المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الاثنين 8 نيسان 2024 16:42:44
كان ينقص جدول تسلسل الأحداث المحلية المتسارعة خبر استدعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي شخصين من عين الرمانة للمثول أمامه غدا الثلثاء 9 الجاري في إطار ملف حادث الطيونة.
ثمة أوساط سياسية استغربت مسألة الإستدعاء، إلا أن الأهم أن أوساطاً قضائية على علم ودراية بخفايا حادث الطيونة الذي اندلعت شرارته في 14 تشرين الأول 2021 وكاد يكون 13 نيسان 1975 جديدا، استهجنت إعادة تحريك الملف واستعمال القضاء كأداة للتلاعب بالسلم الأهلي.
موجة الإستغراب بدأت في أيار الماضي عندما استعاد عقيقي ملفّ أحداث الطيونة، وبدأ النظر فيه بعد أن كان بعهدة مفوّض الحكومة المناوب القاضي هاني الحجّار وكان رسا عدد الموقوفين في هذه القضية على أربعة أشخاص من القوات اللبنانية وحركة أمل بعد إطلاق سراح باقي الموقوفين، الذين تجاوز عددهم في بداية الأحداث الـ50 شخصاً.
آنذاك لم تتضّح أسباب هذا التبدّل المفاجئ والمستغرب، علماً أن عقيقي رفع يده عن الملف بقرار من محكمة الاستئناف في بيروت التي ردّته بسبب "الارتياب المشروع"، أو بسبب تباين بوجهات النظر بينه وبين القاضي هاني الحجّار في مقاربة الملف، على خلفية ادعاء عقيقي على رئيس حزب القوّات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، ولم يستجب صوّان. وكان أصدر الأخير قراراً بإطلاق سراح آخر موقوفَين في الملف وهما ش. أبو رجيلي، من مؤيّدي القوّات اللبنانية، و ج. العمّار، من مؤيّدي حركة أمل، حيث وافق الحجّار على قرار إخلاء السبيل من دون أن يعمد إلى الطعن به أمام محكمة التمييز.
مصادر قضائية تؤكد لـ"المركزية" أن هناك تمايزاً بين العملي والنظري في قانونية إعادة "نبش" ملف حادث الطيونة، أيضا بين ماذا يقول القانون وكيف يمارس اليوم؟". وتشير إلى أن الملف لم يُقفل بدليل سحبه من القاضي هاني الحجار من قبل مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي.
إذا قانوناً الملف لم يُقفل. لكن حتى لو حصل ذلك توضح المصادر يكون هناك قرار بحفظ الملف في انتظار ورود أدلة أو إخبارات جديدة عندها يعاد فتحه والتوسع بالتحقيق من جديد.
سواء حُفظَ الملف في انتظار ورود معطيات جديدة، وعلى ما يبدو أنها وصلت، وهذا يعني أن التحقيق يسير على قدم وساق، وعليه يحق للقاضي استدعاء اشخاص بناء على هذه المعطيات. وفي حال أقفل أيضا يحق للقاضي باستدعاء أشخاص والتحقيق معهم لأن الملف يكون محفوظا بانتظار وصول معطيات جديدة. "لكن المستغرب أن 4 ملايين لبناني يدركون خفايا ما حصل في الطيونة وبالتالي فإن أسباب إعادة تحريك الملف والموافقة على ذلك يثيران علامات استفهام". أكثر من ذلك تضيف المصادر أن إعادة إحياء هذا الملف تعني إعادة تحريك خيوط الفتنة "لأننا لم نصدق كيف تم إقفاله لتجنيب البلاد حربا طائفية. من هنا ترجح المصادر أن تكون هناك أسباب جوهرية تستوجب إعادة فتحه.
من النقاط التي استوقفت المصادر القضائية ادعاء عقيقي على جعجع، والإصرار على جلبه إلى مقرّ المحكمة العسكرية واستجوابه كمتهم رئيسي في الملفّ"، مشيراً إلى أن عقيقي "طلب من صوّان أن يبلغه بموعد استجواب جعجع حتى يحضر الجلسة شخصياً، ويطرح الأسئلة التي يراها مناسبة، ويبدي مطالبه في نهاية التحقيق، خصوصاً أن عقيقي يعتبر جعجع مسؤولاً رئيسياً عمّا حصل في الطيونة". وفي هذا السياق ترسم المصادر علامات استفهام حول استدعاء جعجع الا انها تُذكِر برد جعجع آنذاك حيث قال "عندما تستدعون أمين عام حزب الله وتستجوبونه، آنذاك أمثل أمام القضاء".
متحسرة على قضاء أيام زمان "المجرد" وغير "المنحاز" تذهب المصادر في قراءتها إلى أن لعبة تسييس القضاء واستعمال بعض القضاة آداة لتنفيذ رغبات المنظومة السياسية وأن القضاء في جهة والواقع في مكان آخر. وإلا كيف نفسر استدعاء عقيقي شخصين من عين الرمانة لاستجوابهما بعد عامين من وضع الملف في الحفظ، هل تكون الأسباب قانونية أم سياسية؟ وهل يجوز أن يستدعي القاضي شخصا ليسأله "ماذا رأيت وماذا سمعت"؟.
ليس جعجع وحده من رفض المثول أمام القضاء في حينه .القاضي صوان تجاهل استدعاء جعجع ورفض السير به وكما ورد على لسانه "إذا كان لا بد من ملاحقته بهذا الملفّ، فيجب المساواة بين الجميع، وأن يسري ذلك على قيادات الطرف الآخر، التي غطّت وبررت أفعال محازبيها، ونفذت استعراضات عسكرية غير مسبوقة في هذه المنطقة الحساسة"؟
بعد عامين على حفظ ملف حادث الطيونة، ثمة تمن "بأن يكون هناك وعي لدى القضاء ويعلن على الملأ أن أفضل ما حصل في الملف أنه طُويَ في المكان والزمان المناسبين. فهل يجوز إعادة فتحه؟" وتختم المصادر"اللعب في ملفات مماثلة كمن يلعب بالنار . ما الشمس طالعا والناس قاشعا والكل يعلم من هي الجهة المعتدية في حادث الطيونة فهل يجوز استجواب الضحية وترك المعتدى عليه يسرح ويتفرج على ضحاياه".