المصدر: الراي الكويتية

The official website of the Kataeb Party leader
الخميس 13 شباط 2025 01:49:02
فيما تنشدّ المنطقةُ إلى «سبت الجحيم» الذي لوّح به الرئيس دونالد ترامب في غزة ويرتبكُ العالم أمام الطروحات «السوريالية» لتهجير أهل القطاع و«تأجيره» أو تملّكه وإقامة دولة فلسطينية «على أرض الآخَرين»، ينشغل لبنان بـ«ثلاثاء الهدنة المُمدَّدة» مع إسرائيل والتي تبدو على مَشارف «وقت إضافي» ثانٍ (لعشرة أيام جديدة) طلبتْه تل أبيب ويُتوقَّع أن يَسْري رغم الاعتراض الصريح من بيروت والرفض المبدئي من واشنطن، ما لم يَسبق ذلك مخرجٌ يوائم بين المَخاوف الأمنية التي تتذرّع بها الدولة العبرية للبقاء في نقاط داخل أراضي «بلاد الأرز» وبين الحقوق السيادية للأخيرة وتَمَسُّكها بانسحاب الاحتلال من آخِر شبرٍ سيطرت عليه خلال الحرب الطاحنة.
سبت غزة
وقبل سبت غزة وبعد 18 فبراير اللبناني - الإسرائيلي، تَنْهمك بيروت بتطورين، سياسيّ سيترك ارتدادات على المَشهد الداخلي حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة و «يشْبك» مع المتغيرات التي طرأت على المستويين المحلي والإقليمي، وتأبينيّ مدجّج برسائل بوليتيكو - شعبية برسْم الداخل والخارج.
- فغداً تحلّ ذكرى عقدين على اغتيال الرئيس رفيق الحريري في جريمةٍ كانت «الهزة السبّاقة» للزلازل التي ضربتْ الإقليم تباعاً خصوصاً منذ 2011 وبدت معها الـ 2 طن وأكثر التي انفجرتْ على الواجهة البحرية لبيروت كأنها محمّلةً بـ «شحناتٍ» سياسية لمشروعٍ رمى إلى قَطْعِ الطريق على مسارٍ تبلور على أنقاض نظام صدام حسين وعنوانه «حكم الأكثريات في دولها» وكان من شأنه «تقطيع أوصال» النفوذ الإيراني - وكان بعدُ في أوائل صعوده - عبر حلقة سورية - لبنان، فحصل التقاطع بين طهران ودمشق والذي شكل المسرح السياسي لتجاوُز كل الخطوط الحمر وشطب الرجل المتعدد البُعد والدور في لبنان والمنطقة.
وتحت عنوان «بالعشرين عالساحة راجعين»، سيعود «تيار المستقبل» وزعيمه الرئيس سعد الحريري إلى ساحة الشهداء بـ «أقصى قوة» شعبياً، ليعلن طيَّ صفحة تعليق حزبه العمل السياسي وفق القرار الذي اتخذه في يناير 2022، ويمهّد للانخراط في الانتخابات البلدية (موعدها في غضون شهرين) ثم النيابية (مايو 2026) التي يُرجّح أن تكون المدخلَ الذي سيَعتمده الحريري الابن للعودة إلى المعادلة السياسية من بوابة صناديق الاقتراع (ولو لم يَخُضْ بشخصه الانتخابات).
إطلالة الحريري
وتكتسب إطلالة الحريري غداً، على بحرٍ من الناس سيتقاطرون إلى محيط ضريح الرئيس الشهيد، والكلمة التي سيُلقيها أهميةً بالغة ويتم رصدها باهتمام كبير، علماً أن الذكرى هذه السنة هي الأولى بعد سقوط نظام بشار الأسد وضمورِ نفوذ طهران وحزب الله في لبنان والمنطقة ربطاً بالتحولات المتلاحقة التي حصلتْ في ضوء ما بعد «طوفان الأقصى» خصوصاً حرب إسرائيل والحزب، وارتسام ملامح «لبنان الجديد» الذي أطلّ برأسه من الانتخابات الرئاسية التي حملتْ العماد جوزف عون إلى قصر بعبدا والقاضي نواف سلام إلى رئاسة الوزراء وصولاً إلى تشكيل حكومة عكستْ بوضوحٍ موازين القوى الإقليمية الجديدة وعبّرت عن مواصفات إصلاحية في الشكل والمضمون.
