراعية، لا يعير ترشيشي أهمية للربح والخسارة في ظل التهديد الذي يطال حياة المزارعين، متخوفاً في المقابل من أن تزيد الاعتداءات الإسرائيلية على الطرق الرئيسية فتقفل أمام الشاحنات التي لن يمكنها الدخول في الطرق الفرعية نظراً الى حجمها الكبير.
وبالأرقام يشير ترشيشي الى أن التصدير الزراعي عبر "المصنع" يقدَّر يومياً بين 250 و350 طناً من المنتجات الزراعية كافة (فواكه على أنواعها، وبطاطا) الى الأردن وسوريا والعراق. والرقم سيزيد حتماً مع وجود نحو 80 ألف طن سيصار الى تصديرها مع بدء موسم الموز في الجنوب.
ووفق البيانات الجمركية لعام 2023 بلغت قيمة ما صدّره لبنان (منتجات زراعية وصناعية) عبر معبر "المصنع" نحو 176 مليون دولار، وعبر العبودية نحو 25 مليون دولار، و"العريضة" نحو 16 مليون دولار.
المستوردات عبر المعابر البرية؟
ماذا عن مستوردات لبنان عبر معبر المصنع بالكميات والأنواع؟ وفق البيانات الجمركية المنشورة لعام 2023 يتبين أن لبنان استورد بقيمة 34 مليون دولار عبر معبر "المصنع"، وبقيمة 37 مليون دولار عبر العبودية، فيما بلغت قيمة الاستيراد عبر "العريضة" أكثر من 35 مليون دولار.
وأكد رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني بحصلي أن "معبر المصنع هو أهم معبر لتصدير الخضار والفواكه الى الأردن وسوريا والعراق قبل أن يتوقف التصدير نسبياً الى الخليج. إضافة الى ذلك فإنه يشكل معبراً مهماً للاستيراد من الإمارات والسعودية لكل أنواع الحليب والألبان والأجبان ورقائق البطاطا "الشيبس" والسكاكر والمعلبات".
ولكن بحصلي يؤكد أنه في حال إقفال المعبر نهائياً لفترة طويلة، "فإن ذلك لا يعني عدم وجود بدائل له، إذ إنه يمكن الاستيراد والتصدير عبر معبر العبودية وإن كان أكثر كلفة نسبة لبعد المسافة عبره الى سوريا، كذلك يمكن التصدير أو الاستيراد عبر البحر". وإذ لفت الى أن "الشحن بحراً الى الخليج يُعد أقل كلفة من العبودية"، قال "الكارثة الكبرى ستكون إن لم يعد في مقدورنا التصدير والاستيراد عبر البحر لا سمح الله".
أرقام:
- 176 مليون دولار قيمة ما صدّره لبنان (منتجات زراعية وصناعية) عبر "المصنع"
- بين 250 و350 طناً يومياً من المنتجات الزراعية تصدّر الى سوريا والعراق عبر المصنع
- يشكل "المصنع" معبراً مهماً للاستيراد من الإمارات والسعودية لكل أنواع الحليب والألبان والأجبان ورقائق البطاطا "الشيبس" والسكاكر والمعلبات