المصدر: independent arabia
الثلاثاء 14 آذار 2023
كتبت سوسن مهنا في اندبندنت عربية:
بين الفينة والأخرى يتصدر طريق مطار بيروت الدولي وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي، بدءاً بشكاوى المواطنين من الزحمة غير العادية، إلى انقطاع التيار الكهربائي عنه، مروراً بالمشكلات الإدارية الناتجة من صراعات سياسية على تعيين مراقبين جويين، إضافة إلى شهادات عدة تحدثت عن سرقات من حقائب المسافرين، وصولاً إلى غيرها من الحوادث الأمنية الخطيرة.
في نهار الثامن من مارس (آذار) الحالي نجت طائرة مدنية من كارثة محققة قبل هبوطها في المطار، وذلك إثر اشتباك مسلح بين آل صفوان وآل المقداد، جرى فيه إطلاق نار كثيف في محلة الجناح-السلطان إبراهيم في الضاحية الجنوبية لبيروت، كما أفيد عن قيام المدعو "ح. ص" بإطلاق قذيفتي "بي 7" وذلك على خلفية إشكال سابق بين العائلتين منذ أيام. وأشعلت الحادثة مواقع التواصل بحملة "شيلوا المطار من طريق المطار"، أي انقلوا المطار من مكانه، إضافة إلى أصوات نادت بإنشاء مطار آخر في منطقة آمنة.
حوادث المطار تستدعي الهلع
لم تكن هذه الحادثة الأولى من نوعها، ففي كل مرة يعيش سكان منطقة محيط المطار فرحاً أو حزناً أو نجاحاً أو إذا ما احتفلوا بقدوم عام جديد، وأحياناً بولادة طفل، يلعلع الرصاص من السلاح المتفلت، فيصيب المطار بطائراته ومدارجه، وما ينتج من ذلك من تعريض حياة المسافرين عبره من لبنانيين وعرب وأجانب للخطر.
في شهر يناير (كانون الثاني) 2022 تداولت بعض المواقع الإلكترونية، معلومات عن تعرض طائرات في المطار لإطلاق نار، ما اعتبر مؤشراً خطيراً وغير مسبوق لتدهور الأحوال الأمنية والعامة في لبنان، إلا أن وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال، علي حمية، نفى حينها هذه المعلومات، مؤكداً أنه تمت مراسلة جهات متخصصة في الولايات المتحدة لإعداد تقرير عن ثقب تعرضت له طائرة يونانية في مطار بيروت. وقال حمية إنه "حرصاً على الشفافية وعدم التسرع في النفي أو التأكيد، انتظرنا التقرير الفني من الجهات المعنية في المطار، فأكد عدم تعرض الطائرة المذكورة لأي رصاص". وشدد الوزير على أن التقرير المتخصص "جزم أنه ليس هناك أي رصاصة في الثقب المذكور". وعلق حمية على حادثة أخرى كانت تعرضت لها طائرة قطرية، فقال إنه "تبين أن هناك قطعة معدنية علقت في إحدى إطاراتها، من دون أن يتسبب ذلك بأي مخاطر تذكر، وهذا قد يحصل في كل مطارات العالم". لكن رغم ما أعلن عنه الوزير، أعلنت شركة طيران "إيجيان" اليونانية في ذلك الوقت، أنها علقت جميع الرحلات الجوية إلى بيروت، في انتظار نتائج التحقيق لمعرفة السبب وراء الأضرار التي لحقت بإحدى طائراتها التي كانت متجهة إلى بيروت. وقال بيان لأكبر شركة طيران في اليونان إن الطاقم الأرضي في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت اكتشف أضراراً خارجية في جسم الطائرة التي أقلعت من أثينا في 10 يناير 2022، مما دفع شركة الطيران في اليوم التالي إلى تعليق جميع الرحلات الجوية من وإلى بيروت.
وخلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، أكد مصدر في "طيران الشرق الأوسط"، إصابة "طائرة تابعة للشركة برصاصة طائشة أثناء هبوطها في مطار بيروت، وأشار إلى أن "الرصاصة اخترقت سطح الطائرة إلى داخلها من دون تسجيل أي إصابات". وحذر المصدر نفسه حينها من "استمرار إطلاق الرصاص في محيط المطار"، لافتاً إلى أنه "سبق أن أصيبت طائرات أخرى وهي رابضة في مطار بيروت الدولي، ولكن هذه المرة هي المرة الأولى التي تصاب فيها طائرة أثناء تحليقها". وأثناء رحلة عودة طائرة من العاصمة الأردنية عمان، اخترقت رصاصة من سلاح رشاش مقدمتها، قبل أن تحط على أرض مطار بيروت بثوان قليلة، وقيل إن الرصاصة جاءت نتيجة إطلاق نار أثناء مراسم تشييع في الضاحية الجنوبية، الأمر الذي أحدث حالة من الهلع بين ركاب الطائرة، لا سيما أن الرصاصة أحدثت ثقباً في الجسم المعدني للطائرة، وهي من طراز "إيرباص إيه 321"(A321 Airbus) وكان على متنها حوالى 150 راكباً، بينهم النائبة في البرلمان اللبناني بولا يعقوبيان، ما استدعى أن تصرح يعقوبيان بأنه "بدل صباح الخير، صار لازم نقول لبعض الحمدالله على السلامة. لبنان السلاح المتفلت والرصاص الطائش يجب أن يوضع له حد".
في بداية العام الحالي، أصيبت طائرتان لـ"طيران الشرق الأوسط" برصاص طائش، بحسب وسائل إعلام لبنانية، وأفيد بأن الطائرتين "T7-ME9" و "T7-ME2" سحبتا إلى حظيرة الطائرات لإصلاحهما، بعد تضررهما من الرصاص، وفي حادثة خطيرة أخرى، أصيب هاتف خلوي برصاص طائش يعود لمواطن كان يغادر مطار بيروت عند منتصف الليل وهو يجر حقائبه، كل ذلك يحصل وسط عجز السلطات المتعاقبة عن ردع أو معاقبة الفاعلين الذين يكونون أحياناً معروفين لدى السلطات الأمنية.
وكان وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال القاضي بسام مولوي بعد جولة على أقسام المطار في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بمرافقة قائد جهاز أمن المطار العميد نبيل عبدالله وكبار الضباط في الجهاز وقوى الأمن الداخلي والأمن العام في المطار، صرح في مؤتمر صحافي، أنه ناقش "مع جهاز أمن المطار بعض الخروقات الأمنية التي سجلت في الفترة السابقة حول المطار والمواضيع التي تهدد سلامة الطيران كإطلاق النار العشوائي أو الرصاص الطائش في أماكن محيطة بالمطار"، وأضاف أنه "يجب وضع حد لذلك وهذا ما سيحصل، فوزارة الداخلية وجهاز أمن المطار والمتخصصون يعملون لإيجاد حل، إذ من غير المعقول أن يشهد محيط المطار الرصاص الطائش"، وطمأن المسافرين إلى سلامة قدومهم إلى لبنان".