واستوقف أوساطاً سياسية أن زعيم «المستقبل»، الذي وصل إلى بيروت مساء الثلاثاء، وجال أمس، على رؤساء الجمهورية والبرلمان والوزراء والرئيس السابق نجيب ميقاتي ومفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، كان ضمّن حيثيات إعلان اعتكافه قبل 3 أعوام «أن لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والتخبط الدولي، والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة».
تشييع نصرالله
- وفي 23 الجاري يشيّع «حزب الله» أمينه العام السابق السيد حسن نصر الله ورئيس المجلس التنفيذي هاشم صفي الدين (في مدينة كميل شمعون الرياضية ومحيطها)، اللذين اغتالتهما إسرائيل في سبتمبر وأكتوبر الماضييْن، على أن تكون المراسم الجماهيرية الحاشدة «صندوقة بريد» لرسالة لا تحتاج إلى فكّ شيفرتها: «نحن هنا» و«لم ننتهِ» و«بيئتنا على العهد».
وإلى الأبعاد المحلية والخارجية للحشد الشعبي والمشاركة من «دول المحور» الإيراني، فإنّ هذه المناسبة تحوّلت معياراً يُعتمد لاستشراف ردّ فعل «حزب الله» على التمديد الثاني للهدنة بموجب اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل، وسط اقتناعٍ بأن أي خطوة من الحزب يصعب أن تحصل قبل 23 الشهر باعتبار أن هذا التاريخ يريده أن يكون جزءاً من «المعركة» التي بدأ يروّج في الفترة الأخيرة أنها يمكن أن تحمل أشكالاً مختلفة إلى جانب «العسكري».
«حزب الله»
على أن أوساطاً متابعة ترى أنه حتى بعد 23 الجاري يصعب تَصَوُّر أن يلجأ «حزب الله»، الذي انتهى دورُه الإقليمي عسكرياً منذ توقيع اتفاق 27 نوفمبر (نصّ على تفكيك أي بينة عسكرية له جنوب الليطاني أي على الحدود مع إسرائيل تمهيداً لإنهاء وجوده خارج الشرعية شماله) وتالياً بات «محلياً» في وظيفته وإن ذات امتداد إيراني، إلى العمل العسكري رداً على بقاء نقاط لبنانية تحت الاحتلال (رغم عودة مستوطني الشمال بدءاً من مطلع مارس)، وسط اقتناعٍ بأنّ الحزب سيقابل إعلاءَ لبنان الرسمي بإزائه لغة حصرية السلاح بيد الدولة باستخدام تمديد إسرائيل احتلالها للتصويب عليها والدول الداعمة لها وتأكيد «صوابية خيار المقاومة» والحاجة إليه، قافزاً فوق أن هذه اللغة صارت «من الماضي» ومن زمن ما قبل التحولات الجيو - سياسية في المحيط.
وفي هذا الوقت، وبينما أفيد في بيروت أن لجنة مراقبة تطبيق وقف النار والقرار 1701 التي يترأسها جنرال أميركي والتي تعقد اجتماعاً يوم غد تبلّغت أن الجيش الإسرائيلي يطلب البقاء في 5 نقاط (تلال إستراتيجية) في جنوب لبنان حتى 28 الجاري وأن الجانب اللبناني رفض هذا الطلب بشكل قاطع، برز أن الجيش الإسرائيلي استبق موقف الولايات المتحدة - التي تحفّظت عن تمديد الهدنة وذكرت تقارير أنها نقلت إلى الجانب اللبناني نية إسرائيل تمديد المهلة حتى نهاية فبراير - وأعلن «من جانب واحد» أنه «تم تمديد فترة تطبيق الاتفاق ولايزال الجيش الإسرائيلي منتشراً في الميدان ولذلك يُمنع الانتقال جنوباً ويُحظر على سكان جنوب لبنان العودة إلى منازلهم في المناطق المعنية حتى إشعار آخر».
