إس - 400 في تركيا... سوريا وقبرص واليونان وبلغاريا مهدَّدَة!

بين مقاتلات "إف - 35" الأميركية، وصواريخ "إس - 400" الروسية، والعقوبات، تتنقّل تركيا بين الأميركيين و"الناتو" والروس، مثل من يصرّ على إخماد نيران آكِلَة، ببنزين.

فوزير الدّفاع التركي خلوصي أكار اقترح حلّاً جديداً للخلاف مع واشنطن حول أنظمة الدفاع الجوي الروسية، من خلال تطبيق ما دعاه "نموذج كريت". فالجزيرة اليونانية تحوي صواريخ "إس - 300" الروسية، كانت طلبتها قبرص خلال التسعينيات، لردع أنقرة عن اختراق مجالها الجوّي. وبعدما هدّدت تركيا بتدميرها إذا نُشِرَت في الجزيرة، تمّ التوافُق على وضعها بمخزن في جزيرة كريت اليونانية. ولم تنشّط اليونان تلك الأنظمة إلا لتدريبات عسكرية، في عام 2013. 

فقدان الثّقة

إقتراح هذا النّموذج يعني أن تركيا لن تتخلّص من "إس - 400"، وأن التعقيدات لا تزال كبيرة، إذ إنها ترتبط بفقدان الثّقة بين الغرب وأنقرة، بسبب أطماعها التوسّعية.

فاليونان مثلاً، تنتمي الى "الناتو"، وهي تمتلك صواريخ روسية منذ سنوات، دون مشاكل. فضلاً عن أن دولاً أوروبية كانت تنتمي الى حلف "وارسو" في الماضي، وانضمّت إلى المنظومة الغربية في ما بَعْد، وهي لا تزال تمتلك أسلحة سوفياتية الصّنع، دون مشاكل أيضاً، وذلك بغضّ النّظر عن أن ليس كلّ الأسلحة الروسية في اليونان ودول "وارسو" سابقاً، حديثة تماماً. 

سدّ عازل

أوضح العميد المتقاعد، وقائد عمليّة "فجر الجرود"، فادي داوود، أن "التوجُّس الأميركي والغربي من استقدام السّلاح الروسي الى تركيا، يعود في الأساس الى موقعها ودورها كمنطقة عازلة بين نفوذ "الناتو"، والنّفوذ الروسي".

وعن الأسباب التقنية التي تدفع واشنطن الى التوجُّس من "إس - 400" في تركيا، شرح في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" أنه "لا بدّ من النّظر الى مدى هذا الصاروخ لفَهْم ذلك، إذ يُقال إن مداه يصل الى 600 كيلومتر". 

وأضاف:"في عملية حسابية دقيقة، نجد أنه إذا نُصِبَت تلك الصّواريخ في جنوب تركيا، فإنها تُقفِل المجال الجوّي الجنوبي وصولاً الى دمشق. وإذا نُصِبَت في الجُزُر التركية المتوسّطية، ستُقفِل المجال الجوّي لجزيرة قبرص. أما إذا نُصِبَت في إزمير، فإنها تُقفِل المجال الجوّي وصولاً الى العاصمة اليونانية أثينا. وإذا نُصِبَت في اسطنبول، فإنها تُقفِل المجال الجوّي وصولاً الى العاصمة البلغارية صوفيا". 

تعطيلها 

وأكد داوود أن "من يبيع سلاحه، لا يفعل ذلك ليُستعمَل ضدّه. وبالتالي، فإن روسيا لن تبيع تركيا "إس - 400"، لتمكين أنقرة من استعمالها ضدّها، نظراً الى أن موسكو تمتلك أسرار تلك الصّواريخ". 

وقال:"فضلاً عن أن "إس - 400" في تركيا، تعبّر عن تهديد باستعمالها ضدّ جهة تتمتّع بتاريخ من الخصومة مع الرّوس. وهنا يبرز القلق على الطائرات الأميركية الموجودة في تركيا، وعلى الحضور العسكري الأميركي والبريطاني في جزيرة قبرص". 

تكنولوجيا التّصنيع 

وذكّر داوود بأن "حصول تركيا على "إس - 400" هو ضمانة لروسيا بالوصول الدّائم الى المياه الدّافئة". 

وردّاً على سؤال حول إمكانيّة أن تنجح تركيا في إيجاد عقيدة قتالية جديدة، مُوازِيَة للعقيدتَيْن الغربية والشرقية، أجاب:"تركيا تلعب على التناقُضات والتوازنات الأميركية - الغربية - الروسية. فالأميركيون رفضوا منحها تكنولوجيا تصنيع صواريخ "باتريوت" على أراضيها، سابقاً. فانتقلت (تركيا) آنذاك الى الصين، وطلبت شراء أنظمة دفاع جوّي مقابل نقل تكنولوجيا التّصنيع الصّينيّة إليها، فرفضت بكين الطّلب. عندها ذهبت (أنقرة) الى شراء "إس - 400" الروسية، وطالبت قبل أسابيع بالحصول على تكنولوجيا التّصنيع الروسية أيضاً، دون أن تحصل على جواب روسي على ذلك". 

مستقلّ 

وشدّد داوود على أن "لا أحد من الدول الكبرى يقبل بنقل تكنولوجيا تصنيعه العسكري الى خارج حدوده. فالرئيس التركي رجب طيّب أردوغان يبحث عن دور عسكري مستقلّ، ينسجم مع إعادة إحياء السلطنة العثمانية والخلافة الإسلامية. وتقوم حساباته في هذا السّياق على أنه بحلول عام 2023، سيحقّق استقلالاً تامّاً في الصناعة العسكرية، في شكل مستقلّ عن "الناتو"، وغير مُندمِج مع التقنيات العسكرية "الأطلسية". 

وتابع:"الدبّابات وطائرات "الهيليكوبتر" التركية ومسيَّرات "بيرقدار" التي حسمت الحرب بين أرمينيا وأذربيجان قبل أشهر، تُصنَّع في تركيا أصلاً، وتؤكّد الطّموح التوسّعي التركي". 

وختم:"انخراط تركيا في الميدان الليبي لا تنحصر أهدافه بالوصول الى نفط ليبيا فقط، بل تتعدّاه الى تسهيل وصول أنقرة الى أفريقيا الوسطى. وهذا دليل إضافي على الرّغبة التركية بمزيد من التوسُّع".