أدرعي
وهذا الموقف الذي جاء في صيغة «إعلان عاجل إلى سكان لبنان وخاصة الجنوب اللبناني» وجّهه المتحدث باسم الجيش الإسرائيليّ أفيخاي أدرعي عبر حسابه على «إكس»، في ظل تقارير من تل أبيب عن أن المسؤولين فيها باتوا يتعاطون مع التمديد على أنه صار أمراً واقعاً وأن ثمة عدم اعتراض أميركي عليه، وأن خططاً توضع لتكون الأيام الإضافية فسحة لتكثيف العمليات في القرى التي مازالت تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي وإطلاق عمليات بحث «بيتاً بيتاً»، مع توصيات بنشر الجيش على طول الخط الأزرق (مع لبنان) وترويجِ أن ثمة معطيات عن أن إيران تعاود مدّ «حزب الله» بالأموال لزوم إعادة تكوين نفوذه وحضوره ما يؤكد الحاجة لتعزيز «منطقة الدفاع» داخل لبنان.
تمديد وقف النار
وفي موازاة ذلك، أوردت قناة «الحدث» أن «إسرائيل ولبنان اتفقتا على تمديد اتفاق وقف النار إلى ما بعد شهر رمضان وعيد الفطر» وان إسرائيل «ستبقي قواتها في بعض مناطق الجنوب اللبناني ولا سيما في القطاع الشرقي»، وأن تل أبيب وبيروت «تنتظران قرار دمشق في شأن مزارع شبعا المحتلة (هل هي سورية ام لبنانية) مع توجه لإقرارها أراض سورية».
وإذ أفادت القناة «أن حزب الله اتفق مع الرئيس بري على تمديد اتفاق وقف النار مرة ثانية»، خلافاً لمعطيات خالفت هذا الأمر باعتبار أن الحزب كان رفض التمديد الأول، أوردت أن المبعوثة الأميركية للبنان مورغان اورتاغوس ستعود خلال أيام إلى بيروت وإسرائيل لتثبيت الاتفاق، وان تل أبيب تعهدت بالانسحاب التدريجي من جنوب لبنان خلال الأيام المقبلة ولكنها لم تتعهد بوقف الاغتيالات في لبنان، مضيفةً أن«قادة من حزب الله على رأسهم أمينه العام الشيخ نعيم قاسم ووفيق صفا على رأس قائمة الاستهدافات».
وسارعت الرئاسة اللبنانية عبر مكتب الاعلام لإعلان«ان لا صحة لِما بُث عن اتفاق بين لبنان وإسرائيل على تمديد وقف النار لما بعد عيد الفطر»، مشددة على أن الرئيس جوزف عون«أكد مراراً إصرار لبنان على الانسحاب الكامل للعدو الإسرائيلي ضمن المهلة المحددة في 18 الجاري».
«اليونيفيل»
وكانت تقارير في بيروت تحدّثت عن أن مجموعة أفكار يتم بحثها لمعالجة إصرار إسرائيل على البقاء في التلال الخمس الإستراتيجية (جبل بلاط وتلال اللبونة والعزية والعويضة والحمامص) وبينها أن تتولى قوات أميركية (من أعضاء لجنة المراقبة) وفرنسيّة الانتشار فيها مرحلياً، وهو ما يتحفظ عنه لبنان الذي يفضّل انسحاب إسرائيل منها لتأكيد سيادته عليها مع تحبيذ أن تنتشر فيها قوة«اليونفيل»تحت إشراف الجيش اللبناني.
وسبق ذلك تعهُّد الرئيس نواف سلام في إطلالة تلفزيونية مساء الثلاثاء«بسط سلطة الدولة»على كل أراضي لبنان، معلناً رداً على سؤال حول هل مندرجات اتفاق وقف النار (وتفكيك بنية حزب الله العسكرية) تشمل جنوب الليطاني أو شماله أيضاً أنه«على امتداد مساحة لبنان من النهر الكبير إلى الناقورة، فإن ما يجب أن يُطبق هو ما أتى في وثيقة الوفاق الوطني (اتفاق الطائف) التي تقول ببسط سلطة الدولة اللبنانية بقواها الذاتية على كامل أراضيها»، و«هذا قبل 1701 وقبل الاتفاق الأخير لوقف النار».
وشدّد على أن الحكومة ستواصل«تجنيد كل القوى الدبلوماسية والسياسية حتى ننجز الانسحاب ليس في تاريخه بل قبله، ولبنان قام بدوره كاملاً بإرسال الجيش، وبالتعامل بجدية مع تطبيق القرار 1701، ونحن غير مقصّرين أبداً بتنفيذ التزاماتنا».